كيف تؤثر حرب أمريكا التجارية مع الصين على الناس العاديين؟
"كنت أبني شركتي وأراها تنمو سنة إثر أخرى، ثم حصل هذا". هذا ما قالته شيريل موسي، وهي واحدة من كثيرين تأثروا بالحرب التجارية المستعرة بين الولايات المتحدة والصين والتعرفات الجمركية المرتفعة التي فرضها الجانبان على بضائع الجانب الآخر.
شيريل هي مؤسسة شركة لصنع الحقائب تدعى "مينكيبلو" ومقرها في مدينة فيلادلفيا الأمريكية، ولكنها تصنع الحقائب التي تبيعها في الصين ومن ثم تستوردها إلى الولايات المتحدة.
وشركة شيريل نموذجا لعدد هائل من الشركات - من صانعي الأحذية إلى شركات الكيمياويات إلى شركات التقنية - التي تواجه مصاعب حقيقية جراء هذه الحرب الدائرة بين أكبر اقتصادين في العالم.
فشيريل على سبيل المثال تقول إن التعرفات المفروضة على حقائبها زادت إلى أكثر من الضعف في الأشهر القليلة الماضية.
وكان مفاوضون تجاريون أمريكيون وصينيون قد عقدوا سلسلة من الاجتماعات في شنغهاي هذا الأسبوع، وذلك للمرة الأولى منذ أيار / مايو الماضي. ولكن هذه الاجتماعات كانت قصيرة ولم يتمخض عنها أي حلول للخلافات بين الجانبين.
ويفرض كل جانب على الجانب المقابل تعرفات مرتفعة على سلع مختلفة تقدر قيمتها بمليارات الدولارات، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار هذه السلع للشركات والمستهلكين.
نقل مواقع الانتاج
تختار بعض الشركات الانتقال من الصين إلى دول أخرى من أجل تجنب التعرفات المرتفعة.
فقد بيّن استطلاع أجرته مؤخرا غرفة التجارة الأمريكية في الصين وشنغهاي أن 40 في المئة من الذين استطلعت آراؤهم يفكرون في نقل مواقع انتاج بضائعهم - أو كانوا نقلوها فعلا - من الصين إلى دول أخرى في جنوب شرق آسيا.
وتعد شركة "لايتغير" التي تنتج هي الأخرى حقائب وحوائج السفر واحدة من الشركات التي قررت ترك الصين.
كانت كل منتجاتها المصنوعة من القناني البلاستيكية المدوّرة تنتج في الصين.
ولكن، وبعد أن زيدت التعرفات على هذه المنتجات بنسبة 10 في المئة في كانون الأول / ديسمبر الماضي، ساور مديرتها ماغي رايبل شعور بأن الوضع الجديد سيستمر لفترة طويلة. ولذلك قررت بسرعة أن تنقل بعض الانتاج من الصين إلى كمبوديا. وزيدت التعرفات لاحقا مرة أخرى لتبلغ الآن 25 في المئة.
أما الآن، فتصنّع نحو نصف منتجاتها - ومعظمها كماليات صغيرة الحجم - في كمبوديا. أما النصف الآخر فما زال ينتج في الصين.
ورغم تصرفها السريع في نقل الانتاج الى خارج الصين، واجهت الشركة ثغرة في الانتاج، اضافة لذلك انخفضت أرباحها بنسبة 15 في المئة نتيجة التعرفات المرتفعة.
وتقول رايبل "واجهنا صعوبات كبيرة في التأقلم".
واضطرت إلى التخلي عن خطة لدمج شركتها مع شركة أخرى لأن الأخيرة لم تتمكن من استيعاب التكاليف المرتفعة أو تحميلها للمستهلكين.
وتقول "خسر شريكي المؤمل شركته وأضعت انا فرصة مضاعفة حجم شركتي. كان أمرا مروعا لكلينا".
وتمضي للقول "اخوض هذه المعركة...واتأقلم معها شيئا فشيئا، ولكنها معركة مكلفة من نواحي فرص العمل الضائعة وفرص تطوير الشركة وتضعف الأرباح".
وبينما لا تعارض رابيل الهدف الأساسي المتمثل في إجبار الصين على تغيير ممارساتها التجارية، تقول إنها غير راضية عن الاستراتيجية المتبعة في سبيل تحقيق ذلك.
وتقول "أشعر بأن السياسة المتبعة حاليا تؤذي الأمريكيين أكثر توفيرها علاجا للمشكلة".
إيقاف التوظيف
وبدأت حتى بعض الشركات التي ليس لها نشاط انتاجي في الصين بالشعور بوطأة التعرفات، على سبيل المثال الشركات المصنعة للمواد شبه الموصلة في سنغافورة.