سجن داخل آخر
اسيرات لم يرين الضوء منذ اكثر من 1488 ساعة متواصلة
خاص- رايـة- حسين ابو عواد
وفق الدراسات الطبية فان عدم خروج الانسان الذي يحتجز نفسه داخل جدران منزله لمدة قليلة من الزمن كفيلة بإصابته بحالات تدني الحالة المزاجية والعزلة التي تقلل من الثقة بالنفس فتدخل صاحبها في موجة الشعور باليأس اضافة الى الامراض الجلدية والنفسية التي يصاب بها نتيجة عدم تعرضه لاشعة الشمس والهواء، فكيف يكون الحال لمن هن محتجزات جبرا داخل زنازين الاحتلال ويمتنعن عن الخروج الى متنفسهم الوحيد (ساحة السجن)، لمدة تزيد عن 1488 ساعة متواصلة.
داخل معتقل "هشارون" وجدة اسيرات انفسهن في سجن داخل آخر يمتنعن عن الخروج للساحة او ما يعرف بـ"الفورة"، لليوم الـ63 على التوالي احتجاجا على إعادة ادارة السجن تشغيل كاميرات المراقبة في الساحة.
63 يوما تخضن الاسيرات خلالها معركة محرومات فيها من بقعة ضوء واستشاق الهواء، لابطال قرار الاحتلال بنصب كاميرات داخل متنفسهم الوحيد بساحة السجن المغلقة بالاساس والمسقوفة بالبلاستيك الشفاف الذي لا يدخله الا نسبة ضئيلة من الضوء.
ساحة لا تتجازو مساحتها 50 متر يخرجن إليها الاسيرات من سجنهن لمدة 5 ساعات باليوم مقسمة على ثلاث مراحل (ساعتين- ساعتين- ساعة)، وفق الاسيرة المحررة نجوان عودة.
الاسيرة المحررة نجوان عودة والتي امضت 18 شهرا في سجن " هشارون" تروي لـ"رايــة"، حجم المعاناة التي تعاني منها الاسيرات في سجون الاحتلال والتي تفاقمت جراء الخطوات العقابية التي شرعت بها ادارة السجن لثني الاسيرات عن خطواتهم الاحتجاجية.
تقول عودة: "معتقل هشارون يحتوي على زنازين ضيقة لا تليق بالحياة الادمية وفيها التهوية قليلة جدا والاضاءة خافقة كما ان نسبة الرطوبة عالية، وتعتبر ساحة السجن المتنفس الوحيد للاسيرات، يقمن فيها بتمارين رياضية ويناقشن ما يقرأن من كتب حيث يحتوي المعتقل على مكتبة يوجد فيها نحو الف كتاب إضافة إلى أنشطة أخرى".
وتضيف المحررة عودة: "ساحة السجن هي المكان الوحيد الذي فيه غسالة الثياب، ومعدات الطبخ، وفيها يقمن الاسيرات بغسل ثيابهم واعداد الطعام".
والاهم بحسب عودة فإن ساحة السجن هي المكان الوحيد الذي يرون خلالها الاسيرات ضوء الشمس الذي بالاساس يدخل بنسبة ضئيلة جدا اليهن لان الساحة مغطاة بالبلاستيك الشفاف.
اضرار جسدية ونفسية لحقت بالاسيرات مع امتناعهن بالخروج الى "الفورة"، تقول عودة: هناك اسيرات بدأ شعرهن بالتساقط كما ظهر على بعضهن طفح جلدي، اضافة الى زيادة اوجاع الاسيرات المريضات اللواتي في سجن "هشارون" كالأسيرة اسراء الجعابيص والاسيرة نسيرن ابو كميل.
هذا وتواصل ادارة سجون الاحتلال نقل الاسيرات منذ منتصف الاسبوع الماضي من سجن "هشارون" الى سجن "الدامون"، في خطوة اعتبرها مستشار هيئة شؤون الأسرى والمحررين لشؤون الإعلام، حسن عبد ربه تأتي فى سياق سياسة التضييق على الاسيرات والالتفاف حول مطالبهن المشروعة والمتمثلة في رفع كاميرات المراقبة من ساحة (الفورة) لممارسة حياتهن داخل السجون بشكل اعتيادي.
واشار عبد ربه الى ان عمليات النقل للأسيرات ما زالت متواصلة، موضحا بانها تتم على دفعات وان هناك اسيرات ما زلن في معتقل "هشارون" ويواصلن خطواتهن الاحتجاجية بالإمتناع عن الخروج لساحة السجن.
وأوضح عبد ربه بأن السجن الذي يجري نقل الاسيرات اليه وهو "الدامون" يعاني بالاساس من الاكتظاظ داخل غرف السجن، لافتا الى انه مع انتهاء نقل جميع الاسيرات سيتم التواصل معهم لتأكد من الواقع الجديد ولبلورة الخطوات الاحتجاجية التي يتم الاتفاق عليها لمواجهة قرار النقل.
وتأتي الخطوات الاحتجاجية للاسيرات بعد تنصل ادارة سجون الاحتلال من اتفاقيتها السابقة مع الحركة الاسيرة والتي اكدت بانه لا يجب تركيب كاميرات مراقبة، لكن الإدارة نقضت الاتفاق، الأمر الذي أثر بالأسيرات وحدّ من حركتهن.