تقارير خاصة
حفّار الخشب التقليدي!
الخليل- رايــة:
طه أبو حسين
أفكار إبداعية تتمايل بينَ قلمِ رصاصٍ وورقٍ مقوى فتولدُ على خشبٍ ميت حتى تملؤه بالتفاصيل وتحييه مرة أخرى على هيئة زخارف خشبية يستعانُ بها لتزيين غرف النوم والصالونات وغيرها.
الخليلي بدر فهمي الكركي، يمتهن النجارة، ويختص بحفر الخشب وتشكيل القوالب المزخرفة المعقدة بالطريقة اليدوية التقليدية، تسمو روحه أكثر عندما يمسك القلم، فيقول "نكهة العمل تكمن بالقلم أولًا، فأن تمسك القلم وترسم ما تريد تشعر أن هناك متعة وإبداع، وكلما زادت صعوبة العمل زادت المتعة وعندما أنتهي أجد أني صنعت لوحة فنية غاية في الجمال".
بدر ورث المهنة عن أبيه التي ورثها عن جدّه، يقول الأب:" والدي كان يعطيني المعلومات وبناء عليها أعمل وأتدرب وأتطور حتى بدأت أتفنن بصناعة ما يميزنا عن غيرنا".
فهمي الكركي، 60 عامًا، امتهن النجارة عن أبيه قبل خمسة وأربعين عامًا، عندما كان عمره 14 عامًا، وأتقنها بحرفية عالية أوائل العشرينيات من عمره، يقول: "لا يوجد شيء معقد ما دام الإنسان يستخدم عقله، فلا شيء يصعب عليّ، وكلما زادت تعقيدات الرسمة زادت رغبتي بانجازها بحرفية عالية".
بينما كان الستيني فهمي يحفر بأداة (عين الجمل) شكلًا زخرفيًا قال: "جهد العمل حسب القطعة، فبعضها يستغرق يومين وبعضها شهر وبعضها ساعات فقط، كما أن نوعية الخشب تحدد ذلك، فصلابة الخشب تختلف من نوع لآخر، الى جانب عمق وتعقيد الرسم يتحكم في الوقت، فكل ما كانت الرسمة عميقة أخذت وقتا أطول".
"طولة البال" سرّ الصنعة التي يمتهنها فهمي ونجله بدر، وخلالها ترتسم المتعة واللذة الكبيرتين، أو كما يقول الوالد: "أبحث عن العمل الغريب والمميز وما يعمله أهل البلد أبتعد عنه، فلا أقترب إلا مما يستصعب منه الناس لأننا ننفرد بصناعته، فالصعب سهل علينا، والسهل لا حاجة لنا به".
ويضيف فهمي: "على الرغم من وجود الاستيراد إلا أن ذلك لا يغني عن عملنا ويبقى مطلوبًا، وتقريبا لا أحد يعمل هذا العمل مثلنا، فنحن الوحيدون في الضفة الذين نحافظ على المهنة اليدوية التقليدية" . وعلى ذلك عقّب نجله بدر: "التجار يلجؤون لتركيا والصين حتى يوفروا المال، لكن لا يوجد شيء لا نستطيع عمله، على العكس طورنا العمل لكن الناس لا تجد مانع من استيراد كونتينرات من الخارج ودفع ثمنها فورا لكن عند ابن البلد يصبحون فقراء من المال".
فهمي، إعتزل المهنة لما اشتعل رأسه شيبًا ولمع نور ولده بدر في حفر الخشب والإبداع فيه. وفي إطار ذلك ختم حديثه: "والدي إبتكر وعلمنا فأخرجنا منتجات كما يريد وأفضل".