المرصد: الشعب الفلسطيني يستهلك أضعاف ما ينتج
ارتفع إجمالي الإنفاق الاستهلاكي في فلسطين بحسب ورقة عمل لمركز مرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية، حيث بلغ حوالي 16.94 مليار دولار، بنسبة بلغت 116% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2018.
كما تعكس الورقة المؤشرات العامة للمجتمع الفلسطيني كمعدلات الفقر المرتفعة، وعدد القوى العاملة في الأراضي الفلسطيني في نفس الوقت الذي تعاني فيه من معدل مرتفع للبطالة وصل إلى 31% في العام 2018، وشبه ثبات في الأجر الحقيقي خلال السنوات العشر الماضية، فبينما بلغ حوالي 82 شيقل في العام 2007، استقر عند مستوى حوالي 95 شيقل في العام 2018، مقابل تراجع في مستوى الأجر الحقيقي في قطاع غزة، ففي حين كان حوالي 65 شيقل في العام 2007، تراجع ليصل إلى حوالي 49 شيقل في العام 2018.
تؤكد ورقة المرصد أن هنالك ارتفاع في نسبة الإنفاق على السلع والخدمات الأساسية، المتمثلة بالمواد الغذائية والنقل والمواصلات وخدمات المسكن والملابس والأحذية، التي تستحوذ على حوالي 57% من دخل المواطن/ة الفلسطيني/ة حسب بيانات إنفاق الأسرة للعام 2017، ولم يتغير النمط الاستهلاكي بين سنوات 2010 و2017، وبقيت نسب الإنفاق على مجموعات مهمة مثل الصحة والتعليم والترفيه متدنية، حيث تشكل مجتمعة حوالي 9%. بالمقابل، هنالك زيادة في نسبة الإنفاق على مجموعة النقل حيث بلغت حوالي 16% في العام 2017، بالمقابل تراجعت نسبة الإنفاق على السلع الترفيهية والثقافية المتدنية بالأساس، من حوالي 3% في العام 2010 إلى أقل من 2% في العام 2017.
هذا وأشارت ورقة السياسات إلى أن مستوى الأسعار في الأراضي الفلسطينية ارتفع بحوالي 30% خلال الفترة 2007 لغاية 2018، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية بـــ 31% والتبغ والسجائر بـــ 115% وخدمات المسكن بــ 24% والخدمات الصحية بــ 31% والتعليم الخاص بـ 35%.
وأشار المرصد لعدة توصيات فيما يتعلق بمستوى الأجور وأهمها:
• تعديل مستوى الحد الأدنى للأجور يجب أن يكون بالاحتكام إلى أساسيات ومؤشرات عادلة، تتعلق بمستوى المعيشة، وخط الفقر، والاحتياجات الأساسية، وليس بالاحتكام إلى أصحاب المصالح. كما ويرى المرصد أن الذهاب إلى خيار سن القوانين في مجالات الأجور والأسعار أمر لا يوصى به، إلا أنه لا يكفي وضع قوائم استرشادية لأسعار السلع الغذائية دون ضمان إلزام التجار بها في السوق، الأمر الذي يؤدي إلى التلاعب بالمستهلك ويصبح بلا حماية.
• وضع خطط التطبيق الفعلي على أرض الواقع، وضمان الاستمرارية وعدم الموسمية في عملية المتابعة.
• إلزام كافة الجهات بالتسجيل والتصريح الرسمي عن المشغلين والمشتغلين، وتقديم كافة البيانات التي تضمن سلامة التطبيق والحصول على كامل الحقوق بدءً من الأجر. (قد يكون أحد أشكالها إلزامية الدفع من خلال الحسابات البنكية أو البريد وغيرها من الجهات التي يسهل مراقبتها).
أما على صعيد مستويات الأسعار، فأشار المرصد بالتوصيات التالية:
• لا يمكن تطبيق سياسات تسعير للسلع الاساسية دون توفير دعم رسمي لبعض السلع، إذا كان هذا الخيار غير وارد، فلا بد من محاربة الاحتكار، وتوفير السلع من مصادر متعددة، وتشجيع زراعة المحاصيل الأساسية، والعمل على التأثير في أسعار مدخلات الإنتاج الرئيسية، الممكنة من قبل الجهات الرسمية مثل الوقود والمياه، وتوفير البنية التحتية المناسبة، لتذليل العقبات أمام عملية الإنتاج والتسويق، وبالتالي تخفيض التكاليف التي ستنعكس في تخفيض الأسعار.
• عدم الانشغال من قبل الوزارات بسن قوانين وتشكيل لجان شكلية تهدر الوقت والجهد دون تأثير فعلي على الأسواق الفلسطينية، مثل قوائم أسعار السلع الاسترشادية وغيرها. هذا يصاحبه استهداف صناعات معينة للتأثير على أسعارها، بحيث تكون لسلع استراتيجية مثل الطحين والحبوب لأنها ذات تأثير في العديد من الصناعات الغذائية، والتي بدورها ستؤثر على مجموعة كبيرة من السلع.
• كسر الاحتكار المطلق والتكتلات الاحتكارية كما هو الحال في قطاع الاتصالات والتأمين، وبعض الصناعات الأخرى وبعض الواردات، في كافة المجالات التي تمس الحياة اليومية ودخل المواطن/ة اليومي. بالإضافة إلى التوصية بتخفيض الضرائب على بعض السلع الاساسية مع ضمان أن يتم تخفيض أسعارها للمستهلك، لا أن تتحول إلى زيادة في أرباح التجار والمنتجين.
وبخصوص النمط الاستهلاكي، قدم المرصد عدة توصيات تلخصت بالآتي:
• البدء في تطبيق سياسات تؤثر على تحسين الدخل وعدالة توزيعه وكذلك تؤثر في تقليل أسعار السلع الأساسية، والتي سوف تنعكس بشكل مباشر في إعادة توزيع الدخل، وذلك اتجاه التقليل من حصة السلع الأساسية، والزيادة في حصة السلع الترفيهية، مما يعني تحسن في مستوى الرفاه للمجتمع الفلسطيني. كما لا بد من رفع جودة الخدمات الصحية العامة سوف يؤدي إلى اقبال عليها من قبل المواطنين/ات كبديل عن الخدمات الصحية الخاصة المكلفة جداً.
• رقابة أكبر على مقدمي الخدمات من القطاع الخاص في مجالات التعليم والصحة كي لا يكون هناك مغالاة في رفع أسعار الخدمات بشكل غير منطقي وشبه مستمر، تحت حجج ومبررات غير مقنعة وغير صحيحة في كثير من الأحيان، وربط هذه التغييرات بمعيار تكون جهات رقابية رسمية هي المرجع الأساسي فيه.