خاص
لم الشمل.. نساء أسيرات منازلهن وأكثر من 35 ألف طلب معلق
خاص- رايـة- حسين ابو عواد:
عام آخر مر على آلاف الآباء والأمهات والأطفال والأزواج الذين ينتظرون منذ سنوات بأن تحل قضيتهم والبت في طلباتهم التي تكدست بالآلاف أمام الإسرائيليين الذين اوقفوا عملية لم شمل الأسر الفلسطينية منذ عام 2009.
الآلاف يجتمعون كلهم حول طلب واحد وهو حقهم في الدخول أو الخروج من فلسطين متى شاءوا ، فهم تزوجوا أو تزوجن من أشخاص "أجانب" يعانون حاليا من رفض منحهم تأشيرات لدخول فلسطين أو رفض تجديد تأشيرات المقيمين فيها فيضطروا وقتها إلى مخالفة مدة التأشيرة والبقاء مع أسرهم لتصبح كلمة "مخالف/ة" كفيلة بشرح جزء من معاناتهم.
سلطات الاحتلال شددت مؤخرا من القيود التي تفرضها على تواجد مواطني دول أجنبية في فلسطين ومعظمهم من أصل فلسطيني أو عربي ولهم روابط عائلية وتاريخية وثيقة بفلسطين فبعد أن كانت تمنحهم تأشيرات دخول لمدة أشهر أصبحت ترفض معظمها وفي حال سمحت بدخولهم تكون لمدة قليلة لا تتجاوز الشهر وبذلك يتعين عليهم تجديدها مرة تلو الأخرى لضمان بقائهم مع أسرهم.
أرقام لافتة تبرز من واقع المنع الإسرائيلي على لم الشمل الفلسطيني، وفي هذا السياق يوضح المتحدث باسم الهيئة وليد وهدان أنه منذ عام 2009 لم تصدر أي معاملة لم شمل لفلسطيني سواء في الداخل أو الخارج، بسبب قرار حكومة الاحتلال بوقف لم الشمل.
وذكر أن لدى الهيئة ما يزيد على 35 الف طلب "لم شمل" مقدم، دون أن يتم تحقيق أي منها منذ بدء المنع الإسرائيلي.
وأشار وهدان لـ"رايـة" أن الحكومة الإسرائيلية حولت هذا الملف إلى ملف سياسي لاستغلاله في أي مفاوضات قد تحدث.
زوجات أسيرات منازلهن
آلاف النساء جزء منهن فلسطينيات ولدن في الخارج وجزء أخر متزوجات بفلسطينيين منذ سنوات عالقات في الضفة بعد رفض سلطات الاحتلال تجديد تأشيراتهم فإسرائيل التي تسيطر على الحدود هي من تحدد من يمكنه الدخول إلى الضفة ولأي مدة، ولأن إسرائيل أيضا هي من تسيطر على سجل السكان الفلسطيني فهي التي تقرر من مِن هؤلاء سيحصل على الإقامة في إطار اجراءات جمع شمل العائلات وعددهم ومتى هذا إذا تم ذلك بالأساس
أحمد زوج سارة (الأسماء وهمية خشية الملاحقة الإسرائيلية) يحدثنا عن حجم المعاناة اليومية التي تعانيها عائلته منذ سنوات في انتظار البت في طلب "لم الشمل" لزوجته وهي أردنية الأصل تزوجها قبل أربع سنوات.
سارة كغيرها من آلاف النساء تركت مكان نشأتها في الأردن واتجهت برفقة زوجها الفلسطيني لتدخل الضفة بتأشيرة مؤقتة اضطرت لكسرها بعد انتهاء مدتها التي لا تتجاوز في العادة شهرا واحدا.
تقدمت العائلة حينها عام 2015 بطلب "لم الشمل" عبر هيئة الشؤون المدنية التابعة للسلطة، طلب يضاف إلى آلاف الطلبات العالقة لدى الاحتلال منذ عام 2009. "
زوجتي تعيش في سجن" بهذه الكلمات يختصر أحمد جزءا من معاناتهم جراء الاجراءات الإسرائيلية المتعلقة بـ"لم الشمل"، فهي (سارة) إذا فكرت بالسفر إلى الأردن لن يكون بإمكانها العودة إلى فلسطين كما أنها تبقى أسيرة المنزل لا تتنقل من محافظة إلى أخرى خشية الحواجز الإسرائيلية، لأن توقيفها من قبل أحد الجنود الإسرائيليين على أحد الحواجز يجبرها على مغادرة فلسطين قسرا لمخالفتها مدة التأشيرة التي دخلت بها إلى الضفة.
الزوج أحمد وكونه أسيرا محررا يخشى في أي لحظة مداهمة قوات الاحتلال لمنزله لأنه حينها ترحل زوجته وتشرد عائلته ويربى أطفاله الثلاثة بعيدا عن أمهم.
عائلة ممنوعة من الدخول منذ عام 79
قصة أخرى ترويها عائلة "يونس " المتكونة من 5 أفراد تعكس حجم المعاناة التي تتجرعها العائلة منذ عام 1979 فأفرادها ممنوعون جميعهم منذ ذلك العام من دخول فلسطين.
تقول الأم لـ"رايـة"،:"خرجت أنا وزوجي وأطفالي الثلاثة من فلسطين عام 79 بحثا عن رزقنا والاجراء الذي كانت تتبعه سلطات الاحتلال بحق الفلسطينيين حينها عند السفر هو أن تقوم العائلة بتسليم "الهوية" وعند العودة يتم استردادها ولكن هذا الأمر لم يحصل".
العائلة وبعد سنوات طويلة من الغربة عاشتها متنقلة بين الأردن والكويت قررت العودة إلى فلسطين لتفاجئ حينها بأنها ممنوعة من الدخول والحجة التي تذرعت بها سلطات الاحتلال أن العائلة لم تقم بتجديد "التصريح" الذي وضعته "إسرائيل" مدة 3 سنوات لتجديده.
40 عاما مرت على عائلة "يونس" وما زالت لا تحلم سوى حلم واحد هو العودة إلى فلسطين.
"الوطن قطعة من الروح مستحيل نستغني عنه" تقول الأم وكلها أمل بأن تحل اجراءات "لم الشمل" الذي تقدمت به العائلة منذ عام 2009 ولم تبت به سلطات الاحتلال حتى اللحظة.
جزء آخر يضاف إلى مسلسل الابتزاز والملاحقة للفلسطينيين تنتهجه سلطات الاحتلال من خلال ملف "لم الشمل" الذي تتحكم فيه لإجبار المواطنين على ترك وطنهم ولتقرر مرة أخرى أنه ليس للفلسطينيين الحق في العيش كعائلة.