غرق الطفل دراغمة .. جريمة أكبر من العقوبة
"راية" تحقق: جريمة المسبح.. إهمال يصل حد القتل
راية- رام الله: شادي زماعرة-
فتحت وفاة الطفل عمرو عبد المنعم دراغمة (7 أعوام) غرقاً في مسبح قرب رام الله أمس تساؤلات كبيرة وجدية حول الرقابة على الأماكن العامة والمتنزهات الخاصة، وفور وصول نبأ وفاة الطفل دراغمة الصادمة استدعى البحث والتقصي حول القضية لنجد أكثر مما هو متوقع.
توجهت "رايـة" الى رئيس نيابة رام الله الأستاذ نشأت عيوش لتسأل عن حقيقة وتداعيات حادثة المسبح، فأوضح أن النيابة فتحت تحقيقا في ظروف وفاة الطفل دراغمة وقامت بإغلاق المسبح الذي تبين بالكشف عليه أنه يفتقر إلى شروط السلامة ولا يلتزم بإجراءات الوقاية القانونية.
وفي عملية البحث حول إشارة بيان النيابة يوم الأحد الى أن القائمين على المسبح والمنشأة لا يلتزمون بشروط السلامة العامة رغم حصولهم على إخطارات سابقة بهذا الشأن!!.. بحثنا عن الإخطارات السابقة لنجد أن المسبح مغلق منذ العام 2017 بقرار من النيابة العامة.
إغلاق منشأة مغلقة!
رئيس نيابة رام الله كشف أن المنشأة مغلقة بقرار من رئيس نيابة رام الله عام 2017 على أثر مخالفات في شروط السلامة العامة وأهمها عدم وجود منقذ مرخص في المسبح؟ بعد شكوى قدمت من الدفاع المدني الفلسطيني.
وحسب ملفات النيابة العامة فقد وجهت لائحة اتهام تنص على أن القائمين على المنشأة وتحديدا (ش.ع.ج) أنه أقدم على القيام بالعمل دون استيفاء شروط السلامة العامة للمسبح المملوك له ودون الحصول على تصريح بشأن الوقاية والسلامة العامة من الدفاع المدني، وأن المنتزه الخاص بالمتهم مسبح لا يحتوي على منقذ معتمد مما يعرض حياته وحياة الاخرين للخطر وتم اخطاره بخصوص ذلك من قبل الدفاع المدني وأن ما أقدم عليه المتهم كان بوجه غير مشروع ويعاقب عليه القانون.
وقال رئيس النيابة إنه تم توجيه تهمة التسبب بالوفاة نتيجة التقصير في اتخاذ إجراءات ووسائل السلامة العامة والتي يعاقب عليها قانون العقوبات الأردني المطبق في فلسطين بالحبس 3 سنوات.
يشار الى أن المادة 343 تنص على: "من سبب موت أحد عن إهمال او قلة احتراز او عن عدم مراعاة القوانين والأنظمة عوقب بالحبس من ستة أشهر الى ثلاث سنوات".
الدفاع المدني يوضح
وأكد الدفاع المدني على لسان الناطق باسمه المقدم نائل العزة في حديث لـ"رايـة"، أن الحادثة ناتجة عن مخالفة القانون، وفتح منشأة مغلقة بقرار من النيابة لافتقارها لتطبيق شروط السلامة العامة.
وقال العزة أن آخر تصريح بالعمل لهذا المسبح كان عام ٢٠١٦ فقط، وفي عام ٢٠١٧ وجه الدفاع المدني اخطارا بالغلق نظرا لافتقار المنشاة لشروط السلامة العامة وابرزها خلو المسبح من منقذ لعمليات الانقاذ الاعتيادية. كما وجه الدفاع المدني شكوى ممثلا للحق العام لدى نيابة رام الله بتاريخ 5-7-2017 بتهمة العمل خلافا للقانون الدفاع المدني رقم ٣ لعام ١٩٩٨ ودون الحصول على تصريح الدفاع المدني.
وحاولت راية معرفة منذ متى يعمل هذا المسبح بعد قرار الإغلاق عام 2017 حيث قال شهود عيان قريبين من المكان لنا إنه يعمل منذ مدة طويلة ولم نشعُر أنه أُغلق.
لو توفر المنقذ
ضابط الهلال الأحمر الفلسطيني سعيد بشر أوضح أن أي انسان لا يتحمل أكثر من (2-4 دقائق) في حالة انقطاع النفس بغض النظر عن السبب غرق أو غيره ويعتمد ذلك على الحالة الصحية للشخص.
المسعف بشر الذي يحاضر في معهد الإسعاف والطوارئ، أوضح لـ "رايــة" أن الفرصة الذهبية لإنقاذ حياة الإنسان بعد الغرق وفق أسس الإسعاف وإعادة الإنعاش هي خلال العشر دقائق الأولى من حالة انقطاع التنفس، وهنا يأتي دور المنقذ في المسابح والمتنزهات قبل وصول الإسعاف ونقل المصاب الى المستشفى لتلقي العلاج.
وقال شهود عيان لـ"رايـة"، إنه تم نقل الطفل بسيارة خاصة نتيجة تأخر سيارة اسعاف الهلال الأحمر الفلسطيني، الى المستشفى الاستشاري في ضاحية الريحان، رغم أن مركز اسعاف بيرزيت ملاصق للمسبح، وبعد التقصي علمنا أن مركز اسعاف بيرزيت يعمل فقط من الساعة 8 الى 4 عصرا نتيجة التقليصات في سيارات الإسعاف.
شروط صارمة
وقال المقدم نائل العزة إن الدفاع المدني يشترط مواصفات عدة من اجل ترخيص المسابح والمتنزهات والاماكن العامة وينشر هذه المواصفات المبنية وفق القانون على موقع الدفاع المدني على الانترنت، وبالعودة إليها وجدنا أن هناك عدة معايير وشروط لحصول المسبح على الترخيص، منها ما يتعلق بالابنية ومواصفات بركة السباحة واماكن الحماية وضرورة توفر منقذ مرخص ويحمل شهادة في الإنقاذ (منقذ محترف).
رأي القانون
وفي لقاء مع الخبير القانوني المحامي رائد ظرف ، قال "وفق قانون العقوبات المطبق في فلسطين ، تتنوع صور القتل الى قتل مقصود والى قتل غير مقصود ، وان المادة 343 من قانون العقوبات الاردني رقم 16 لسنة 1960 المطبق في فلسطين تحدثت عن القتل غير المقصود والتي نصت على ان الاهمال وقلة الاحتراز وعدم مراعات الانظمة والقوانين ، والتي ينتج عنها موت احد نتيجة لذلك ، يعاقب الشخص المسؤول عن اتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على حياة الناس بالحبس من 6 اشهر الى 3 سنوات حسب طبيعة كل حالة على حدى ، ويقدر القاضي العقوبة المناسبة لكل حالة حسب نسبة التقصير والاهمال .
وفي قضية المسبح قال ظرف أن الاستمرار في فتح المسبح على الرغم من وجود قرار من النيابة باغلاقة ، "هذه جريمة اخرى يعاقب عليها القانون ايضا تتمثل في الامتناع عن تطبيق قرار النيابة" .
ودعى ظرف الجهات المسؤولة والمتمثلة في الشرطة والدفاع المدني الى وضع الية واضحة وحازمة للتأكد من تطبيق مثل هذا النوع من المنشأت الى القوانين والانظمة وشروط السلامة العامة ، خاصة في فصل الصيف وموسم الرحلات المدرسية حيث يزداد عدد رواد مثل هذه الاماكن وخاصة الاطفال دون مرافقة ذويهم .