بين الرفض والتهديد
إعدام الكلاب ظاهرة تحتاج إلى وقفة إنسانية
ولاء دار علي- لا يزالُ المواطن م.ر يجلس أمامَ عتبةِ منزله ينتظرُ كلبه الغائب علّهُ يأتي إليه مسرعاً كعادته، ويستذكر كيف كان يداعبهُ فيرفعُ راسه وقدميه فرحاً بصاحبهِ الذي يُبادله إحساسه بالحبِ والخوف عليه، وكيفَ كان يحرسُ منزله ومزرعتَه المجاورة؛ خوفاً من اللصوص والحيوانات الأخرى، فَبنباحٍ منه يُبعد أيَ دخيلٍأ وأي أذى قد يُلحق بالبيت أو المزرعة.
أما الآن فيروي م.ر عندما وجدَ جثّتهُ ملقاةً على جانب طريق وقد سال زبدٌ أبيضٌ من فمه وكأنهٌ علامة على تناوله السم، ولكن كيف حصلَ ذلك؟
يقول م.ر بأن بلدية بيتونيا وضعت السموم على رؤوس الدجاج؛ للتخلص من الكلاب الضالة المزعجة والتي تسبب أذى لسكان المنطقة، وبطريقة أو أخرى، التهم كلبه بعضاً من تلك الرؤوس وخرَّ صريعاً.
وأضاف " كان موقفا مؤلما بالنسبة لي، وكرهت الطريقة عديمة الرحمة، فما ذنب هذا الحيوان البريء المجبول بالإخلاص والحب؟"
رأي بلدية بيتونيا وجهاز الشرطة حول هذه القضية
يُعرف مسؤول الصحة في بلدية بتونيا خضير شاهين الكلاب الضالة، بأنها الكلاب التي تكون في الشوارع ولا تجد من يرعاها وقد تهاجم الناس أحياناً. مؤكداً أنها تسبب الإزعاج وتهاجم المزارعين والمواطنين، وأن حجم الشكاوى ضد هذه الظاهرة شبه يومي في منطقة بيتونيا.
ونتيجة لذلك يقوم قسم الصحة في البلدية باستخدام تدابير الرقابة، ووضع السُم داخل الأطعمة كرؤوس الدجاج، واستخدام الرصاص الحي بالتعاون مع الأجهزة الأمنية لإعدامها بعد منتصف الليل عندما تكون الشوارع خالية من الناس، ثم يقومون بإزالتها في الصباح الباكر في شاحنات نقل القمامة.
وأكد شاهين أن من يقوم بهذه العملية هي البلديات فقط ويمُنع على المواطنين فعل ذلك مشيراً أنهم يقومون بهذه العملية للحد من الكلاب الضالة.
وأضاف المتحدث الإعلامي باسم الشرطة لؤي ارزيقات بأن الشرطة تقوم بمحاسبة الجهات غير الرسمية كالمواطنين الذين يقومون بعملية التسميم، خاصة إذا صدرت شكاوى من بعض الناس على قتل حيواناتهم المنزلية جراء تناولها هذه السموم.
آلية التخلص من الكلاب الضالة
وأوضح ارزيقات أن عملية إعدام الكلاب الضالة بالرصاص تتم عندما تعجز البلدية عن التخلص منها فيرسل رئيس البلدية كتاباً لشرطة المحافظة، فيقومون بالموافقة عليه وإرساله الى الشرطة الخاصة، ليكون هناك ضابط محترف في هذه المهمة.
وذكر بأن هناك صحفياً قام بتصوير مقطع فيديو لعملية قنص الكلاب في إحدى المحافظات وتم نشره عالمياً؛ ما أدى لقيام دولة النمسا برفع الاعتراف عن السلطة الفلسطينية بسبب هذه العملية اللاإنسانية.
رأي جمعية الرفق بالحيوان
قال الدكتور البيطري والمسؤول في جمعية الرفق بالحيوان طه الرفاعي أنه لا يفضل استخدام مصطلح الضال على الكلب؛ لأنه يعيش في بيئته كغيره من الحيوانات وهو موجود قبل وجود الأنسان منذ 4000 سنة، فسكان فلسطين (كالكنعانيين،والفنيقيّن،والرومانيين،والمسلمين) كلهم تبدلوا إلا الكلب.
وأوضح بأن الكلاب المشردة لا تُسبب أي أذى إلا عندما يتم استفزازها من قبل الإنسان أو للدفاع عن نفسها. مشيراً بأن نباحها بالليل أمر طبيعي لتحذير قطيعها من الكلاب الأخرى؛ للدفاع عن منطقتها أو عندما تكون في فترة التزاوج وذلك من شهر شباط حتى نيسان.
ضحايا عض الكلاب
أما بالنسبة لحالات الاعتداء كالعض فإن 80% تقريباً من الحالات تسببها الكلاب المنزلية وليس الضالة كما هو متعارف عليه، وفقا لما قال الدكتور طه الرفاعي.
كما حصل مع الفتى إبراهيم أبو زيد (15 عاماً) الذي أخبرنا خلال مقابلة أجريناها معه أنه تعرض للعض في يده اليمنى من كلبه الأليف الذي كان ينوي اطعامه، حيث داس على ذيله من دون قصد فانقض عليه وتسبب بجرح بليغ في يده اليمنى. فذهب مسرعاً الى أقرب مستشفى لأخذ العلاج اللازم فقاموا بإعطائه 3 حقن (جلوبولين مناعي) ضد السعار خلال 14 يوماً.
وأشار مدير عام إداره الرعاية الصحية الأولية والصحة العامة في وزارة الصحة الفلسطينية الدكتور أسعد الرملاوي الى أن هناك أكثر من 698 حالة تعرضت لعض الكلاب ((animal bite منها 331 من الطلبة، و25 من النساء، و72 حالة من الأطفال. وفقا لإحصائيات الوزارة لعام 2014.
طريقة غير إنسانية وبلا جدوى
ويرى الرفاعي بأن التدابير التي تقوم بها البلديات للتخلص من الكلاب (التسميم والرماية) هي غير إنسانيه ولا تجدي نفعا وتسبب ضرراً للحيوانات الاخرى، وتؤثر على التوازن البيئي.
وأضاف ان عملية تحويل الكلاب الضالة الى آمنة ليست بالأمر العسيرلأن الكلاب ذكيه سريعة التعلم. وذكر أن هناك وسائل بديلة للحد من هذه التدابير، وهي عملية الخصي والتعقيم وذلك لمنع انتشارها بالشوارع؛ وحمايتها من سرطانات الرحم والمبايض والخصيتين والتهاب البربخ.
وأدان الرفاعي البلديات وعمليات القتل الشنيعة ضد الحيوانات البريئة خاصة بعد
قتل بلدية العبيدية في بيت لحم عدة أشهر 108 كلاب ضالة خلال 24ساعة عن طريق اطلاق النار عليها.
وطالب البلديات والجهات المسؤولة بتخصيص مبالغ لإيواء الكلاب المشردة والتي تكون صادرة عن ضرائب السيارات وجعلها رسوما للبيئة. كذلك السعي لأن تكون أحد بنود الدعاية الانتخابية لدى المرشحين في البلديات (الحفاظ على البيئة وتخصيص مبالغ معينة من المال) لحل مشكلة الكلاب المشردة والضالة بدلا من طريقتي الرماية والتسميم المتبعة منذ حوالي 100 سنة دون جدوى.
وطالب بأن يكون هناك حملات تثقيفية وتوعوية للأطفال وكافة الفئات العمرية لرعاية الكلاب المشردة والعمل على حمايتها بدلاً من ايذائها.