بعد التقارب مع إسرائيل.. هل تحجم روسيا نفوذ إيران في سوريا؟
في الوقت الذي تتباعد إيران وروسيا على الأرض السورية، يزداد التقارب بين موسكو وتل أبيب، البلدان يتوحدان في مقاومة النفوذ الإيراني وحضورها في البلد الذي مزقته الحرب الأهلية، فيما تبدو طهران في عزلة متنامية.
أعلن وزير شؤون المهاجرين الإسرائيلي يوآف غالانت يوم السبت الماضي، عن نجاح دبلوماسي لحكومته، وحسب الوزير، فإن لدى الدولة العبرية خطة لإخراج إيران من سوريا وتعول على المساعدة الروسية في تحقيق ذلك الهدف.
وحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن الوزير قال إن التعاون بين طهران وموسكو يقترب من نهايته: "الوضع تغير الآن ونتج عنه أن موسكو تتجه لتل أبيب؛ إذ أن الدولتين يجمعهما هدف مشترك وهو إخراج إيران من سوريا". وأكد الوزير أن بلاده أعدت خطة لذك دون أن يعطي مزيداً من التفاصيل.
الشراكة الروسية-الإسرائيلية
لم ترغب روسيا في البداية التعليق على كلام الوزير، بل أنها انتقدت الضربات الجوية الإسرائيلية الأخيرة (ليلة 20 كانون الثاني/يناير) ضد أهدافاً إيرانية في سوريا: "القصف العشوائي لمناطق تعود لدولة ذات سيادة أمر يجب أن يتوقف"، على حد تعبير المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زخاروفا.
ونقلت وكالة تاس عنها قولها "ينبغي ألا نسمح مطلقا بأن تتحول سوريا، التي تعاني من صراع مسلح منذ سنوات، إلى ساحة لتسوية الحسابات الجيوسياسية".
ولكن لم يمر الكثير من الوقت حتى جاء التأكد على عمق الشراكة بين البلدين على لسان نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف: "الإسرائيليون يعلمون ذلك، واشنطن تعلم ذلك، الإيرانيون أنفسهم يعلمون ذلك، حتى الأتراك، والسوريون يعلمون ذلك: أمن إسرائيل هو أولوية لروسيا."
سبق التقارب السياسي اتصالات دبلوماسية مكثفة العام الماضي. وقد زار رئيس الوزراء الإسرائيلي موسكو لعدة مرات وعقد لقاءات مع الرئيس فلاديمير بوتين، آخرها في تموز/يونيو الماضي.
وتجمع الدولتين مصلحة في إخراج إيران من سوريا، وتنظر الدولة العبرية إلى وجود الملالي على حدودها كخطر لا يمكن القبول به. ومن جانبها تنظر موسكو إلى الوجود الإيراني كعامل مثير للمشاكل يقوض مساعيها للوصول لهدنة في البلد بعد ثمان سنوات من الصراع.
التباعد السياسي بين موسكو وإيران قاد على ما يبدو إلى اشتباكات صغيرة في سوريا. مجلة "دير شبيغل" الألمانية نقلت أن قوات تابعة للبلدين فتحت النار في شهل الغاب الواقع في محافظة حماة السورية، ما أسفر عنة مصرع 200 مقاتل.
"ميلشيات" إيرانية من السنة
مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن قال لـ DW إنه يعتبر التقارير عن قتال مقنعة، ذاهباً إلى أن روسيا تحاول تحجيم النفوذ الإيراني في سوريا، غير أن الأمر لم يصل حد الاقتتال.
وأضاف عبد الرحمن أن الروس اعتقلوا العديد من "المرتزقة الإيرانيين الذين ضايقوا المدنيين، ويعمل تحت أمرة إيران حوالي 3000 مرتزق سوري من السنة، ويعود انخراطهم في المليشيات الإيرانية إلى العائد المادي من النقود"، وفق ما قاله عبد الرحمن.
كما تناولت وسائل الإعلام الإيرانية ، الأنباء عن الاشتباكات مع الروس. واتهم رئيس اللجنة القومية للقضايا الأمنية والسياسية حشمت الله بيشه القوات الروسية المتواجدة في سوريا بإيقاف تشغيل منظومات صواريخ إس – 300 الروسية قبل الهجمات الإسرائيلية الأخيرة.
ويشير عبد الرحمن إلى أن موسكو تحاول، على ما يبدو، المشي على حبل مشدود، إلا أنه يستدرك: "لا أعتقد أن روسيا تريد السيطرة على سوريا وحدها دون إيران".
"الأسد لا حول ولا قوة له"
تقرير مصير الوجود الإيراني في سوريا، حسب رأي رامي عبد الرحمن، لم يعد بيد بشار الأسد وحده: "خارج العاصمة دمشق يوجد مناطق خاضعة لسيطرة الإيرانيين وحزب الله". وبشكل عام من الصعب اليوم إخراج إيران من سوريا بشكل كامل. وهذا يعود إلى أن رجال أعمال إيرانيين اشتروا الكثير من العقارات في دمشق، والكلام دائماً لعبد الرحمن.
من جانبها، تحاول إسرائيل إبقاء إيران على أبعد مسافة ممكنة من حدودها. وهنا تعول إسرائيل على مساعدة روسيا. وقد أجبرت موسكو القوات الإيرانية في السنة الماضية على عدم الاقتراب لمسافة 85 كيلومتر من الحدود، يقول نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف.
المصدر: DW