تقرير خاص بالوثائق:
أين وصل الجدل حول "سيداو" وبيان "عشائر الخليل"؟
الخليل- رايــة: طه أبو حسين
سيداو ، الاتفاقية الداعية لإلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة، والتي أثارت جدلًا واسعًا في فلسطين، لا سيّما في محافظة الخليل، الجدل الذي ارتفع صوته عبر بعض الأحزاب والعشائر ، ثم سرعان ما أثارت ردّات الفعل عليها جدلًا أوسع، خاصة بعد اجتماع عشائر المحافظة في ديوان عائلة التميمي واعلانهم عن بيان فيه سبعة بنود تحمل بين طياتها لغة تهديد وتحذير .
القصة بدأت بعد إصدار الرئيس الفلسطيني محمود عباس قراراً بقانون حدد فيه سن الزواج للجنسين بثمانية عشر عامًا، مستثنيًا حالات محددة بقرار من المحكمة المختصة.
صدر القرار ومواقع التواصل الإجتماعي اشتعلت ما بين معارض ومؤيد أو متحفّظ، وبقيت الأمور كذلك حتى أعلنت حركة فتح إقليم وسط الخليل بيانًا رافضًا لاتفاقية ومطالبًا بالعدول عن البنود المتعارضة مع الشريعة والقيم الفلسطينية.
في ذات اليوم الذي صدّرت به حركة فتح بيانها بالخليل، اجتمع وجهاء وعشائر المحافظة في ديوان عائلة التميمي، وخرجوا ببيان عنوانه الأبرز "الرفض الكامل لسيداو". غير أن هذا البيان، أثار ضجة أخرى، لا سيّما في صفوف الجمعيات النسوية.
شبكة راية، وعبر مراسلها في الخليل، اجتهدت لجمع كل الآراء والمواقف من اتفاقية سيداو، فالتقت عميد رجال الاصلاح في الخليل عبد الوهاب غيث "كل الاتفاقية فيها خطر، فكل بند يخالف الشريعة الاسلامية خطر على العرض والدين".
جبريل السراحنة أحد وجهاء العشائر قال "الكثير من النقاط في اتفاقية سيدوا وضعوا لنا السم في الطعام تحت مسمّى تحرير المرأة واعطاء المرأة حقوقها وانصافها".
لعل الجدل الأكبر من بيان العشائر دار حول الدعوة لاغلاق جميع المؤسسات النسوية وتحذير القضاة ووسائل الاعلام.
مريم إسماعيل منسقة طاقم شؤون المرأة في الجنوب، قالت "تحفظاتنا على كل ما ورد في هذا البيان، لأن كل ما ورد فيه معادي لكل ما تعمل فيه الحركة النسوية، فنحن نتخوّف من كل ما ورد بالبيان، ونتخوف من الاعتداء على الناشطات والمؤسسات النسوية".
واعتبرت عضو الإتحاد العام للمرأة الفلسطينية أمل الجعبة أن البيان "استهداف السلم الأهلي والنسيج الوطني الفلسطيني، وفيه إجحاف وتراجع عن المنجزات الاجتماعية والوطنية والنضالية التي حققتها المراة والمؤسسات النسوية".
عقب نشر بيان العشائر إلتقينا بعميد رجال الاصلاح عبد الوهاب غيث وقال بأن البيان تمت صياغته على عجل، مؤكدًا بأنهم لا يقصدون كل المؤسسات النسوية وبأنهم يحترمون بعضها، لكن مختار عائلة شاور التميمي حجازي شاور الذي شارك بالاجتماع كان له رأي آخر "البيان جاء مطبوع وجاهز، ولم يمرر على كبار العشائر لإقراره".
رغم تحفظ التميمي على بيان العشائر إلا أنه يؤكد على رفضه لسيداو ورفضه تحديد سن الزواج وكل ما يخالف الشريعة الاسلامية وقيم المجتمع الفلسطيني.
"لا خير فينا إن لم نقلها بأننا نرفض سيداو، ولا خير بقيادتنا إن لم تسمع منا". قال جبريل السراحنة أحد وجهاء العشائر.
الهيئة الإسلامية العليا- القدس، وهيئة العلماء والدعاة بيت المقدس- فلسطين، صدّرت بيانًا رافضًا التعديلات المقترحة "الخطيرة" على قانون الأحوال الشخصية الفلسطيني المستمدة من اتفاقية سيداو، خاصة فيما يتعلق بالميراث والزواج والأسرة .
الصوتُ كان عاليًا بكل تناقضاته، ما دفع رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية خلال الجلسة الوزارية الأسبوعية للحديث عن الموضوع مؤكدًا على التزام االحكومة بالثوابت والقيم الفلسطينية وعدم مخالفة الشريعة الاسلامية.
"إن قيمنا الدينية والوطنية تسمو فوق كل شيء بما ينسجم مع قرار المحكمة الدستورية وصونًا لأعراضنا ووحدة المجتمع وسيادة القانون" قال اشتية.
وفي ذلك أكد قاضي قضاة فلسطين محمود الهباش "نلتزم بما يوافق ديننا وتراثنا وقيمنا، ولن نمارس أي قول أو فعل يمس ثوابتنا وقيمنا التي شيدت تراثنا الوطني وحافظت عليه، ولن نمارس أي قول أو فعل يتعارض وشريعتنا الغراء".
الحدثُ ما زال شائكًا، وهو حديث الشارع، والمنعكس على مواقع التواصل الاجتماعي التي تتناول القضية من أبعاد مختلفة، وما زالت اللقمة في الأفواه تعلك، فهل تصل لمستوى يرضي الأطراف أم أنها ستبقى بين الأفكاك تهرس؟