سائد.. صائم الحرية!
خاص- راية- طه أبو حسين
الطفل خالد، جاء للحياة باكيا، ربما لفطرة وربما لشعوره بالفقدان، وكذلك أمه أسيل التي كانت تخوض غمار مخاضين أصعب من بعضهما، الأول انتهى بخالد، والثاني اشتدّ أكثر بثمرة المخاض الأول، لا سيّما أنها وزوجها سائد النمورة، رسما أحلامهما وهما يستقبلان طفلهما الأول، فتمزّقت اللوحة بعدما شدّه الاحتلال من عشّها الى بيت العنكبوت الذي رمى بخيوطه الإدارية على عنق حياتهما، وما زال..!
"انتظرت مولودي الأول بشغف أنا وزوجي سائد، لكن عندما وضعته لم يكن سائد معي، فلم أشعر بالفرحة، كانت ناقصة، بسبب غيابه" قالت أسيل قطينة، زوجة الأسير المضرب عن الطعام سائد النمورة.
في الثالث والعشرين من شهر حزيران عام 2019، دخل الأسير سائد النمورة من دورا جنوب محافظة الخليل اضرابًا عن الطعام إحتجاجًا على اعتقاله الإداري، ومنذ حينها غُلّقت الأبواب والنوافذ بينه وبين مجتمعه خارج الأسر وحتى داخله في محاولة لكسر إضرابه. أما أسيل، فحالتها مختلفة "لا أعرف النوم، فلا ليلي ليل ولا نهاري كذلك، فبالي دائمًا مشغول عليه، فهو كل حياتي، وأنا تركت أهلي وبلدي الأردن وأتيت لدورا كرمال سائد فقط".
منى أبو شرار، والدة سائد، امرأة تظهر عليها ملامح القوة، وهي من النساء العاملات بمجال دعم المرأة، لكنها بالمحصلة أم، فقالت باكية "سائد أعتقل في يوم ضباب وبقي إلى اليوم ضباب، ولما أشرب مياه أو آكل لقمة أحاسب نفسي عليها لكن يجب عليّ أن أبقى قوية".
"يا الله لما ولد حفيدي خالد، لما سمعت صرخته الأولى.. تمنيت لو أن سائد يسمع هذا الصوت؛ صوت ابنه، وأنا أنادي صوت إبنك يا سائد، يما أتى ولدك، كنت أحكي ذلك مع حالي، فحضنت بكر سائد وأنا أبكي حرقة وألم" قالت منى.
الطفل خالد، يشارك جدته وأمه الاعتصام في خيمة التضامن مع أبيه في دورا، وعادة يمسك صورة والده الأسير، مرّة يقبلها وأخرى يضربها، وكلا الحالتين تفرح وتبكي جدته، أو كما قالت " أول كلمة قالها خالد هي (بابا)، وهي أكثر كلمة عذبة ومعذبة".
منى لها أمنية يتيمة "نفسي سائد يناديني مثل العادة (أم حامد وين الغداء)، مشتاقة لهذه اللحظة".
خالد النمورة، والد المضرب سائد، يقول "حاولنا عمل صور أو حتى تسجيل صوت الطفل حتى يسمعه والده، خاصة أن أول كلمة قالها بابا، لكن ما يؤلم أن خالد، يقول (بابا) لكل رجل يراه، وهذا أكبر وجع، لكن لا أعرف كيف أتعامل مع هذا الموقف".
سائد ولد عام 1991، درس بالمدرسة حتى اقترب لدرجة الثانوية إلتحق بمهنة الكهرباء، ثم عمل في بلدية بيت عوا حتى اعتقاله، وأعين محبيه جميعًا تترقب انتصاره على سجّانه في معركة الكرامة حتى ينير عتمة البيت بحريته حياة وفرحًا.