بيان الهيئة المستقلة ومؤسسات المجتمع المدني بشأن حراك غزة
بمشاركة الائتلاف المدني لتعزيز السلم الأهلي وسيادة القانون، عقدت عدداً من المؤسسات الحقوقية وائتلافات مؤسسات المجتمع المدني والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان اليوم، مؤتمراً صحفياً في مقر الهيئة، حول الأحداث الأخيرة في قطاع غزة إثر الانتهاكات الجسيمة التي اقترفتها قوات الأمن وعناصر محسوبة على حركة حماس ضد المشاركين في الحراك الشعبي "بدنا نعيش" للاحتجاج على الأوضاع المعيشة الكارثية في قطاع غزة، واستمرار احتجاز العشرات منهم دون السماح للمؤسسات حقوق الإنسان زيارة مراكز الاحتجاز.
وتابعت الهيئة المستقلة وائتلافات ومؤسسات المجتمع المدني انهيار حالة حقوق الإنسان في قطاع غزة، وتداعيات الاستخدام المفرط للقوة ضد المواطنين الذين خرجوا في تجمعات سلمية منذ 14/03/2019، للتعبير عن آرائهم والاحتجاج على تردي الأحوال الاقتصادية، والاعتداءات التي طالت الصحفيين وكل من عمل على تغطية تلك التجمعات أو قمعها، إضافة إلى المدافعين عن حقوق الإنسان، ومداهمات منازل المواطنين دون اعتبار لحرمتها.
واستهجن الموقعون على هذا البيان، استمرار منع مؤسسات حقوق الإنسان في القطاع من زيارة مراكز التوقيف أو الاحتجاز للاطلاع على أوضاع المحتجزين، خاصة في ظل ورود معلومات حول احتجاز مواطنين في أماكن غير مخصصة لذلك، وعرض المدنيين أمام النيابة والقضاء العسكري، مما يثير مخاوف جدية حول ظروف احتجازهم أو تعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة.
ورأت أن تلك الانتهاكات قوضت بشكل خطير حق المواطنين في الأمان الشخصي والسلامة الجسدية، والحق في حرية التعبير عن الرأي والتجمع السلمي، وحرية العمل الصحفي وعمل المدافعين عن حقوق الإنسان، وحرمة المساكن، وهي حقوق مكفولة دستورياً ووفق المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وأكدت المؤسسات الموقعة على حق المواطنين الدستوري في التعبير عن آرائهم والتجمع سلمياً والاحتجاج دون قمع أو ترهيب، كما أكدت على أن الزج بمدنيين، منهم مسلحين، محسوب على حركة حماس لمساندة قوى الأمن في قمع التجمعات السلمية من شأنه تهديد السلم الأهلي وانزلاق المجتمع نحو نزاعات أهلية وعائلية.
وطالبت الأجهزة في غزة بالإفراج الفوري عن كافة المعتقلين على خلفية التجمعات السلمية في قطاع غزة، وتمكين محامي المؤسسات الحقوقية من زيارة المحتجزين والاطلاع على أوضاعهم الصحية والقانونية، والإعلان عن كافة الأماكن غير الرسمية التي يُحتجز فيها المواطنون، وتمكين تلك المؤسسات من ممارسة دورها دون أية قيود.
كما طالبت بفتح تحقيقات جزائية فعالة في الانتهاكات المقترفة ومحاسبة المسؤولين عنها، وتقديمهم للمحاكمة، وانصاف الضحايا وجبر الضرر عنهم، واتخاذ إجراءات جدية كفيلة بعد تكرارها.
وشددت المؤسسات على مطالبتها وزارة الصحة بالالتزام بدورها الإنساني، والإعلان عن أعداد المصابين والضحايا ممن تلقوا خدمات طبية في المراكز الطبية خلال الفترة الماضية، وتزويدهم بتقارير طبية مهنية توثق ما تعرضوا له من اعتداءات.
ودعت إلى تشكيل لجنة وطنية حقوقية للتحقيق في كافة الانتهاكات الجسيمة المقترفة في قطاع غزة مؤخراً، وما رافقها من تحريض وخطاب كراهية من شأنه تأجيج العنف وتهديد السلم المجتمعي.
وطالبت المؤسسات الموقعة بوقف السياسات والإجراءات الضريبية الجديدة التي تهدف إلى تعظيم الجباية، والتي أدت الى ارتفاع الأسعار واثقلت كاهل المواطنين بأعباء تفوق قدرتهم على التحمل، وترى أن حل مشكلة تمويل إدارة قطاع غزة يجب ألا تكون على حساب المواطنين في قطاع غزة، داعية أيضاً الى مزيد من الشفافية والإفصاح فيما يتعلق بإدارة الأموال العامة في قطاع غزة.
وذكرت المؤسسات بأنه في وقت كان المتظاهرون سلمياً يتعرضون للقمع والاعتداء، كان مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة يُناقش تقرير اللجنة الأممية لتقصي الحقائق في الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها دولة الاحتلال بحق المتظاهرين سلمياً ضمن "مسيرات العودة الكبرى" في قطاع غزة، وكانت المؤسسات الحقوقية الفلسطينية تعمل بكل طاقتها للحشد داخل المجلس لتبني التقرير وتوصياته.
وطالبت أيضا بضرورة الإسراع في عقد الانتخابات العامة في الضفة الغربية، بما فيها القدس، وقطاع غزة، كأحد السُبل للخروج من حالة الانقسام السياسي، وما رافقها من تدهور لحالة حقوق الإنسان، وتراجع الحالة الوطنية الفلسطينية بشكل عام.
وحملت المؤسسات دولة الاحتلال المسؤولية المباشرة عن تدهور أوضاع حقوق الإنسان، والظروف المعيشية الكارثية للمواطنين، جراء استمرار حصارها طويل الأمد وغير المسبوق على قطاع غزة، والذي يُشكل عقاباً جماعياً للسكان وجريمة موصوفة بالقانون الدولي الإنساني.