في القدس
30 طالبا مقدسيا رهن الإقامة الجبرية أو الإبعاد عن المنزل
اليوم الأول من العام الدراسي الجديد لم يكن عاديا بالنسبة للطالب محمد ياسر نجيب (10 سنوات)، ففور انتهاء الدوام في مدرسة ترسنتا بالقدس حيث يدرس، توجه مع والده إلى مركز تحقيق القشلة التابع لشرطة الاحتلال في البلدة القديمة بالقدس، للتحقيق معه بناء على استدعاء مسبق.
وأشار والد الطفل إلى أن نجله الذي يدرس في الصف الخامس كان يشعر بخوف شديد خشية اعتقاله أو فرض إقامة جبرية عليه في المنزل، كما حدث مع عشرات الأطفال الذين فرض الاحتلال عليهم اعتقالا منزليا وحرمهم من الخروج لفترات متفاوتة.
وحالة الطفل مشابهة لكثير من الأطفال الطلبة ممن ألزمتهم "الإقامة الجبرية" التي فرضها الاحتلال عليهم عدم مغادرة محل إقامتهم المحدد أو النطاق المكاني المحتجزين فيه، بما في ذلك التوجه إلى مدراسهم.
وقال والد نجيب، إنه بعد انتظار ما يقارب ساعتين خارج مركز الشرطة، تم التحقيق معه لمدة ساعة ونصف على خلفية اعتداء المستوطنين على طفله، مبينا أن الهدف هو تهديد الطفل وترهيبه، "فمحمد تضايق وخاف وكان يستفسر عن سبب استدعائه رغم اعتداء المستوطنين عليه"، أضاف الوالد الذي يخشى أن يؤثر ما حصل مع طفله على تحصيله الدراسي.
بدورها، قالت مديرة وحدة شؤون القدس في وزارة التربية والتعليم ديما السمان، إن 30 طالبا مقدسيا حاليا هم رهن الإقامة الجبرية أو الإبعاد عن المنزل أي يجبر الطالب على مغادرة منطقته والعيش في حي آخر، الأمر الذي يضطر أهله لاستئجار منزل آخر والعيش معه وهذا يؤثر على كافة تفاصيل حياتهم.
وأوضحت أن الطلبة الذين تفرض عليهم الإقامات الجبرية أو الإبعاد المنزلي، يواجهون عند عودتهم للمدرسة فجوة كبيرة بين زملائهم، مبينة في هذا السياق أن الوزارة لديها برنامجا خاصا لتعليم الأطفال الذين يتعرضون للحبس المنزلي لمتابعتهم دراسيا ونفسيا، و"لكن لا نجد تجاوبا كبيرا من الأطفال، فهم يتعرضون لأزمة نفسية كثيرة ومنهم من يفقد ثقته بوالديه لأنهما يتحولان في نظره لسجانين له، فالأطفال لا يستوعبون ما يحدث"، تابعت السمان.
وبينت أن قسما كبيرا من الأطفال الذين يتعرضون للإقامة الجبرية يدرسون في مدارس البلدية الخاضعة للاحتلال، و"نحن في الوزارة نحاول متابعتهم ونقلهم للمدارس الفلسطينية لحمايتهم وتخليصهم من آثار الاعتقال والإقامة الجبرية، وحمايتهم من العنف والتنمر الذي يصبح جزءا من شخصيتهم"، قالت السمان.
من جهته، قال رئيس لجنة أهالي الأسرى في القدس أمجد أبو عصب إن الاحتلال يهدف عبر الحبس المنزلي، إلى تحويل المنزل لسجن والأهالي إلى سجانين، بحيث يسعى الأهل إلى المحافظة على شروط الإفراج وتلافي عقوبات الاحتلال في حال تم تجاوز هذه الشروط، الأمر الذي يؤثر بشكل كبير على نفسية الأطفال، فيصبحون عدوانيين جراء الروتين الممل لفترة طويلة.
وأضاف أن الاحتلال يستخدم سياسة الحبس المنزلي، كذلك، لتجهيل الأطفال بإبعادهم عن الدراسة لفترات متفاوتة، وبالتالي عندما يعودون إلى مقاعد الدراسة يجدون أنفسهم متأخرين عن أقرانهم، ما يسبب كسرا في شخصيتهم.
وأوضح أبو عصب أن سياسة الحبس المنزلي تنخفض حينا وتزداد حينا آخر، وفي بعض الحالات يتم تحويل الأطفال للسجن الفعلي وهو أخطر من الحبس المنزلي فيجري تشديد العقوبة عليهم وتصبح الأحكام أعلى وظروف الإفراج أصعب.
من ناحيته، قال مدير مركز الحقوق الاجتماعية والاقتصادية بالقدس زياد الحموري، إن التحقيق يتم مع الأطفال المقدسيين المعتقلين دون وجود محام أو أقارب لهم، كذلك يعاني الأطفال من الإبعاد عن أحيائهم ومنازلهم كعقوبات جماعية، وهذه العقوبات تطال أهل الطفل أيضا ما يترك أثرا على الأسرة وعلى المحيط، ويدفع الأطفال الآخرين للشعور بالإحباط والخوف.
وقال الحموري إنه يفترض على المجتمع الدولي أن يتصدى لممارسات الاحتلال بحق الطفولة الفلسطينية، خاصة أطفال القدس، لوقف معاناة الأطفال المتزايدة يوما بعد يوم.
المصدر: وفا