رأي الراية:
أوقفوا الدور القطري
لم يعد خافياً على أحد خطورة الدور القطري في زمن "الربيع العربي" من فلسطين الى سوريا مرورا بمصر، كما أن التفويض الامريكي للدويلة الصغيرة أصبح واضحا بعد أن حازت أهم منبر تأثير إعلامي يمارس التفتيت والتطبيع، وأكبر قاعدة حماية عسكرية أمريكية للقيام بدور الاثارة والتأليب وتحريك أدوات وأفكار الصراع.
في غزة كان الدور القطري مصاحبا للانقسام بالدعم والتمويل بتوجيهات من صاحبة نظرية الفوضى الخلاقة كونداليزا رايس، وتعاملت الدوحة مع الملفات الساخنة من طالبان الى حماس بمنطق الترويض ورفع حدة التوتر الداخلي وزيادة معدلات العداء داخل البلدان وفق ما تقتضيه مصالح الولايات المتحدة وحليفها الأكبر في تل أبيب.
الدور القطري في تثبيت الانقسام، وتشجيع حركة حماس على الانفصال السياسي والجغرافي لم يكن دور بطوليا إنما تنفيذ عملي لإرادة اسرائيل التي ترى أن غياب الوحدة الوطنية الفلسطينية إنجاز استراتيجي لا يقل عن قيام دولة الاحتلال وهزيمة 1967 للعرب.
دليل ذلك مرور المال القطري الى حركة حماس أمام أعين الأمن الاسرائيلي بسهولة، من أجل تثبيت حكمها ودعم تنكرها للمصالحة، وقد رأى الجميع السفير القطري محمد العمادي يتنقل بين تل أبيب وغزة يحمل الرسائل ويحضر لاتفاقيات الأمن مقابل الغذاء،، ويحمل حقائب المال والامتيازات لحركة حماس تحت اشراف الموساد ورضا نتنياهو.
اليوم عندما قررت القيادة الفلسطينية الضغط من أجل المصالحة سعيا لتنفيذ اتفاق 12 أكتوبر من العام المنصرم، لإجبار حماس على المصالحة وانهاء الاستفراد بغزة، تحركت قطر بسرعة بإدخال 150 مليون دولار الى غزة عبر بوابة اللجنة الادارية التي تحكم في الظل لصالح حركة حماس، دون اعتبار لحكومة التوافق الوطني التي تقوم بالحد الاقصى لدورها في غزة رغم منع وزراءها من العمل، حكومة تكفلت بمشاريع المياه والبنى التحتية واعادة الاعمار والصحة والتعليم رغم تغييبها لصالح حكومة ظل تجبي الضرائب دون أن تقوم إلا بمهام الامن بالمفهوم الضيق فقط.
شاحنات السولار القطرية التي دخلت لخزينة حماس عبر جباية الكهرباء، جاءت برضا اسرائيلي وترحيب الادارة الأمريكية دون ان يستدعي ذلك التساؤل لماذا ومقابل ماذا؟، في الوقت الذي تمارس الادارة الامريكية التنكر الكامل للحقوق الفلسطينية والاعتداء على ثوابت الشعب الفلسطيني وحصار منظمة التحرير الفلسطيني وتشديد الخناق على السلطة الوطنية، وتقوم بجهود جبارة لخنق الأونروا دون نجدة من حاكم قطر.
ان اهتمام الادارة الامريكية، وتشجيع قطر واسرائيل على دفع حركة حماس نحو الانفصال عن مشروع الدولة الفلسطينية التي يقر بها العالم، وتطالب بها شعوب الارض، هو عملية تنفيذ كبيرة ومكشوفة لصفقة القرن لاستكمال مخطط شارون بإقامة شبه كيان فلسطيني في غزة على 1% من أرض فلسطين، كيان يبقى تحت رحمة المساعدات والهبات ويهدد الوجود الفلسطيني في الضفة والقدس والشتات.
الواقع يتطلب من حركة حماس الانتباه الى ما يحاك، لأن الذي يطمئن الى البيت الابيض ووعود مبعوثيه لا يرى ما يجري وما جرى حوله بوضوح، وكيف أن "المتغطي بالأمريكان عريان"، ويكفي التجربة الفلسطينية في سنوات المفاوضات أكبر برهان، كذلك مطلوب من منظمة التحرير والحكومة الفلسطينية اتخاذ موقف واضح من الدور القطري بشكل مباشر أو عبر جامعة الدول العربية، فلا يجوز أن تتحرك قطر بهذه الراحة دون اتهام وملاحقة.