عائلة أبو سعيفان في بطن الحوت الإستيطاني

الخليل- رايــة: طه أبو حسين

في بطن الحوت الإستيطاني تعيش عائلة أبو سعيفان وعشرات العائلات الخليلية، تعلك آناء الليل وأطراف النهار وما بينهما بين أفكاك مستوطني مستوطنة "كريات أربع"،  وفي الشهرين الأخيرين، تضاعفت عمليات الهرس للعائلة، ما ضاعف خوفهم تخوفًا أكبر.

آخر الإعتداءات كانت باليومين الأخيرين، أصيب خلالها هشام أبو سعيفان ونجله محمد "12 عاما"، وفي معاينة المشهد يقول الطفل المصاب "كنا محشورين بالدار، دخل المستوطنين البيت، حاول أبي منعهم فضربونا، ضربوا أبي وضربوني بحجر في رأسي".

محمد وأقرانه الخلايلة الذين يعيشون في واد الحصين المحاذي لمستوطنة "كريات أربع" في الخليل، أحلامهم تكاد تتشابه، وهي أبعد البعد عن الحلم، كون الكوابيس تتوالى عليهم خلال النوم والواقع كما يقول محمد "المستوطنون يعتدون علينا كثيرا في النهار، وبحلم إنهم بهاجمونا، بقتلونا، وبحرقوا بيتنا".

هشام والد الطفل محمد، يقول أن الإعتداءات تطولهم بصورة شبه يومية، غير أنها تضاعفت بالشهرين الأخيرين، تطول النساء، الأطفال، الرجال، المنازل، وكل شيء، غير أن بعض الأحداث تكاد لا تبتعد عنه، كإطلاق النار على عمه وابن عمه من مسافة الصفر.

"من يوم ما سرقوا عمارة الرجبي، بدؤوا بشق طريق استيطاني يصل بيت الرجبي والحرم الإبراهيمي، ويريدوا الطريق من منزلي، وهذا ما لن يكون". قال هشام الذي بيّن أنهم محرومون من وصول المركبات لمنازلهم، فيضطروا لايقافها على بعد مسافة تتجاوز كيلو متر عن منازلهم.

 أطفال واد الحصين يضطروا الذهاب لمدارسهم صيفا وشتاء مشيا على الأقدام، فلا وسيلة غير ذلك، أو ما يدفعهم إليه الإحتلال.. الرحيل عن المنطقة، وهو ما ترفضه العائلات جملة وتفصيلًا.

جهاد أبو سعيفان، كانت تخاف كغيرها من النساء القاطنات في المكان، إلا أن وجودها على مرمى اعتداءات المستوطنين، دفعها لتجاوز حاجز الخوف، ودخول معترك توثيق الإنتهاكات وأحيانًا المواجهة لصد هجمات المستوطنين.

تجاوز جهاد مرحلة الخوف الظاهر، لا يعني تجاوزه في باطن الأمر كما تقول "الله يعلم كيف يمر الليل، بنام وبحكي إبصر يمكن أصبح أو لأ، من حرق البيوت ومن هجومهم المستمر".

زوج جهاد، جمال أبو سعيفان، دخل خط توثيق الإنتهاكات مبكرًا. "أنا أوثق الأحداث منذ زمن، وصرت موثق 10 آلاف حدث وأكثر، أيام يكون حدثين وثلاثة، بعضها قتل وبعضها اصابات وبعضها حرق وما إلى ذلك".

منزل جمال ملاصق لمستوطنة "كريات أربع"، يقول أن طريقهم مغلقة منذ بداية انتفاضة الأقصى الثانية، فيضطرون لحمل احتياجات منازلهم كلّها على الأكتاف ومشيًا على الأقدام.

يعتب جمال على المسؤولين الفلسطينيين الذين لا يراهم إلا على التلفاء أو بالإنتخابات، أما بزيارات ميدانية فلا أثر إلا ما ندر على حد تعبيره.

لماذا لا يرحل جمال وعائلاتهم عن واد الحصين؟ "هذه أرضي وأرض أجدادي، والمستوطنين جاؤوا وعليهم الرحيل لا نحن، وإذا بدي أموت سأدفن فيها، وإذا إبني مات سيندفن فيها إلا إذا فجروا فينا البيوت وذبحونا واحد واحد..مع هيك بذرتنا باقية". ختم جمال.