عمران.. سفير الإنسانية!
رايــة-طه أبو حسين
"السيارة بيتي الثاني، بدونها لا معنى لوجودي، فأنا أشعر أني ولدت لهذه المهنة". قال عمران أبو حمدية سائق مركبة عمومية على خط الضاحية الجنوبية بمدينة الخليل.
عمران، سائق مركبة عمومية منذ أكثر من 30 عامًا، يرى أن مهنته مهنة إنسانية بامتياز. "أعتبر نفسي مثل سائق الإسعاف أو الطبيب أو حتى الصحفي، فكل شخص يخدم بطريقته الخاصة، وانا أخدم الناس من خلال التاكسي، وأحب خدمة أهل منطقتي تحديدًا".
منذ عهد (البيجو)، يعمل عمران سائق مركبة عمومية بالأجرة في مدينة الخليل، حتى باتت قيادة المركبات جزء أصيلًا من حياته، غير أن أيام (البيجو) أقرب لقلبه. "زمن البيجو كان هناك محبة واحترام وتقدير أكبر من اليوم، والمحبة والكرامة والأخلاق أكثر من هذه الأيام، فالوضع إختلف".
(الرجاء عدم اللعب بالهاتف والتصفح على الإنترنت). هذه العبارة ألصقها عمران أمام الكرسي الذي بجانبه في مركبته العمومية، حتى لا يتشتت بصره على حدّ قوله."أنا مسؤول عن كل راكب معي فهكذا تعلمنا وهكذا أخلاقنا وحتى أكون حريص عليهم يجب أن آوقف كل ما يشغل بالي، والبعض يقول ليس لك علاقة وحافظ على نظرك الى الأمام، فأقول له (لا.. فنظر السائق يجب أن يكون على الجميع وعلى المرايا وكل الاتجاهات).
يستأنف عمران في سرد السبب "حاليا الكل يلعب الببجي، ويقلب بالصفحات كأنه (يرمي الطين) فمن الطبيعي سأنتبه إليه مع حركات يديه الكثيرة".
عمران أب لأربع بنات و ثلاثة أولاد، يعمل أجيرًا على مركبته العمومية، وعند سؤاله كيف يمرّ عليه يومه لو لم يعمل، ردّ وعينيه تدمعان."السيارة بيتي الثاني، بدونها لا أستطيع، فيومي صعب بدونها، أحيانا أعود إلى البيت وأجلس مع أبنائي لكن في المساء أعود للتاكسي لأجلس فيها ولو وقت قصير، فهي حياتي".
الدخان من أكثر المظاهر التي تستفز عمران في مركبته رغم أنه مدخن، مع ذلك يحاول مراعاة ركابه، قائلًا "راحة راكبي أولوية"، ثم يرى أن هناك مظاهر بعضها لا يحكى.
حول المظاهر التي لا تحكى لمّح قائلًا "يمكن أن تكون حمولتك من الشباب والبنات فتحدث بعض الإشكاليات داخل التاكسي لكننا نحاول أن نحل المشكلة سريعا دون وصولها الى الأهل".
بمقابل الإستفزاز خجل عمران من نفسه عندما وقع فريسة دندنته الغنائية عندما ظنّ أن المركبة فارغة من ركابها. "ذات مرة، عندما أوصلت الجميع وقد فرغت السيارة بدأت بالغناء والدندنة، وبينما كنت كذلك (تنحنحت) صبية لم أرها بالمرآة، فانحرجت جدا". ثم استأنف ضاحكًا " يبدو أنها كانت مستمتعة بصوتي الجميل".
سفير الانسانية عمران يعمل أجيرًا، غير أنه يسعى جاهدًا لتحقيق أفضل خدمة لزبائنه الذين يستقلون مركبته، ويصرّ على العمل في حيّز حارته التي يرى أن من واجبه خدمتها وأهلها، وابتسامته لا تنفكّ عن مصافحة كلّ ركابه.