رأي الراية:
طائرة تميم – أردوغان وزمن الديناصورات
كثيرة هي الاحداث المحزنة والمبكية في عالمنا العربي والاسلامي، لكن هناك أحداث تتجاوز المعقول في كل شيء، وتعيد تعريف الواقع لحد الفاجعة ليكتشف الجميع حقيقة المأساة في أسوأ صورها.
بينما يغرق العالم العربي والاسلامي في أزمات شديدة الفتك بمستقبل الانسان والأرض، تهدد بانقراض الشرق الأوسط من عالم التأثير لدرجة الدونية السياسية، يتفاجأ العالم بهدية أمير قطر تميم بن حمد للرئيس التركي رجب طيب أردوغان وهي عبارة عن طائرة رئاسية ملكية تعد "قصر طائر" بقيمة 500 مليون دولار.
أمام هذا الحدث الصادم سنحيد فلسطينيتنا قليلا، ولن نتحدث عن المأساة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني جراء العقوبات المالية الأميركية بسبب موقف القيادة الفلسطينية من القدس التي تهود وتحاصر على وقع الشعارات القطرية والأردوغانية.
بأي حق يمنح السيد تميم صديقه اردوغان طائرة بأموال الشعب القطري، وتحت أي بند يمكن تعريف هذا البذخ، وكيف يقبل رئيس دولة تريد أن تكون عظمى هذه الهدية وما المقابل؟، خاصة أن أردوغان يصرخ ليل نهار من ضغط اللاجئين على اقتصاد دولته وفي زمن تراجع قيمة الليرة التركية.
قيمة القصر الطائر لماذا تصبح أموال شحيحة عندما نتحدث عن ملايين النازحين السوريين واليمنيين والليبيين في مخيمات العراء والبرد والجوع، وقبل كل شيء لماذا لا تذهب قيمتها إلى فقراء تركيا وقطر أولا؟.
نصف مليار دولار ثمن طائرة إضافية في أسطول الحكومة التركية، في الوقت الذي تناشد فيه الأونروا لتغطية العجز غير المسبوق، وحرمان نصف مليون طفل من التعليم وفقدان ملايين اللاجئين الفلسطينيين رغيف الخبز أو خدمات الصحة والتعليم.
طائرة استعراض البذخ تكفي لتعزيز صمود المقدسيين أمام زحف الاستيطان وحصار التهويد لقبلة المسلمين الأولى، ونحن لا نبتعد كثير عن مخرجات قمة اسطنبول التي منحت القدس الكلام فقط وبعض التبريرات.
أسئلة كثيرة عن هذا الغزل بين أمير ملكي ورئيس رئاسي يبدو أنهما لا ينظران حولهما لملايين اليتامى والشباب العاطل عن العمل ومئات ألاف الاسر التي تتسول الحد الادنى من الحياة، لدرجة أن صورة تناول الطعام من حاويات القمامة صارت مشهد عربي مألوف في مدن الخوف والعجز وانتظار الموت.
كيف تقبل دول وشعوب هذه التصرفات القادمة من الزمن السحيق؟، زمن العبيد والاقطاعيين والأمراء، بعيدا عن زمن الشفافية ومحاسبة المسؤولين ومحاكمة القادة والملوك وملاحقة الفسادين، لماذا الاصرار على البقاء في زمن الديناصورات ونرفض الالتحاق بزمن الانسان والعدالة والحضارة؟!