خاص
مؤثر- رحل "شادي" تاركا أسرته وسط ظروف قاسية
خاص – راية: سامح أبو دية
عند ظهيرة يوم الجمعة الماضي، كان الطفل شادي عبد العال على موعد مع آخر لقاء يجمعه بأسرته وجيرانه وأصدقاء الطفولة المحبين له، عاد شادي نهاية اليوم لآخر مرة شهيدا؛ تاركا خلفه 8 أشقاء ووالدين طالما كان سندا لهم رغم صغر سنه وبراءته.
استشهد الطفل شادي (12 عاما) برصاصة غادرة أطلقها قناص إسرائيلي على رأسه قرب الحدود الشرقية لمخيم جباليا شمال قطاع غزة، مخلفا ورائه 10 من أفراد عائلته غارقين في الحزن والدموع، ليزيد من مأساة تلك العائلة التي تعيش ظروفا أقل ما يمكن وصفها بـ "المأساوية".
بدأ الشهيد يومه الأخير في حياته الصغيرة بالمشاكسة، فكل محاولات أفراد عائلة عبد العال لإجباره على عدم الخروج الى مسيرات العودة باءت بالفشل، وفي كل مرة كان يهرب نحو الحافلة التي تُقل المتظاهرين نحو الحدود، حتى ان والده ظنه متواجدا بين اخوته الثمانية في المنزل.
صدفة صادمة
تعرض عبد العزيز والد الشهيد؛ لصدمة قاسية، حين تعرّف على طفله في ثلاجة الموتى بالمشفى؛ عن طريق الصدفة، بعد أن ظل الشهيد مجهول الهوية لأكثر من 3 ساعات، يقول: "خرجت إلى المستشفى لعلاج طفله الصغير بعد تعرضه لجرح في اصبعه أثناء اللعب، وهناك شاهدت شادي في ثلاجة الموتى شهيدا غارقا بدمائه، فسقطت فاقدا للوعي من شدة الصدمة".
يضيف والد الشهيد: "شادي كان محبوبا للجميع، مطيعا لوالديه، طموحا يفكر ويخطط للعمل في المستقبل القريب"، حتى أنه عرض على والده العمل معه في البناء، لمساعدته في اعالة أسرته المكونة من 11 فردا، وتعيش في بيت مكون من غرفة واحدة وسط ظروف اقتصادية صعبة للغاية.
وتساءل عبد العال عن السبب الذي يدفع جندي مدجج بأعتى وأحدث الأسلحة لقنص طفل أعزل لم يتجاوز 12 عاما بعد، وهو لم يشكل أي خطر عليهم، مشيرا الى أن جنود الاحتلال تعمدوا قتل الطفل شادي بدم بارد ودون أدنى شعور بالإنسانية.
أحلام طفل
أصدقاء والد الشهيد عبد العال (35 عاما)، كان لهم نصيب من مشاكسة شادي لهم خلال زيارة بيته، يروي الوالد: "أحيانا كان يلاعب أصدقائي بطريقة رجل بالغ، حتى أنهم اشتكوا لي منه بطريقة فكاهية، وهم الآن يفتقدوه أيضا، وترك في قلوبهم ذكرى طفولته البريئة".
أحلام الطفل شادي لم تكن صعبة المنال، فهو لم يكن يحلم سوى بالعيش في بيت ذو مساحة أوسع، حيث تعيش أسرته (11 فردا) في غرفة واحدة بمخيم جباليا لا تتعدى مساحتها 20 مترا، وفي ظروف بيئية وصحية صعبة للغاية، يقول عبد العزيز: "كان شادي دائم الحلم بأن ينام في غرفة لوحده".
الذنب "فلسطيني"!
طوال فترة حديث مراسل "راية" مع "أسماء" والدة الشهيد عبد العال؛ كان مشهد البكاء هو الأكثر حضورا، كما كان عند وداع شادي ظهر الاحد، تقول: "كنت أحب شادي كتير، هو أحسن واحد في اولادي، كان كل جمعة يحكي بدي أروح على الحدود، آخر جمعة، راح ورجع شهيد".
وتروي والدة الطفل: "كان طفلا ضحوك جدا، يفعل المستحيل كي يرسم الابتسامة على وجوهنا"، وتتساءل الام: "ما الذنب الذي ارتكبه شادي كي يُقتل بهذا الشكل، طفل بريء لم يحمل أي نوع من الأسلحة، ولم يقود دبابة أو طائرة، هل كل ذنبه أنه فلسطيني؟".
أحد أصدقاء الشهيد عبد العال، كان حاضرا خلال إطلاق النار عليه من على مسافة نحو 70 مترا من السياج الفاصل شرق جباليا، يقول: "رمى بعض الحجارة لكنها لم تصل إلا أمتار قليلة، لم يكن يشكل أي خطر على أي جندي ولم يقترب من الحدود".
قتل البراءة والطفولة
الإرهاب الإسرائيلي الذي يزداد يوما بعد يوم، ليحصد مزيدا من الأبرياء، وعلى يده آلة حربه تُقتل الطفولة والبراءة من جديد، هذه المرة كان هذا الطفل هو الضحية، تعمد الاحتلال قتله، ولم يبقِ من أحلامه الا حقيبته الدراسية وكتبه، وتلك الرسمة التي رسمها بقلمه قبل أيام.
واستشهد الجمعة الماضية التي حملت شعار "المقاومة خيارنا"، 3 مواطنين بينهم الطفل شادي، جراء قمع قوات الاحتلال المتظاهرين السلميين وهم: هاني عفانة (21 عامًا) شرقي خانيونس، ومحمد شقورة (21 عامًا) شرقي البريج، فيما أصيب 248 آخرين، بينهم 6 في حالة الخطر.