إطلاق معرض "القدس.. واقع وتحديات"
أطلقت مؤسسة المعمل من بلدة القدس القديمة، معرض"القدس: واقع واحتمالات" وذلك ضمن البرنامج الافتتاحي لمهرجان قلنديا الدولي الذي يستكشف مفهوم التضامن. وعرض قيّما المعرض جاك برسكيان وكيرستن شايد نتاج عملهما مع ٢٣ فناناً وفنانة وباحثاً وباحثة، في مسعى للتحول من عرض الفن في حيز المدينة، الى التعرف على المدينة ذاتها من خلال الفن
يتيح المعرض الفرصة لاستجواب ذاتي جدّي لمعنى الزمن والمكان يشركا فيه الفنانين والجمهور وسكان المدينة على حد سواء حيث صممت هذه النسخة من المعرض لتنحني اجلالا الى القدس، المكان الذي شكل أساسا للعمل والفكر خلف معرض على ابواب الجنة على مر السنوات الماضية.
ويوفر المعرض امكانية الوصول الى المقتنيات والارشيفات والمؤسسات في المدينة ضمن المسعى الدائم الذي يرفض الاستسلام للحاضر "المعطى".فيتناول جوني أندونيا وإلياس ويوسف أنسطاس وبنجي بوياجيان وعيسى غريّب ويزن الخليلي وبيتر ريدلنغر – مجموعة التشريعات المتعلقة بالقدس حيث انتشلوا قطعاً ومواقع من محيط القدس القانوني والمادي والثقافي. فأتت أعمالهم الفنّية مواقفاً، نتطلع من منطلقها على تكوين المدينة على نحو مغاير. ومن منطلق تلك "الدروس"، قدّم فريق المعمل البحثي تقارير تتعرّض للعزلة العسكرية المفروضة على المدينة منذ العام ٢٠٠٢، ولتقنيات إسكان المدينة المعمارية، وللتحولات التي طرأت في حياة الحجر والحجّارين على مدار القرن الماضي، ولتبعات إنتاج النفايات وإدارتها في علاقتها بشكل المدينة وحالتها الصحّية. يسلّط شريطا الڤيديو الذان أنجزهما كل من صوفيا ستاماتوبولو-روبنز ومهنّد يعقوبي مزيداً من الضوء على تلك القضايا.
في حين قامت نور أبو عرفة ونيسا آري وميرنا بامية وسوزان مطر وجاك برسكيان بسبر أغوار مواد أرشيفية، كما جمعوا شهادات وأعادوا النظر في مواقع وممارسات وأجسام تصوغ معاً القدس كمدينة. وهكذا، تطالبنا أعمالهم - كمشاهدين - أن ننهض من وراء المكتب كي نستقصي شائعة "المتحف الأول"، وإرث التخطيط العمراني والاحتلال العسكري، وحميمية الأكل الشعبي في المدينة العتيقة. تناول فنانون آخرون بالبحث شخصيات تاريخية - شأن إحسان ترجمان، ابن المدينة المنكوب الذي استلهمته جمانة إميل عبود - أو مواد تاريخية شأن أقنعة ما قبل التاريخ التي انتحلها باسل عباس وروان أبو رحمة. تسلّمت عدنية شبلي قيادة عملية إعادة كتابة جمعية للنسخة الرابعة من "منادح الممادح وروضة المآثر والمفاخر في خصائص الملك الناصر" وهي وثيقة قيّمة تعود للقرن الثالث عشر، محفوظة في المكتبة الخالدية.
ومن ناحيته يعرض سِث أنزيسكا وداوود غول وجوزيف مالكيان ما توصلوا إليه في بحثهم في صيغة معتادة إلى حد ما: محاضرة وورشة وعرض شرائح، وذلك تأمّلاً في أن نستوحي من وجودهم مداخلات جديدة تتناول تلك الحقب في تاريخ القدس التي يسلطون الضوء عليها. إنها الحقب التي تتراوح ما بين القرن التاسع عشر وما شهده من محترفات التصوير الفوتوغرافي والسير الذاتية، مروراً بفترة ما بين ١٩٤٨-١٩٦٧ المهملة، ووصولاً إلى كنوز انتفاضة ١٩٨٧ التي لم تلق حظها من الاهتمام بعد.
ويذكر ان مؤسسة المعمل للفن المعاصر كانت قد أطلقت معرض القدس للمرة الاولى عام ٢٠٠٧ من أجل تقديم الاعمال والعروض الفنية والانشطة الثقافية والتدخلات في الفضاءات العامة في أنحاء مختلفة من البلدة القديمة في القدس في محاولة لإعادة الحياة الثقافية الفنية لهذه المدينة المحتلة واستكشافها.