غزة بيئة طاردة للسكان
هجرة الشباب من غزة.. ظاهرة أم تهويل؟
غزة – راية: سامح أبو دية
في التاسع من شهر فبراير الجاري، تلقى قطاع غزة نبأ وفاة شابين غرقا في مياه الجزائر، خلال رحلة الهجرة، ما دفع الى فتح ملف الهجرة التي باتت ظاهرة ترتفع بوتيرة ملحوظة خلال الأشهر الاخيرة الماضية التي شهدت تدهورا غير مسبوق في كافة مناحي الحياة.
الكثير من الشبان الغزيين قرروا المخاطرة وخوض غمار تجربة الهجرة، على البقاء رهن هذا الواقع المرير، في ظل انعدام الأفق السياسي والاقتصادي، منهم من نجح في الوصول الى بلدان أوروبية، ومنهم من يخوض حاليا غمار المحاولة، ومنهم من دفع حياته ثمنا لذلك، ومنهم من ينتظر.
عدة تقارير ودراسات تحدثت عن هجرة الغزيين، وسط غياب للإحصائيات الرسمية، غير أن الباحث والأكاديمي من غزة د. يحيى الشمالي، اعتبر أن قطاع غزة أصبح الآن بيئة طاردة لسكانه وخاصة فئة الشباب، مؤكدا أن هجرة سكان القطاع عملية مستمرة وفي تزايد.
وأوضح الشمالي في حديث لبرنامج "أنا من هناك" عبر أثير "رايـــــة"، أنه لا توجد احصائيات دقيقة نظرا لاستمرار هجرة الشباب، منوها الى أن "طوابير الشباب في انتظار ركوب البحر وركوب المجهول".
وعن أسباب ازدياد مستوى الهجرة، أشار الى أن ذلك نتيجة العوامل الاجتماعية والانسانية الموجودة في قطاع غزة، مضيفا: "الشباب لا يملك قوت يومه، ولا يملك أي فرصة للقيام بأي عمل شريف يستطيع من خلاله أن يكمل حياته"، مشددا أن ذلك هو الدافع الاساسي للهجرة.
وتابع الشمالي: "لا يوجد احصائيات رسمية من أي جهة بعدد الشباب الذين غادروا قطاع غزة"، مشيرا الى أن الهجرة عملية مستمرة وخطيرة وذات أبعاد قد تكون نتائجها سياسية".
وأردف: "قبل 100 عام كانت قوارب المهاجرين الصهاينة تأتي وتستوطن في بلادناـ وتم خلق واقع ديموغرافي نراه بأعيننا، والآن تخرج القوارب بأبناء الشعب الفلسطيني".
ونوه الى أن الحصار الظالم الذي يفرضه الاحتلال الاسرائيلي دفع العديد من شبابنا للهجرة بحثا عن كرامتهم وعن لقمة العيش، معتبرا أن ذلك له تداعيات سياسية خطيرة، "ونتحمل جميعنا وزر هذا العمل الذي يقوم به شبابنا"، قال الشمالي.
وحول وجهة الشباب للهجرة، قال إن وجهتهم الأساسية هي أوروبا وتحديدا بلدان "بلجيكا والدنمارك والنرويج والسويد"، منوها الى أن العملية معقدة وتحتوي على الكثير من المخاطرة، والكثير منهم دفع حياته ثمنا للهجرة.
وتابع: "موضوع الهجرة بحد ذاته خطير؛ من سفر وركوب البحر والتعرض لمافيا المهربين، وشبابنا يكون عرضة للابتزاز دائما، ابتزاز الطبيعة وابتزاز تجار البشر".
وعن تأثير الانقسام الفلسطيني وتعثر جهود المصالحة على حالة الهجرة من غزة، يرى الباحث الشمالي أن الدافع الأساسي هو حالة الانقسام وغياب الاقتصاد والقانون والتنمية، بالإضافة الى غياب حقوق الانسان، مشيرا الى أن ذلك يشكل حافزا للشاب للهجرة.
ورغم أنه لا تتوفر إحصائيات رسمية حول ظاهرة هجرة أهالي غزة، أظهر استطلاع للرأي نفذته جامعة الأقصى بغزة منتصف العام الماضي عينة بلغت 1280 شخصا ممن تجاوزت أعمارهم الـ18، أبدى 51 بالمئة استعدادهم للهجرة خارج القطاع في حال أتيحت لهم الفرصة لذلك، وأوضح 83 بالمئة أن العامل الاقتصادي هو السبب في لجوء شباب القطاع إلى الهجرة، مقابل ما نسبتهم 12 بالمئة أرجعوها إلى العوامل السياسية.
وتتباين نسبة الرغبة لدى الشباب الفلسطيني في الهجرة إلى أوروبا بين مواطني الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث تشير بيانات صادرة عن جهاز الإحصاء الفلسطيني في أيلول/ سبتمبر من العام الماضي إلى أن 37 بالمئة من سكان القطاع يرغبون بالهجرة، في حين تنخفض النسبة إلى 15 بالمئة في الضفة الغربية.