جمعية الشابات المسيحية تطلق فعاليات مؤتمرها الدولي
انطلقت اليوم في مدينتي رام الله وغزة فعاليات المؤتمر الدولي "الشباب يشارك، الشباب يقرر نحو بناء مستقبل الحرية والعدالة": قرار مجلس الأمن للأمم المتحدة 2250 " بمشاركة أكثر من 400 شخص من خارج فلسطين وداخلها، يمثلون مؤسسات وفعاليات دولية ومحلية.
وفي كلمتها الافتتاحية رحبت السيدة هيفاء برامكي رئيسة اتحاد جمعيات الشابات المسيحية في فلسطين بالمتحدثين، والحضور من خارج فلسطين وداخلها، وقالت إن المؤتمر يتزامن مع احتفالات الجمعية بإنشائها منذ 125 عاما، حيث بدأت هذه المسيرة في يافا، ثم القدس، ثم الانتشار في المخيمات الفلسطينية لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين.
وأضافت برامكي أن الجمعية راكمت التجربة الطويلة والغنية، التي انعكست في برامج مختلفة لتمكين الشباب، والنساء، واليوم يمكن الحديث عن جمعية الشابات المسيحية بأنها مؤسسة تطوير مجتمعية ذات بعد وطني ودولي وقد تكرس هذا الأمر من خلال البرامج والشراكات، والهوية الوطنية التي تعززها الجمعية.
وأضافت برامكي أننا نشعر بالغبطة لتوقيع دولة فلسطين على عدد كبير من الاتفاقات والمعاهدات الدولية، وفي الوقت نفسه نستشعر روح المسؤولية لتطبيق هذه المعاهدات فلسطينيا، وأن تتجلى وتنعكس في القوانين الوطنية.
بدورها أكدت وزيرة شؤون المرأة د. هيفاء الآغا على أن الشباب أمل الأمة، والمخزون الإستراتيجي، وأن قرار مجلس الأمن 2250 جاء لقناعة الدول بأن الشباب هم ركيزة أساسية لا يمكن تجاهلها في عمليات التنمية المستدامة، وفي تطور المجتمعات.
وأضافت "أننا في الحكومة الفلسطينية نؤكد على أهمية إشراك الشباب، وعلى كل المستويات، وعلى أهمية النهوض بواقعهم رغم ما يعانونه من إحباط، وما يتعرضون له من إنتهاكات إسرائيلية مستمرة".
وتابعت الأغا: "لهذا جاءت الإستراتيجية الوطنية عبر القطاعية لتعزيز المساواة والعدالة بين الجنسين وتمكين المرأة، لتلقي الضوء على هذا واقع الشباب، وتركز على السبل الكفيلة بإستنهاض قدراتهم. هذا بالإضافة إلى الإستراتيجيات عبر القطاعية للوزارات الأخرى، والخطط العامة التي وضعتها الحكومة الفلسطينية، والبرامج التي تتبناها.فلا يمكن الحديث عن تنمية مستدامة بمعزل عن الشباب".
وقدمت السيدة مالايا هارب السكرتيرة العامة لجمعية الشابات المسيحية العالمية كلمة المؤتمر الرئيسة، حيث أكدت أن المسيرة الطويلة للجمعية كرست الحضور الفاعل للشباب، لأن الجمعية تؤمن أن كل شاب هو مشروع قائد، وأن عليه أن يحمل الراية. ولهذا فإن الواقع سيكون مختلفا لو تم إعطاء الشباب الفرصة ليكونوا في مواقع صنع القرار، ودعت أصحاب القرار للأخذ بأصوات النساء والشباب وتمرير الراية للجيل الشاب، لأن من شأن هذا أن يغلق الفجوة القائمة على حرمان الشباب من صنع القرار، ولعب دور مهم في التغيير.
وبينت مالايا أن تجربة الجمعية ومسيرته الطويلة قامت على التشبيك مع الشباب الأمر الذي أغنى هذه المسيرة وأثراها، وأن الجمعية ستحافظ على هذا الأمل الذي رافق مسيرة الجمعية طوال 125 عاما.
أما السيد اندرسن تومسن ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في فلسطين، ورئيس مجموعة الأمم المتحدة للشباب فأكد أنه يتحدث كفلسطيني عايش الواقع على مدار خمس سنوات، ورأى العنف بمختلف أشكاله، وأنه لو أراد الحديث عن الحرية والعدالة في فلسطين فسيستذكر كيف لا يؤمن الناس على أرواحهم، وكيف يكون الخيار للشباب العاطل عن العمل أن يذهب للعمل في المستوطنات الإسرائيلية وهو لا يؤمن بوجودها في الأساس، وكيف تواجه المرأة العنف.
وأضاف تومسن ليس من العدل والحرية أن يمنع الفلسطينيون من التنقل، وأن تقطع الحواجز أوصال المدن الفلسطينية، كما أنه ليس من العدل والحرية أن تخاف فتاة من ركوب دراجة هوائية بسبب النظرة التقليدية، وأن يبقى واقع الشباب يراوح مكانه دون فرص حقيقية للتغيير، ودعا إلى إعطاء فرصة حقيقية للشباب لصناعة مستقبل أفضل.
كما ألقى فريدرك جيرنس المدير العام لجمعية الشبان الشابات المسيحية في النرويج كلمة أكد فيها على أن الاحتلال الإسرائيلي ليس شرعيا، وليس قانونيا، وأن علينا العمل على وقفه وإنهائه بغض النظر عن ديانتنا، وقوميتنا، وهويتنا، كما يجب علينا العمل بصدق لخلق ظروف مناسبة لتحقيق السلام الشامل والعادل. وهذا ما نقوم به من خلال العديد من المنظمات في النرويج، وباقي دول العالم فنحن نؤمن أن الاحتلال سيزول لأنه يدمر الإنسانية.
وأوضح جيرنس أن القرار 2250 بداية التغيير، وأن على الجميع استثماره وإنفاذه، ووضع الآليات المناسبة لمشاركة الشباب، ووصولهم لمواقع صنع القرار، وختم جيرنس بالقول أنه على قناعة أن هذا المؤتمر سيساهم في عمولمة النضال الفلسطيني.
وألقت كاتارينا غراناندير كلمة بالنيابة عن ألين سوديرييرغ عضو الهيئة الإدارية السابقة لجمعية الشابات/ الشبان المسيحية في السويد والتي منعتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي من الدخول والمشاركة حيث أكدت على أهمية الشراكات في إسناد العمل الشبابي، ومن هذا المنطلق كانت الشراكة بين جمعية الشابات والشبان في السويد والتي يقارب عمرها 100 عام، والتي ركزت على كثير من القضايا في مقدمتها المشاركة المدنية، والانخراط في القضايا المجتمعية، وكان حصيلتها أن الشباب هم المستقبل، وأن عليهم أن يمتلكوا الشجاعة لمجابهة التحديات.
وأختتمت السيدة ميرا رزق السكرتيرة العامة لاتحاد جمعيا الشابات المسيحية في فلسطين كلمات الافتتاح بالحديث عن أهمية دعم وتمكين النساء والشباب، وبناء قيادات في مجتمع ديمقراطي وحر، قادر على الصمود أمام الاحتلال الذي يمارس أبشع الانتهاكات بحق جميع الفلسطينيين وخاصة الشباب.
وبينت رزق أن قرار مجلس الأمن 2250 دعا إلى دمج الشباب، وإتاحة المجال لهم للمشاركة، وإشراكهم في التنمية المستدامة، كذلك إلى الأمن والسلم هذا الأمر الذي يكاد مستحيلا في ظل الاحتلال الإسرائيلي.
ودعت رزق المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته في إرساء مبدا المحاسبة، حيث أن عدم تطبيق المحاسبة شجع الاحتلال الإسرائيلي على إنتهاكاته المستمرة، والتي تزداد وتيرتها، كما عزز الانحياز الأمريكي والتي كان آخرها الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، ووقف تمويل الأونروا.
وناشدت رزق السلطة الوطنية الفلسطينية ومؤسساتها إعطاء الفرصة للشباب في المشاركة، وفي صنع القرار، لأن الشباب الفلسطيني يمتلك القدرة والمقومات، ولعب دور حيوي وبارز في عملية التغيير، كما دعت رزق الشباب الفلسطيني إلى مجابهة التحديات عبر التصميم والإرادة، والمثابرة كونهم المبادرين على الدوام.
وفي الجلسة الأولى للمؤتمر التي يسرتها ربى عودة منسقة برنامج المرأة والسلام والأمن في اتحاد جمعيات الشابات المسيحية قدمت ثلاث أوراق حول قرار مجلس الأمن 2250 حيث قدمت الورقة الأولى السيدة لمياء شلالدة الناشطة في مجال حقوق الإنسان، وتناولت فيها القراءة الفلسطينية للقرار 2250، والتي ارتكزت إلى مفهوم السلام من وجهة نظر الشباب الفلسطيني، وهو حماية حقوقهم الفردية والجماعية، وتحديدا حق تقرير المصير، وحق العودة، كما يقرأ القرار فلسطينيا بالعودة إلى إطار القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، بالتركيز على اتفاقية جنيف الرابعة، وسيداو بما فيها التعليق العام رقم 30، واتفاقية مكانة أة وضع اللآجئين 1951، وميثاق روما الأساسي.
وأضافت شلالدة إلى أن أهم ما تم الإشارة إليه في القرار أنه يشمل الشباب والشابات من عمر 18-29، وأنه يتضمن خمسة محاور هي: المشاركة، والحماية، والوقاية، والشراكات، والإغاثة وإعادة الإدماج، وأن القرار يتحدث يشمل مراحل ما قبل النزاعات المسلحة، وأثناءها، وما بعدها، كما يعالج القرار علاقة الدولة بالشباب من ناحية الوضع الداخلي، وعلاقتهم على المستوى العالمي من خلال تشكيل قوى ضاغطة للتأثير على الحكومات لتحمل مسؤولياتها.
وفي الورقة البحثية الثانية تحدثت السيدة لمى العلمي المحامية والناشطة في مجال حقوق الإنسان، عن أهمية القرار بشكل عام، وعلاقته بفلسطين بشكل خاص. وتناولت بعض مشاكل الشباب المتمثلة بالبطالة، والزواج المبكر، وقلة مراكز التدريب المهني، وضعف مشاركتهم في العملية السياسية وصنع القرار، وتحدثت عن علاقة القرار بالأسرى والجرحى وتأثيره عليهم في حال تطبيقه، بما يسهم في إدماجهم وتأهيلهم. وقدمت بعض التوصيات من قبيل تطوير المناهج التعليمية، إشراك المؤسسات الشبابية، والشباب تحديدا الأسرى والجرحى، وتوثيق الانتهاكات الإسرائيلية، ورفع الوعي بقضايا الشباب،
أما السيد فراس جابر/ الباحث في القضايا السياسية والاجتماعية، فقد أشار إلى الدور التاريخي الفاعل للشباب الفلسطيني، وتحدث عن دور الشباب في تأسيس الأحزاب، والجمعيات، والمنظمات، وقيادة الحركات التطوعية، وتأسيس مجالس الطلبة، والنقابات الطلابية، وأوضح جابر أن الشباب الفلسطيني يعاني اليوم من مشاكل بارزة تتمثل في البطالة والتشغيل، حيث تبلغ نسبة البطالة 32% في صفوف الشباب في الضفة الغربية، بينما تبلغ 54% في قطاع غزة، كذلك التعليم والتعليم الجامعي، حيث أشار إلى أن هناك 47 مؤسسة تعليمية وأن 220 ألف طالب على مقاعد الدراسة الجامعية، وأن نوعية التعليم لا تؤمن للشباب فرص العمل المطلوبة، كما أن مشاركة الشباب المدنية والسياسية ليست على المستوى المطلوب بسبب بنية وهياكل السياسات. كذلك القوانين التي لا تشجع على المشاركة، ولهذا لا نجد أي تمثيل للشباب في المراكز القيادية.
وطالب جابر بتفعيل دور الشباب من خلال الحد من البطالة، والحد من التدخلات من الخارج، وإعادة بناء منظمة التحرير بما يسمح بإدماج الشباب، وإعطائهم دورا قياديا، كذلك إصلاح التعليم ليكون منظما وهادفا، وأن تلعب منظمات المجتمع المدني دورا فاعلا.
وفي نهاية الجلسة الأولى قدم المشاركون والمشاركات مداخلات وأسئلة حول أوراق العمل، حيث أجاب المتحدثون على الأسئلة المطروحة.
وفي الجلسة الثانية التي جاءت تحت عنوان " الشباب الفلسطيني وتحديات الواقع السياسي " وأدارها السيد أشرف أبو عرام الناشط الشبابي، فقد تحدث كل من د. معتز كراجة/ المحاضر في جامعة بيرزيت، والسيدة رشا عباس المحامية والباحثة القانونية في مؤسسة الضمير.
فقد أشار كراجة إلى أن الشباب الفلسطيني قادوا الحراك في مرحلة السبيعنيات، بمرجعية واضحة وهي منظمة التحرير، ثم تراجع هذا الدور مع ظهور المؤسسات الأهلية، وأصبح الشباب الفلسطيني تابعا، ولم يعد صانعا للحدث والقرار. ثم جاء القطاع الخاص ليسهم في تعزيز النمط الاستهلاكي لدى الشباب بعيدا عن الدور الإنتاجي. وأصبح الشباب مرهونين بالحاجة الاقتصادية، واستغلت إسرائيل هذا الوضع ومارست الابتزاز بحق الشباب من خلال منح تصاريح العمل.
أما رشا عباس فقد تناولت الانتهاكات الإسرائيلية بحق الشباب ومنها الاعتقال، وتصاعد استخدام العنف الجسدي أثناء التحقيق، وممارسة طرق محرمة دوليا في التحقيق، والإهمال الطبي بحق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، وعدم منحهم حقوقهم بموجب القانون الدولي، كذلك المحاكم العسكرية التي كانت تصدر أحكاما من قبل ضباط إسرائيليين لا يمتلكون الخلفية القانونية، واستمرار حالة عدم النزاهة والحيادية عندما تم تعيين قضاة بخلفية قانونية.
وأوضحت عباس أن الهجمة الإسرائيلية تتصاعد بحق النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يتم اعتقال العديد من يعبرون عن رأيهم في السياسات الإسرائيلية، ودعت عباس الكل الفلسطيني وخاصة الشباب لتوثيق الانتهاكات الإسرائيلية، حيث أن جرائم الاحتلال لا تسقط بالتقادم، وأن محاسبة إسرائيل على جرائمها سيتم عاجلا أم آجلا.
كما عرض خلال الجلسة فلما وثائقيا من إنتاج جمعية الشابات ومؤسسة الحق، حول أشكال الانتهاكات التي يتعرض لها الشباب تحت الاحتلال، كما تخلل الجلسة عرض شهادات حية ومؤثرة حول الانتهاكات التي يتعرض لها الشباب الفلسطيني قدمها كل من الناشط الشبابي غسان الزعانين من قطاع غزة عبر الفيديو كونفرنس، والسيدة آية الريماوي الناشطة الشبابية من قرية بيت ريما، والسيدة جمانة أشقر الناشطة الشبابية من حيفا، كما قدم السيد عمار اليوزباشي من مخيم البداوي في لبنان شهادة مسجلة.
جدير بالذكر أن المؤتمر الدولي يعقد لمدة ثلاثة أيام في رام الله/ الهلال الأحمر البيرة، وفي غزة بالشراكة مع جمعية الشبان المسيحية، ويحضره مشاركون من النرويج، والسويد، والدنمارك، واليابان، ومقدونيا، والهند، وأوكرانيا، والولايات المتحدة الأمريكية، ورومانيا، وسويسرا، وأوكرانيا.