هل تستورد فلسطين نفطا عراقيا؟
يتوجه وفد فلسطيني رفيع المستوى الأسبوع المقبل إلى العراق لبحث أفق التعاون الاقتصادي بين البلدين، ضمن الجهود التي تقوم بها السلطة الوطنية لتحقيق خطوات عملية تقود نحو الانفكاك الاقتصادي عن اسرائيل.
وصرح رئيس الوزراء محمد اشتية أن وفدا فلسطينيا يضم عددا من الوزراء ورجال الأعمال سيتوجه يوم الاثنين المقبل إلى العراق لفتح آفاق اقتصادية لكنه لم يعلن عن جدول أعمال هذا الوفد، مشيرا إلى أن هذه الزيارة تجيء بتوجيهات من الرئيس محمود عباس لتعزيز العمق العربي في اطار الانفكاك الاقتصادي عن اسرائيل.
وتشهد العلاقات الفلسطينية العراقية دفئا لافتا إذ رفضت بغداد بشدة المشاركة في مؤتمر البحرين الممهد لصفقة القرن الرامية لتصفية القضية الفلسطينية.
وعلمت صحيفة الحياة المحلية من مصدر مطلع ان الوفد الفلسطيني سيبحث في العراق عدة ملفات أبرزها العلاقات التجارية والعمل على إبرام اتفاق لتوفير نفط لفلسطين يكون بديلا عن المحروقات المستوردة من اسرائيل.
وأوضح المصدر ان هذه الزيارة تأتي استكمالا لتفاهمات عقدت مؤخرا مع المملكة الأردنية الهاشمية حول تزويد فلسطين بالمشتقات النفطية، مشيرا إلى أن الوفد الفلسطيني سيناقش هذه المسألة مع الأشقاء العراقيين لتمكين السلطة الوطنية من استيراد نفط عراقي على ان يجري تكريره في الأردن قبل نقله لفلسطين.
ومن شأن استيراد البترول من العراق تقليل التكلفة وزيادة الايرادات الحكومية فضلا عن الهدف السياسي الأسمى المتمثل بالانفكاك الاقتصادي عن دولة الاحتلال.
وتواجه هذه الفكرة تحديات لوجستية أبرزها ان مصفاة البترول الأردنية لا تنتج محروقات مطابقة للمواصفات الاوروبية المعتمدة في اسرائيل، والتي يلزم بروتوكول باريس الجانب الفلسطيني بالتقيد بها، ولكنه يتيح للسلطة الفلسطينية استيراد المحروقات من أية جهة كانت شرط الالتزام بالمواصفة.
ويبدو أن القيادة الفلسطينية تراهن في هذه المرحلة وفي ظل الاشتباك السياسي مع دولة الاحتلال والولايات المتحدة على أن يقوم الأردن بممارسة ضغوط على اسرائيل للنهوض بالميزان التجاري الفلسطيني الأردني ومنع أية عقبات اسرائيلية تحول دون ذلك، بما يصل إلى إضافة امكانيات لوجستية على الحدود مستقبلا تسمح بإدخال الوقود إلى الأراضي الفلسطينية عبر الأردن.
وعلمت "الحياة الاقتصادية" من مصدر آخر أن الوفد الوزاري الذي زار عمان بداية الأسبوع الجاري برئاسة محمد اشتية رئيس الوزراء قد طرح على المسؤولين في عمان فكرة تكرير نفط خام وإنتاج محروقات تلبي المواصفة الأوروبية، مشيرا إلى ان الأردن أبدى موافقة مبدئية .
وكانت وزارة المالية أعلنت في وقت سابق انها اتفقت مع وزارة الطاقة والثروة المعدنية لبحث آليات تزويد فلسطين بالمشتقات النفطية عبر الأردن.
جاء ذلك على هامش اجتماع عقد بين وزير المالية شكري بشارة ووزيرة الطاقة والثروة المعدنية هالة زواتي، قال بشارة إن الهدف للحكومة الفلسطينية هو تنويع مصادر استيراد عبر الأردن مؤكدا أن الجانبين اتخذا قرارات عملية قابلة للتنفيذ بما فيها المنشآت اللوجستية والبنية التحتية اللازمة.
وكشف عن وجود توجه جاد لدى الجانبين لتدشين منطقة تجارية صناعية محايدة على الحدود لديها القدرة على تغطية متطلبات استيراد المشتقات النفطية .
ويبدو أن الحديث يدور حاليا حول استيراد بترول من العراق على أن يجري تكريره في الأردن وفق المواصفات التي تسمح اسرائيل بادخاله إلى فلسطين وفق ما جاء في بروتوكول باريس، إذ إن إمكانية استيراد النفط الخام وتكريره في فلسطين غير متوفرة حاليا ويتطلب ذلك إنشاء مصفاة لتكرير النفط قد تصل كلفتها إلى مليار دولار .
يذكر أن استهلاك فلسطين من المحروقات حسب تصريحات سابقة منسوبة للهيئة العامة للبترول لـ"الحياة الاقتصادية" يصل سنويا إلى 800 مليون- مليار لتر سنويا، فيما بلغت ايرادات الخزينة العامة عام 2018 من ضريبة المحروقات 2.48 مليار شيقل اي نحو ثلث ضريبة المقاصة البالغة نحو 8 مليارات شيقل سنويا.
وتشكل ضريبة البلو وهي ضريبة اسرائيلية تفرض على المحروقات بالإضافة إلى ضرائب أخرى نحو 55% من قيمة سعر الوقود المباع في اسرائيل وفلسطين.
ووفق المادة رقم (12) من بروتوكول باريس الاقتصادي فإنها تسمح بشكل صريح باستيراد البترول من الأردن ومصر لكن وفق شروط تتعلق بمطابقة هذا البترول للمواصفات الاوروبية والاميركية، على ان يباع سعر لتر البنزين النهائي للمستهلك في السوق الفلسطينية بهامش أقل من 15% مقارنة مع سعر الليتر في اسرائيل، وعلى أن يميز البنزين الذي يباع في فلسطين عن لون البنزين الذي يباع في اسرائيل.
كما فتح بروتوكول باريس الاقتصادي المجال لاستيراد منتجات نفطية لا تتطابق مع المقاييس الأوروبية والأميركية، لكنه رهن ذلك بلجنة خبراء مشتركة من أجل حل مناسب لها، وهو أمر غير ممكن حاليا في ظل انغلاق الأفق السياسي بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي.
وفيما يلي نص البند رقم (12) من بروتوكول باريس الاقتصادي:
أ. المقاييس الأردنية، كما هي محددة في الملحق "1" سيتم قبولها في استيراد منتجات البترول إلى المناطق، إذا ما تطابقت مع المقاييس الموجودة في دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة التي وضعت معاييرها حسب المعايير المحددة للظروف الجغرافية لاسرائيل وقطاع غزة والضفة الغربية. أما حالات المنتجات النفطية التي لا تتطابق مع هذه المقاييس، فسوف تحال إلى لجنة خبراء مشتركة من أجل حل مناسب لها، ويمكن للجنة أن تقرر بالتبادل قبول مقاييس مختلفة لاستيراد البنزين الذي يتطابق مع المقاييس الأردنية، وإن كانت لا تتطابق في بعض المعايير مع المقاييس الأوروبية والأميركية. وستعطي اللجنة قرارها في غضون ستة أشهر، ولحين اتخاذ قرار من قبل اللجنة، وفي مدة لا تتجاوز الستة أشهر من توقيع الاتفاق، يمكن للسلطة الفلسطينية أن تستورد بنزيناً للأسواق الفلسطينية في المناطق وفقاً لاحتياجات هذه السوق بشرط:
1. يتم تمييز لون البنزين عن ذلك المسوق في أسواق إسرائيل.
2. تتخذ السلطة الفلسطينية كل الخطوات الضرورية لضمان عدم تسويق هذا البنزين في إسرائيل.
ب. الفارق في سعر البنزين النهائي للمستهلكين الإسرائيليين والمستهلكين في المناطق يجب ألاّ يتجاوز 15 بالمئة من السعر النهائي الرسمي للمستهلك في إسرائيل، وللسلطة الفلسطينية الحق في تحديد أسعار منتجات النفط في المناطق ما عدا البنزين.
ت. إذا كان مستوى البنزين المصري يتطابق مع شروط الفقرة الفرعية "أ" أعلاه، سيتم السماح باستيراد البنزين المصري أيضاً.
المصدر: صحيفة الحياة الجديدة