الإعاقة والإبداع.. وجهان لعملة الحياة!
الخليل- رايــة: طه أبو حسين-
خيوط ومقصّات، حبات خرز ملونة، منها الفيروزي والنهدي والكريمي وألوان العلم الفلسطيني وأكثر، تداعبها أنامل مرتجفة لأمر متصل بالجهاز العصبي، وتبنيها واحدة وراء الأخرى بروح مليئة بالحياة رغم الإعاقات المختلفة لا سيّما الاعاقة العقلية.
الطفلة سديل الهشلمون تجلس مع قريناتها على طاولة تعتليها علب الحلويات والشوكلاته والألبان والعصائر، غير أنها فارغة من مسمّاها ومحتواها المفترض ومعبأة بحبات الخرز الملون، والأحجار المنوّعة، والخيوط، ومجسمات معدنية لغاية صناعة الاكسسوارات المختلفة. تقول مع ابتسامة عريضة "أنا مبسوطة وأنا أعمل بالخرز لأني أعمل سنسال".
ابتسامة سديل لا تختلف كثيرًا عن ابتسامة سجى، "سجى" التي تمسك حبات الخرز، وتضعها واحدة تلو الأخرى في الخيط المخصص لصناعة إكسسواراتها. "أحضر الخرز، وأعمل أساور وسناسيل وميداليات، فأنا أحب هذا العمل".
الطفلتان سديل وسجى، الأقدر على التعبير من بين زميلاتهن في ورشة الخرز، لا سيّما أن إعاقة بعضهن بلغت حدًا يمنعهن من الحديث كما تقول مشرفتهن ختام زاهدة. "عندي تقريبا 19 طالبة في ورشة الخرز، بعضهن تعلمن بشكل كامل، والبعض الآخر يحتاجون وقتًا أطول للضم الخرز، نتيجة مشاكل ورجفة باليدين، فهناك قدرات متفاوتة بينهن، لكنهن مستمتعات جدًا بالورشة، ويرغبن البقاء بها عوضًا عن الدروس الأخرى".
ورشة الخرز للأشخاص من ذوي الاعاقة، تابعة لمركز الرجاء للتأهيل وتنمية القدرات، دمجت التعليم المهني مع التعليم الأكاديمي المنهجي والغير منهجي في محاولة لتفريغ طاقة طلبتها واستثمارها، وإلى جانب ورشة الخرز هناك ورشة الشمع مع المشرفة ردينة زلوم.
تقول ردينة "منذ عام 2003 بدأنا بورشة الشمع، دربنا الطلاب بالمركز، وحاليًا عندي تقريبا 8 طلاب، أعلمهم صناعة الشمع، وهم ينتجون ما نسبته 60% من خطوات تصنيعه، لكن بعض الطلبة عندهم مهارات عالية، وبعضهم قدراته بسيطة جدًا وادراكه ضعيف".
الطلبة من الأشخاص ذوي الإعاقة العقلية، والاعاقات البسيطة والمتوسطة ينشغلون بورشة الشمع بكل خطواتها باستثناء خطوة "الكي" فلا تسمح لهم المشرفة ردينة بمساسه حتى لا يحرقوا أيديهم خاصة أنه يحتاج لدقة والطلبة غالبيتهم يعانون من رجفة باليدين.
محمد علي شاب عشريني، كان يصبّ الشمع في قوالب مخصصة بأشكال متعددة، اجتهد وذكر خطوات مشاركته بتصنيع الشمع قائلًا " أعمل بورشة الشمع، أشتغل بالمسلة، أضعه الخيط بها، ونربطه، ثم نضع الملتينا، ثم نضع الورشط بالقالب وبعدها نصب الشمع فيصبح جاهزًا".
مركز الرجاء التابع لجمعية الهلال الأحمر يقدم الرعاية والعناية بالأطفال الذين حرموا العقل، ويتعامل مع ذوي الإعاقات البسيطة والمتوسطة، وممن هم قابلون للتعلم والتأهيل. لجعلهم عناصر فاعلة ومنتجة في المجتمع عبر دمجهم بالعمل.