يقدر عمرها بـ5 آلاف عام
حارس أقدم شجرة في فلسطين
رايــة: فارس كعابنة-
يعمل صلاح أبو علي في وظيفة غير مألوفة، يواظب عليها منذ 10 سنوات، ويقول إن علاقة خاصة تتعدى نطاق العمل ربطته مع مرور الزمن بها.
إنه حارس أقدم شجرة في فلسطين.
يصحو ابو علي كل صباح ويسلك طريقًا ترابيًا ضيقًا منحدرًا تشكل بفعل مسير أقدامه اليومي بين أشجار الزيتون متوجهًا إلى الشجرة التي قدر فريق خبراء محلي ودولي عمرها بـ5500 عام.
وسرعان ما صار طريق ابو علي، مسارًا للزائرين من داخل فلسطين وخارجها لإلقاء نظرة عن قرب إلى الشجرة التي يبدو وراء مظهرها الضخم وجذعها المتشعب لعدة فروع، تاريخ طويل.
تقع الشجرة في قرية الولجة غرب مدينة بيت لحم، وهي قرية يحيطها الجدار الاستيطاني الإسرائيلي ويمنع أي توسع عمراني او زراعي لسكانها.
وخلال حديثه بدا أبو علي بشعور عال من الرضا على عمله في مهمة الحراسة. وكرر كلمة الحب عدة مرات في وصفه لعلاقته بها، "يجب أن تحب الشجرة، أهم شيء هو حبك لها لأن ذلك هو أكبر عناية بها".
ويتعرض زيتون فلسطين لهجمات منظمة من قبل مجموعات إرهابية من المستوطنين في الضفة، يتم خلالها تقطيع مئات الأشجار. ومع بدء موسم قطف الزيتون من كل عام يقع المزارعون تحت استهداف المجموعات ذاتها، لكن مهمة الحراسة لدى أبو علي تتعدى منع أي اعتداء إسرائيلي.
"من لا يرغب في أن يحرس تاريخ"، قال ابو علي بابتسامة هادئة بدت على وجهه، ردًا على التزامه بحراسة الشجرة مقابل عائد مادي متواضع قدره 1500 شيكل خصصتها له وزارة الزراعة.
وظيفة الحارس غير معتادة، كذلك تفاصيل الشجرة العملاقة، فقطرها الداخلي يقدر بـ25 متر، وارتفاعها يتعدى 12 مترًا، وتعطي من الظل ما مساحته 250 متر.
ويرتبط اسم الشجرة بشخص اسمه "أحمد البدوي" وصارت متعارفة بين سكان القرية بـ"بشجرة أحمد البدوي".
والبدوي هو إمام في المذهب الإسلامي الصوفي، وقد كانت الشجرة مقامًا للصوفيين قبل بضع مئات السنين، وفقًا لروايات تاريخية يتناقلها السكان ويحفظها ابو علي.
ويتواجد قبر البدوي اليوم في مدينة طنطا المصرية، وقد كان يترحل في حياته بين مصر وسوريا وفلسطين، وفي محطته الأخيرة كان يقيم عند الشجرة.
هذه التفاصيل التاريخية جعلت الشجرة بمرتبة القداسة عند أبو علي بينما كان يجلس في ظلها، ومن ورائه مظهر جذوع الشجرة المتشعبة.
"هذه مؤسسة بحد ذاتها. أعمل في حراستها كوظيفة رسمية منذ 10 سنوات لكن منذ 45 عامًا وأنا اواظب على زيارتها يوميا"، قال أبو علي، وصمت لثوان ثم تابع: "هذا وسام شرف".