رأي الراية:
الأرض وعجولها
الجدل حول قضية استيراد العجول والأبقار من اسرائيل، أخرج القضية من كونها معركة مع الاحتلال، الى "طوشة" داخلية لا تحقق مطالب الموزعين ولا تناسب سياسات الحكومة.
يحسب للحكومة والوزارة المعنية إصدار كل التوضيحات حول الموضوع، وعرض الدراسات التي أجريت قبل القرار، واختيار هذا التوقيت بالذات، للشروع في قرار من المفترض أن يدخل الفرحة على المزارعين ومربي العجول، ويُسعد أيضا المستوردين بعيدا عن الوسيط الاسرائيلي بالاستيراد المباشر.
مقاطعة المشافي الاسرائيلية، والشروع في التحلل من هيمنة التجارة الاسرائيلية، أدت الى غضب متنامي في اسرائيل، حتى يعلم الوسط الاقتصادي الاسرائيلي أن تهرب حكومة الاحتلال من استحقاقات السلام، هو خسارة للجميع، وأن الحل الاعتراف بالشعب الفلسطيني وحقه في الاستقلال الناجز.
خلال "الضجة" المفتعلة حول العجول، تسجل عدة ملاحظات، أولها الشائعات وروح النفس القصير، التي بثها أشخاص غير ذوي اختصاص، عبر تضخيم المخاطر والتهديدات بما يتساوق مع تسريبات الاعلام العبري، الذي يعد في نظر البعض "لا ينطق عن الهوى".
الملاحظة الثانية أن الوزارة المعنية لم تحضر الجهات المعنية والعاملين في هذا المجال من خلال حوار مفتوح وواسع مع التجار والمزارعين تمهيدا لجسر الهوة بين السياسات المخططة والتنفيذ العملي.
الكل يعلم أن معركة كسر العظم من أجل استقلال اقتصادنا بالتدريج، تعد جزء من مسيرة النضال التحريري، ومكون أساسي لعملية التنمية، قد تحمل هذه السياسة بعض المصاعب أو السلبيات أو الأخطاء، لكن في نهاية المطاف هو ممر اجباري يحتاج شراكة ومراقبة وتقييم وصبر، في مقاومة اقتصادية قانونية وانسانية ضرورية ولا يحرث الأرض إلا عجولها، وليس العجول المستوردة عبر الوسيط الاسرائيلي حتى لا يظل الاحتلال عملية مربحة.