قمة الشباب: مطالبة باستنساخ تجربة قرية الشباب في الأغوار لمواجهة الاستيطان
تحت مظلة كل من منتدى شارك الشبابي واتحاد لجان العمل الزراعي وبالشراكة مع الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة-أمان، أطلق نحو 150 شابة وشابا من قرية الشباب الواقعة على أراضي كفر نعمة- غربي رام الله، نداء موجها إلى دولة رئيس الوزراء الدكتور محمد اشتيه، وجمع من الوزراء وصناع القرار، مقدمين تحت شعار "حلول مبتكرة" نموذج القرية التعاونية المرتكزة في جوهرها على عنصر الشباب، كمشروع ريادي وطني يستهدف استصلاح الأراضي والاستثمار فيها وحمايتها من الزحف الاستيطاني، خاصة تلك الواقعة في الأغوار والمصنفة ضمن مناطق "جيم"، مشكلين بذلك مثالا يحتذى به للتشبث بالأرض والصمود عليها.
وجاءت قمة الشباب تتويجا ليوم المساءلة الوطني، والتي عقد فيها الشباب بتاريخ 30 تموز الماضي ثلاثين جلسة مساءلة حول القطاع الزراعي في الضفة والقطاع، إذ طالب الشباب في بيانهم الختامي الحكومة بالعمل على إنفاذ توصيات جلسات المساءلة المتعلقة بالقطاع الزراعي، ضمن خطة عمل مرتبطة بأسقف زمنية محددة، إضافة الى رفع قيمة ونسبة موازنة وزارة الزراعة من الموازنة العامة، وخاصة فيما يتعلق بالتنمية والتطوير وتعزيز صمود الشباب في القطاع الزراعي من خلال توجيه الجهود في طاقاتهم وقدراتهم، ودمجهم في عملية التنمية المجتمعية والاقتصادية، وخاصة الزراعية منها، والعمل على تنفيذ خطة تطوير القرية الشبابية بهدف ديمومتها واستمرار انتاجيتها، علاوة على مطالبة الحكومة باستنساخ نموذج التعاونية الشبابية في منطقة الأغوار لتوفير فرص عمل للشباب والتوجه نحو الاكتفاء الذاتي والإنتاج، تمهيدا للانفكاك الاقتصادي عن الاحتلال، وتدعيم الاقتصاد الوطني، والتي تشكل الزراعة رافدا رئيسيا له، والحفاظ على الأرض الفلسطينية في وجه محاولات الضم والتهويد الاستيطانية.
تميزت القمة بالحضور الفتيّ من شباب وشابات، إضافة لمشاركة نفر من الوزراء وصناع القرار، كسعادة القاضي موسى شكارنة، ومحافظ محافظة رام الله والبيرة الدكتورة ليلى غنام، والدكتور ناصر قطامي، مستشار رئيس الوزراء لشؤون الصناديق العربية والإسلامية، ناهيك عن شخصيات اعتبارية وممثلين عن مؤسسات المجتمع المدني، والصحفيين، والمهتمين بقطاع الشباب الواعد.
واستعرضت القمة في جوهرها الارتكاز على عنصر الشباب، الذي يشكل حوالي ثلث المجتمع الفلسطيني، في ظل الازدياد المضطرد للبطالة بين صفوف الخريجين، والتي وصلت الى 58% حسب آخر إحصائية تبعاً للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني للعام 2019، ما يؤشر الى خطر على مستقبل التنمية، ويتطلب شراكات حقيقية وتكاملية بين مؤسسات المجتمع الفلسطيني، وإخراط الشباب في جهود التنمية، وتمكينهم من المهارة والمعلومة لقيادة حراك مجتمعي قادر على التغيير والتأثير للأفضل.
د. اشتيه: نشجع النماذج المنسجمة مع استراتيجية "التنمية بالعناقيد"
وفي كلمة لرئيس الوزراء الدكتور محمد اشتيه، أعرب فيها عن سعادته كون القرية تعد انجازاً ناتجاً عن التفكير خارج الصندوق، وأنه من المهم تعميم النموذج المطروح في مختلف المناطق بقدوة الشباب، بحيث لا تكون النماذج محصورة بالقطاع الزراعي فحسب، وانما متخصصة بمختلف المجالات، كالتكنولوجيا والصناعة في الورش الحرفية، وغيرها من التخصصات.
وعبّر د. اشتيه عن استعداد حكومته تقديم المساعدة للمشاريع المنسجمة مع خطة الحكومة الاسترتيجية المعنونة "باستراتيجية التنمية بالعناقيد" تبعاً للميزة في كل منطقة، مفسّرا أن هناك ميزة تنافسية لكل منطقة تهدف الى خلق تنمية متوازنة. وقد وضح معاليه أن هذا النوع من الريادة يساهم في علاج البطالة، إذ تعاني الحكومة من البطالة المرتفعة بين الخريجين، وبالأخص الفئة العمرية 22-29 التي تشكل تحديا للحكومة، مشيرا من جهة أخرى عدم وجود بطالة إطلاقاً بين الشباب الذين يعملون بالأعمال اليدوية.
وقد نوّه اشتيه في كلمته انه سيتم تجميع صناديق التشغيل ودرء المخاطر في بنك التنمية في الأشهر القليلة القادمة لتعطي قروضاً ميسرة لمشاريع إنتاجية للشباب.
وقد أثنت السيدة رتيبة أبو غوش، رئيسة مجلس إدارة منتدى شارك على مشاركة الشباب الواعية في القمة، داعية الى منح الأراضي المتروكة في الدولة للشباب بغية استغلالهم لجميع الموارد من أجل بناء وطن أجمل.
وفي كلمة للسيد مجدي أبو زيد، المدير التنفيذي لائتلاف أمان، أشار فيها أن القمة جاءت تتويجا للعمل مع مجموعات الشباب من خلال تدريبهم وتمرينهم في مدرسة النزاهة، وتعميقهم بالقطاع الزراعي، داعيا في الوقت ذاته الى الأخذ بتوصيات الشباب وتعزيز مشاركتهم عن طريق وضع سياسات زراعية تنموية للاستثمار بالأرض، مؤكدا على أهمية إقرار قانون في الحق في الوصول الى المعلومات باعتباره الركيزة الأساسية بعملية الرقابة والمشاركة وصناعة القرار.
في حين اعتبر فؤاد أبو سيف، المدير التنفيذي لاتحاد لجان العمل الزراعي، نموذج القرية التعاونية نموذجاً تنمويا بامتياز من خلال ربطه بين القطاع الزراعي والشباب بطريقة مبتكرة تطبيقاً لمفهوم السيادة على الموارد.
وقد عرض الشباب بالتفصيل نموذج قرية الشباب والقرية التعاونية الشبابية، مقدمين توطئة حول فكرة القرية، مع استعراض لهيكل التوسعة المقترحة، وما يشملها من مبانٍ وخدمات، ومناطق زراعية، إضافة لإضاءة مكثفة حول التعاونية، وكيفية استساخها كنموذج دفاعي عن الأرض.
ومن جملة التوصيات التي رفعها الشباب مطالبين رئيس الوزراء تبنيها واعتمادها: التزام وزارة الزراعة بإنفاذ أهدافها الاستراتيجية وسياساتها وموازناتها وتطبيقها على أرض الواقع من أجل المساهمة في دعم وتطوير قطاع الزراعة والمزارعين، والإفصاح عن إجراءات استيراد المواشي، وعرض الأسعار الخاصة بالمستهلكين للمواشي المستوردة، ونشر تقارير عن عمليات الاستيراد والضرائب المتحققة، والتزام وزارة الزراعة بتحسين الخدمات المقدمة للمزارعين والمزارعات في مجال الوقاية والارشاد والبيطرة، والتواصل الميداني معهم، وتقارير سنوية كمية وكيفية حول الشكاوى التي تم استقبالها والتعامل معها، إضافة الى توفير نظام معلومات ارشادي للمزارعين لمؤشرات العرض والطلب على المنتجات الزراعية، وضرورة تقديم إعفاءات ضريبية على مدخلات الإنتاج الزراعي لدعم ، واعتماد نظام للاسترداد الضريبي الخاص بالقطاع الزراعي وتوعية المزارعين به، وتخصيص موازنة في صندوق التشغيل لدعم المشاريع الريادية الزراعية، وضرورة العمل على تسوية الأراضي وخاصة في المناطق الريفية، من أجل الحفاظ عليها وتثبيت ملكيتها، وتعزيز الدور الإرشادي الذي تقدمه وزارة الزراعة بخصوص استخدام المبيدات الزراعية، وتفعيل دورها الرقابي على المبيدات الممنوعة، وضرورة افتتاح واعتماد تخصصات زراعية في مؤسسات التعليم العالي، ترفد السوق المحلي بخبرات مهنية وفنية، تواكب التطورات، ومن خلال حزمة تحفيزية، تعميم قصص النجاح لتعليم الزراعي لتحفيز وتشجيع الطلاب على الالتحاق بها.
إضافة لذلك، أوصى الشباب بضرورة إنفاذ خطة الحكومة لاستصلاح الأراضي خاصة في محافظة الخليل، والالتزام بتوفير سولار لتشغيل الآبار الارتوازية، ومركبة زراعية لخدمة المزارعين، وشق طرق زراعية خلف الجدار، والدعم الحكومي من خلال تخفيض تعرفة الكهرباء، الاعفاء الضريبي لمدخلات الإنتاج، وتوفير المياه للمزارعين بأسعار مقبولة، وبمتابعة ورقابة سلطة المياه، وتطوير مرجعية قانونية ناظمة لتقديم التعويضات للمزارعين، واعتماد مدونة سلوك وتضارب مصالح وقبول هدايا للعاملين في قطاع التعويضات.