فيديو
الخليل: فلسطينية تعتني بـ 45 قط وقطة في منزلها
طه أبو حسين
في مساحة صغيرة إلا من الحبّ، يتداخل "مواء القطط" كما لو كان فريق كورال ينشد الحياة على خشبة مسرح، فذلك مواء جبلي يهزّ وجدان القطط الإناث، التي تعزف بدورها مواء رومانسيًا تستدرج به الذكور، وعلى عتبات الأكواخ الصغيرة يخرجُ مواء "صغار البسس" تنشد الطعام والحنان الذي تتكفل به الشابة هبة الجنيدي التي اختصرت حياتها مع عالم القطط.
هناك، في المدينة التي أكل الاحتلال قلبها وأطرافها، وعلى جناح شارع السلام تحديدًا، أنشأت العشرينية هبة الجنيدي، ملجأ القطط الأول في الضفة الغربية الذي يحتوي اليوم 45 قطًا وقطة، بهدف "إنقاذ القطط من الشوارع وتبنيهم، حتى تعيش حياتها بشكل كامل دون تعرضها للأذى، فأنا أوفر لها كل إحتياجاتها من طعام وشراب ورعاية صحية وغيرها".
ملجأ القطط الأول، مساحته صغيرة، فيه كوخ كبير وإلى جانبه أكواخًا صغيرة، خصصت جميعًا لعشرات القطط المشردة التي احتوتها هبة، ووفرت لها بيئة آمنة تحميها من شر الإنسان كما تقول. "عملت الملجأ بعد 12 سنة من تربية القطط، عندما شاهدت حجم القسوة والعنف من مجتمعنا باتجاه القطط، وتسميمها، قررت عمل ملجأ بحيث لا تخرج للشارع، تحميهم من كل سوء، ونوفر لها كل الرعاية".
"القطط كل شيء بالنسبة لي، فالقطة قدري، أينما أذهب أشاهد قطة، وكل ما أعمله بحياتي متعلق بالقطط خاصة والحيوانات عامة، فأنا أعيش من أجل القطط" قالت هبة.
بينما كنّا في ملجأ القطط، اعترضت طريقنا قطة إجتماعية لأبعد الحدود كما تصفها هبة، فتسلقتنا كما لو كنا شجرة، وحاولت الصعود على أكتافنا ومحاكاة الكاميرا، حتى أنقذتنا هبة من تطفلها ثم قالت "كل قطة تختلف عن الأخرى، بعضها اجتماعي، وبعضها انطوائي جدًا، وذكائها متفاوت".
حبّ هبة للقطط جعلها كمدمنة لا ترى غيرها حتى في الدمى وملابسها وكثير احتياجاتها الموسومة بصور ومجسمات القطط، غير أنها أكثر ما تعشق قطّها المدلل المعروف بـ "كركم" والذي لعبت معه في (عيد الحبّ)، وغنّت ورقصت معه، حتى أنها لم تتمنع من طلب الزواج منه على سبيل الفكاهة؛ غير أن مدللها رفض الفكرة لأسباب خاصة على ما يبدو كما تقول ضاحكة..!
"أنا أحب كل القطط، لكن القط كركم المدلل، هو القط الأكثر حبا وله معزة خاصة، فهو يخاف من الجميع، ولم يكن أليفا أبدا، لا مع القطط ولا الناس، ولكن اعتاد عليّ، يرفض الاقتراب من أحد، ويعرف اسمه ويفهم عليّ كثيرا، فبيننا لغة تواصل خاصة، حتى أنه يرفض أمي التي تساعدني في الملجأ ويرفض القطط فلا يختلط بهم إلا نادرا، فهو أليف فقط معي أنا" قالت هبة.
"شباط القطاط"، شهر القطط دون منازع، فيها يتجلى مواء القطط لا سيّما الإناث منها، وتأخذ عملية التزواج مجدها مع أنها تتزاوج على مدار السنة، إلا أن شباط له الحظ الأوفر من هذه الطقوس القططية، لكن رائحة الحبّ من ذكور القطط في ملجأ هبة شبه معدومة." الذكور عملنا لهم عملية تعقيم، فلا يطلبوا التزاوج، وهذا من مصلحتهم ومصلحتنا، ولكن بسبب صعوبة عمليات الاناث، بالتالي هناك سلوكيات زواج، تتضمن أصوات القطط، فالقطة الأنثى تبحث عن أي ذكر في محيطها وتريد الخروج من الملجأ رغم وجود ذكور بالملجأ".
"الحيوانات تختلف في نقطة مهمة عن الإنسان، تعرفت عليها بعد سنين من تربية القطط، وهي الإخلاص، الذي لا تجده عند كثير من البشر، فالقط لا يزعلك ولا يستغلك ولا يريد منك مصلحة". قالت هبة "هناك تواصل مع القط كما لو كان ابني، فأنا يوميا منذ السادسة صباحا، أطعمهم وأنظف عليهم، فكل وقتي معهم".
هبة تطمح بتوفير أمان أكبر للقطط، وترصد أفكارها وطاقتها لذلك " أتمنى أن تنتهي كل حملات التسميم التي تصير بحقهم، سواء بحق القطط أو الكلاب.وأطمح بملجأ أكبر ويكون مغلق مع فريق متطوعين لرعايتهم وحمايتهم".
قبل مغادرة ملجأ القطط، كان موعد الغذاء قد حان، فجلبت هبة "دلو الغذاء"، وبدأت تطرق به، حتى أخذت القطط تخرج من أكواخها وتنزل عن الشجر الذي تسلقت عليه وتلتف هبة كعروس يوم زفافها التي وضعت الطعام في أوعية خاصة وكل مجموعة تلتزم بوعائها دون التعدي على وعاء الآخر، مشكلة بذلك لوحة الحياة والانسانية.