أقدم الحلاقين في الخليل
حكاية مقص وموس ترويها أنامل جهاد
الخليل- رايــة: طه أبو حسين
قبل أربع عقود ونصف، ومنذ كان طالبًا في الصف السادس بالمدرسة المحمدية الأساسية للبنين، كان جهاد ناصر الدين يغادر فصله الدراسي الى صالون الحلاقة الخاص بوالده في باب الزاوية وسط مدينة الخليل، يتابع بإهتمام كيف يمسك المقص والموس، وكيف يداعبهما بين يديه بينما كان يقصّ شعر الجالسين على كرسي الحلاقة.
جهاد، لم يلبث طويلًا حتى وقع في حبّ مهنة الحلاقة، فذهب يفتشُ عن كلّ محطة تسمح له برؤية مسار المقص والموس وفرشاة الشعر وهي تتقاطع وشعر الزبائن، ثم ترجّل وبدأ يتعلمها شيئًا فشيئًا حتى أتقنها كأبيه واخوته التسعة الذين يعملون جميعًا بذات المهنة.
الحلّاق جهاد، 60 عامًا، يعمل في الحلاقة منذ 45 عامًا في صالون تجاوز عمره سبع عقود، يعتبر من أقدم الحلاقين في الخليل، "عندي صالونين للتدريب، رجالي وستاتي، وأنا نقيب الحلاقين منذ 25 عاما، من نقابي لرئيس صندوق لأمين صندوق لرئيس نقابة".
"أنا أحببت مهنة الحلاقة ونجحت بها، فأنا حلاق دولي، عضو في الاتحاد العالمي للشعر في فرنسا، وتقريبا كل شهر أسافر لدولة حتى أتابع وأتعلم كل ما هو جديد". قال جهاد بينما كان يحلق لأحد زبائنه على كرسي الحلاقة الألماني الذي تجاوز عمره 75 عامًا دون أن تتغير معالمه.
حاولنا وضع مهنة الحلاقة بين كفتي الماضي والحاضر من خلال جهاد، فوزنها "الحلاقة قديما كانت فنا راقيا، فهي عملا يدويا يعتمد على المقص والموس فقط كالمهن اليدوية التقليدية الأخرى، الرقبة مثلا كنا نعملها باليد ليس كما اليوم بالماكينة الخاصة التي يمكن تعلمها بشهرين وربما أقل، أما قديما كان يحتاج الحلاق لتعلم المهنة ثلاث سنوات على الأقل".
وزن الحلاقة احتاج كفتين أخرتين تتناقض والسابق "مهنة الكوافير ليست سهلة هذه الأيام، لأنها علم وعلام وباتت تعتمد على مواد كيميائية، بالمقابل أتحدى لو طفت الكهرباء، إذا حلاق جديد يستطيع أن يكمل الحلاقة لزبونه حتى ولو له عشر سنوات، لأنه لا يعرف العمل على المقصات، إلا ما ندر من الشباب".
الحلاق يعرف الناس جميعًا بمختلف أشكالهم وألوانهم ومسمياتهم، وجميعهم يقعون تحت مقصّه الأمين عليهم، وجهاد أحد أعمدة تدريب الحلاقين الجدد وحتى المتمرسين، كونه لا يغفل عن متابعة كل ما هو جديد بعالم المهنة.
الخليل فيها (1151 صاحب صالون)، ناهيك عن عدد العاملين فيها ويقدرهم جهاد بـ5000 آلاف كوافير.
جهاد حاصل على جوائز عالمية عدّة، وميداليات ذهبية وغيرها، ناهيك عن عشرات الشهادات العالمية والإقليمية في مهنته وصرعاتها التي أصبحت كلّ حياته منذ وقع في حبّها.