ماجد.. يحمل "دكانه" في يده واعاقته فوق جسده المريض

خاص- رايـة- حسين ابو عواد / فيديو آيرين كيلة

يستيقظ قبل الصباح ليرفع الستار عن وجه الشمس حاملا اعاقته فوق جسده المريض فهو يعاني من اعاقة خلقية في قدمه ويده، ليبدأ يومه الشاق غير مبال بلهيب الشمس وصقيع الشتاء فلم تعد زخات المطر تخترق عظامه.

ثواني معدودة تقدمها الاشارة الضوئية الحمراء يستغلها ماجد شوامرة ابن الثلاثين ربيعا مع ابتسامة يتعمد رسمها ليسال" محارم... محارم"، فما ان يتنازل السائق ويفتح شباك مركبته ليعطيه بضعة شواقل او يرفض ليعيد ماجد المحاولة مع سائق آخر الى ان تضيء الاشارة باللون الاخضر معلنه انتهاء وقته.

بوجهه الشاحب الذي ارهقه الزمن وانتهكته متاعب الحياة يقف ماجد على الاشارات الضوئية في منطقة البالوع بمدينة البيرة يشكو حظه في هذه الدنيا حاملا "دكانه" في يديه يتجول من شارع لشارع بحثا عن زبون يشتري منه علبة "محارم"، عله يؤمن من خلالها قوت يومه ليعود الى زوجته واطفاله الخمسة ببضعة شواقل تحول دون اضطراره لمد يده الى الناس.

عشرات الكيلوات يقطعها ماجد من امام منزله الكائن في حي "بطن الهوى" برام الله، مشيا على الاقدام- شتاءً- حتى نقطة الوصول إلى خط المواصلات العامّة.. لتنقله المركبة إلى نقطة الاشارات الضوئية الكائنة في البالوع؛ ليعتاش من "المحارم" التي أمضى سنوات طويلة من عمره بائعا لها في الشارع، علّه أن ينتهي به الحال مالكاً لـ"كشك" متواضع يقيه برد الشتاء؛ كونه الفصل الوحيد الذي يعمل فيه بائعاً متجولاً.

يقول ماجد: "في فصل الصيف ابيع "المحارم" على بسطة في حسبة رام الله ادفع مقابلها 25 شيقل يوميا على مدار العام، ولكن في الشتاء  لا استطيع البيع عليها لانها مكشوفه وتغرقها الامطار."

"25 شيقل بدفعها صيف وشتاء للبلدية ..  سواء اشتغلت عليها او لاء" يضيف ماجد.

"شو بدي اعمل بدي اعيش . يموتوا ولادي من الجوع يعني". بهذه الكلمات يندب ماجد حظه في الدنيا متسائلا" وين الجهات المسؤولة الي بتعرف وضعي واعاقتي وما قدمت شيء ".

انتقلنا مع ماجد الى منزله "المهتري"، الذي يعيش فيه مع زوجته واطفاله الخمسة، فهو يتكون من غرفة ومطبخ اكلت الرطوبة جدرانه، ورغم سوء معيشته، لا يتلقى سوى 750 شيقل مساعدات من الشؤون الاجتماعية كل ثلاثة اشهر.

ام خالد والدة ماجد ورفيقته على "البسطة" فهي الاخرى تبيع "المفتول" بجواره في فصل الصيف، تعاني وضع معيشي صعب حيث تسكن في الشقة المجاورة لابنها في منزل لم تستطيع أن تكمل بناءه، تستصرخ الضمائر الحية لمساعدتها وانتشالها من هذه الاوضاع السيئة هي وابناؤها.

تطالب ام خالد (الام لـ6 بنات و5 شبان احدهم متوفى واخر شهيد وثالث مريض ورابع عاطل عن العمل والخامس ماجد الذي يعاني من اعاقة جزئية)، تطالب بلدية رام الله بإعادة "كشك" كان باسم نجلها الشهيد وتم اخذه من العائلة دون سبب وفق قولها.

احتجز لاعتراضه موكب مسؤول.

وتحدثنا ام خالد عن حادثه تعرض لها نجلها ماجد خلال بيعه على الاشارات الضوئية في منطقة البالوع قبل اسابيع قليلة، حيث اعترض دون قصد موكب لاحد المسؤولين ليبيعه "المحارم" فتم اعتراضه من قبل الامن وتوقيفه لمدة يوم.

تركنا ماجد وهو يتنقل من شارع إلى شارع فلم نشأ أن نعطله أو نشغله عن عمله على الرغم من أن حكايته التي تجمع بين الكد والتشويق، علّ الحال يتبدل ويلاقي بعد الزمان زمانا.