رأي الراية:
القدس أهم من الانتخابات
بعد 13 عام من تعطيل العملية الديمقراطية بكل صورها، يخرج علينا بشكل شبه يومي من يدعي حرصه على إجراء الانتخابات، والاستعجال بإجرائها بأي شكل وفي أي ظروف حتى بدون القدس.
ولتوضيح الواضح فإن أهم الحقائق التي تغيب عن "الديمقراطيين الجدد" أن إجراء الانتخابات دون القدس عاصمة الدولة الفلسطينية هو مسمار أخير في نعش معركة القدس الفلسطينية والعربية، وبمثابة خدمة مجانية لليمين المتطرف في تل أبيب ليسدد ضربته القاضية بإخراج القدس من دائرة الصراع.
إنها فرصة فلسطينية لن تتكرر في إطار المعركة المحتدمة على هوية الأرض والكيانية الوطنية، التي عمدها العالم بشرعية 138 اعتراف، وقيادة فلسطين مجموعة 77 والصين، وقرار المحكمة الجنائية الدولية التاريخي بما فيها جريمة الاستيطان في القدس المحتلة، وقبل كل ذلك معركة البوابات الالكترونية التي أكد فيها المسلمين والمسيحيين وحدتهم ضد تهويد عاصمة السماء والأرض.
إن الإصرار على الانتخابات في عاصمة دولة فلسطين هو أعلى درجات المقاومة، وأقوى أشكال الاشتباك السياسي والقانوني في مواجهة نتسلح فيها بإرادة شعبنا وصمود المقدسيين والتفاف العالم حول مسعانا الديمقراطي لتمثيل كل الفلسطينيين داخل حدود دولتنا والتمسك بسابقتين تم خلالها إجراء الانتخابات في القدس 1996 وعامي 2005-2006.
المطلوب دعم موقف القيادة الفلسطينية والتفاف حول إصراره على اجراء الانتخابات في القدس وعلى أرض القدس، في معركة فاصلة نتائجها حتمية لصالح حقوقنا في حال التريث والتوحد حول هذا النضال السياسي والمواجهة القانونية.
إن إصدار المرسوم الرئاسي دون ضمانات دولية بإجراء الانتخابات في القدس يجعل هذا السلاح الهام يرتد إلينا، وبدلا من الضغط على المجتمع الدولي لدعم وحماية هذا المسار، سيدفعنا العالم الى حلول ترقيعية، أو حلول وسط على حساب هذا الثابت الوطني.
التريث في إجراء الانتخابات لعدة أشهر على الأقل إلى حين عقد الانتخابات الاسرائيلية مهم لمعرفة توجهات حكومة الاحتلال القادمة، وكذلك فرصة لاستكمال المشاورات الوطنية بين كل الفصائل والقوى التي تؤمن بالديمقراطية والتداول السلمي للسلطة لتذليل العقبات وتوسيع دائرة الحوار لإجراء انتخابات نزيهة في أجواء من الحرية والقبول بالأخر.
المقارنة بين القدس وأي شيء آخر لا تصح، فالقدس مُقدمة على كل ما سواها، وهذا لا يعني الغاء أو تأجيل الانتخابات، بل يجب ان يتمسك الكل الوطني بأولوية اجراء الانتخابات في القدس بالتزامن مع كل المحافظات الفلسطينية، لأن العكس يعني انتصار اليمين الاسرائيلي في الانتخابات القادمة، بإعلان خروج القدس من الصراع تماما وهذه المرة بإقرار فلسطيني لن يكون بإذن الله.
يجب أن يعلم الجميع ان القبول بالانتخابات دون القدس سيجعلنا في كل انتخابات نتنازل عن مدينة جديدة، وسيعمل الاحتلال على منع الانتخابات في الخليل والأغوار وبيت لحم لاحقا، لأن الانتخابات قرار سياسي سيادي وفي حالتنا الفلسطينية ثابت وطنية وممر نضالي لتثبيت هويتنا على أرضنا بإرادتنا وصمودنا ومن أجل ذلك لا مانع من التريث والتمسك بالأولويات وفي مقدمتها قدس الأقداس.