مؤتمر حول "قضية الأسرى في الأدب الفلسطيني المعاصر"
برعاية فخامة رئيس دولة فلسطين محمود عباس "أبو مازن"، عقدت كلية الآداب في جامعة القدس المفتوحة وهيئة شؤون الأسرى والمحررين في منظمة التحرير الفلسطينية، مؤتمرًا علميًا بعنوان: "قضية الأسرى في الأدب الفلسطيني المعاصر"، وذلك في رام الله، وفي غزة عبر تقنية الربط التلفزيوني "الفيديو كونفرنس".
وعقد المؤتمر بحضور اللواء قدري أبو بكر رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين، وأ. د. يونس عمرو رئيس الجامعة، وأ. د. هاني أبو الرب رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر، ومحافظ غزة إبراهيم أبو النجا، ونائب رئيس مجلس أمناء الجامعة أ. د. رياض الخضري، وأعضاء من المجلس، ونواب رئيس الجامعة، وشخصيات وطنية وأكاديمية.
وأوصى المشاركون في ختام المؤتمر بحثّ الكتّاب المبدعين في أدب الأطفال على الاهتمام بأدب الأسرى تعزيزًا للتربية الوطنية للطفل الفلسطيني، ودعوا وزارة التربية والتعليم العالي إلى إثراء منهاج اللغة العربية وآدابها بأدب الأسرى، والجامعات الفلسطينية لطرح مقرر دراسي في أقسام اللغة العربية خاص بأدب الأسرى.
وشدد المشاركون على أهمية توجيه طلبة الدراسات العليا إلى كتابة الرسائل العلمية في أدب الأسرى، وعلى استضافة الأسرى المحررين في محاضرات وندوات مدرسية وجامعية.
ودعا المؤتمرون الفضائيات الفلسطينية إلى تخصيص برنامج لأدب الأسرى وإنتاج أفلام وثائقية حول أدبهم.
كما طالب المشاركون بنشر الإبداع الأدبي للأسرى من قبل المؤسسات الثقافية الرسمية والأهلية، وبترجمة مختارات من أدب الأسرى إلى لغات عالمية، وكذلك إقامة معرض للكتاب خاص بأدب الأسرى بالتعاون مع وزارة الثقافة واتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين.
وشدد المشاركون على ضرورة منح جائزة تقديرية لأفضل إصدار أدبي، تقدمها جامعة القدس المفتوحة وهيئة شؤون الأسرى والمحررين.
وافتُتح المؤتمر بكلمة ممثل فخامة رئيس دولة فلسطين محمود عباس، وكلمة هيئة شؤون الأسرى والمحررين اللواء قدري أبو بكر، نقل خلالهما تحيات فخامته للحضور وتمنياته للمؤتمر بالنجاح.
وقال: "نلتقي وإياكم في هذا المؤتمر الذي أتى نتيجة لثمرة جهود جبارة ومتواصلة استمرت لنحو 6 أشهر من الإعداد والتجهيز بعمل مشترك مع كلية الآداب في جامعة القدس المفتوحة".
وأضاف اللواء أبو بكر: "يأتي انعقاد المؤتمر إدراكًا وقناعة بأن قضية الأسرى والمحررين قضية وطنية وإنسانية وحضارية بامتياز تستمد قوتها من عمق التاريخ الكفاحي التحرري وتفاعلاته الثقافية والإبداعية في المجالات الأدبية والثقافية والفكرية والأمنية والاجتماعية والفنية والإنسانية والتاريخية والسياسية، بكتابات وطنية تعكس رغبة أسرانا وأسيراتنا وقدراتهم وطموحاتهم في التحرر والانعتاق من قيود الأسر والاحتلال عبر إطلاق الفكر والإبداع".
وأوضح اللواء أبو بكر أن استهداف إدارة سجون الاحتلال للإنتاج الثقافي للأسرى لن تثني عزيمتهم في تحقيق الذات وتغذية الذاكرة والإبداع، و"إننا إذ نحيي كل من أسهم بإنجاح المؤتمر فإننا نؤكد بأن أدب السجون وإبداعات الحركة الأسيرة تحمل في طياتها معاني الحياة والقيم الإنسانية والحرية والصمود والتضحية والانتماء والإرادة والتحدي، وتتضمن عمق المشاعر الإنسانية والأمل والحياة".
وقال: "لقد عملنا على تجسيد الآفاق الثقافية من خلال تشجيع ورعاية التعليم للأسرى داخل المعتقلات في نطاق الثانوية العامة والالتحاق بالجامعات في درجتي الماجستير والبكالوريوس، ومن خلال العمل معًا على المساهمة والمشاركة في العديد من المؤتمرات واللقاءات والندوات، بما فيها مسابقة جائزة الحرية للأسرى، لنشر الإبداعات الأدبية للأسرى وتعميم صوت الحركة الأسيرة".
وتابع قائلاً: "إننا في هيئة شؤون الأسرى والمحررين دأبنا على روح المبادرة وتجاوز نمطية العمل الوظيفي والانطلاق نحو آفاق الفكر والثقافة والانفتاح مع العالم لنقْل صوت الأسرى بإبداعات ثقافية وحضارية تلامس الوجدان والضمير التحرري والثقافي".
وأكد جاهزية الهيئة للتعاون مع المؤسسات المهتمة بقضية الأسرى وإبداعات الحركة الأسيرة لإبقاء قضيتهم في المكانة التي تستحقها ضمن قضية العمل الوطني، معربًا عن أمله بأن يسهم المؤتمر في الارتقاء بالأدب الخاص بالأسرى.
وثمن مواقف السيد الرئيس محمود عباس أبو مازن في تصديه لصفقة العصر والحصار والاستهداف الأمريكي بحقوقنا الوطنية في العودة وتقرير المصير وإقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، و"نرفض أي محاولات للمساس بحقوق أسرانا وأسيراتنا، ملتزمين بالحفاظ عن مشروعنا وتاريخنا النضالي العريق".
إلى ذلك، قال أ. د. عمرو إن عنوان المؤتمر يجسد استحقاقًا وطنيًا وإنسانيًا وأدبيًا لقضية الأسرى في سجون الاحتلال، ويمثل موقفًا تضامنيًا مع الأسرى القابضين على جمر انتظار الحرية، ويؤكد العروة الوثقى بين المعاناة والإبداع.
وأضاف: "اختارت جامعة القدس المفتوحة، بالشراكة مع هيئة شؤون الأسرى والمحررين، عنوان المؤتمر الذي توزع على ثلاثة محاور: الشعر، والنثر، ومفردات الحياة في الأسر".
وتابع: "حقق المؤتمر وحدة الخارطة الجغرافية لفلسطين، إذ شارك فيه باحثون من الضفة الغربية وقطاع غزة وفلسطين التاريخية 1948".
وقال أ. د. عمرو: "كلي أمل بأن يسهم هذا المؤتمر في حفظ أدب الأسرى من الضياع وتوثيقه ونشره ليكون ذخرًا للأجيال القادمة، ولكسب التأييد لهذه القضية محليًا وعالميًا".
وأشار أ. د. عمرو إلى أن دعم التعليم للأسرى يعد جزءًا من دعم قضية الحرية للمعتقلين كافة وتعزيز صمودهم داخل السجون، ويسهم في مواجهة التحديات القاسية التي يعيشونها وما يتعرضون له من إجراءات قمعية وقوانين تعسفية، أبرزها حرمانهم من التعليم.
وقال إن جامعة القدس المفتوحة خرجت نحو 3 آلاف أسير محرر، ويدرس على مقاعدها 700 أسير يقبعون في سجون الاحتلال، وهناك 500 أسير محرر يتلقون علومهم في الجامعة، ولقد كان من أول أهداف الجامعة التوجه للحركة الأسيرة ليتلقى أسرانا علمًا يليق بهم، وبذلنا جهودًا عظيمة مع مختلف الجهات، بخاصة الصليب الأحمر، إلى أن نجحنا باتفاق رسمي بين هيئة شؤون الأسرى ووزارة التربية والتعليم العالي.
وأشاد أ. د. عمرو بخريجَي الجامعة سعيد التميمي الذي أمضى 22 عامًا في سجون الاحتلال، وأحمد المصفر الذي أمضى 13 عامًا، اللذين يشاركان اليوم في هذا المؤتمر، وهما نموذج لما تقدمه الجامعة للمجتمع، ولولا القدس المفتوحة لما تمكنا من استكمال تعليمهما.
وأكد أ. د. عمرو أن جامعة القدس المفتوحة ستبقى إلى جانب قضية الأسرى العادلة، وتضع كل جهودها وإمكانياتها في سبيلهم وتخفيف المعاناة عنهم، كجزء من الواجب النضالي والوطني والإنساني الذي قامت الجامعة على أساسه كجامعة للشعب الفلسطيني.
وأشار أ. د. عمرو، إلى أن أسرانا حولوا السجون إلى قلاع للنضال والعلم والثقافة والتراث، وأنشأوا لنا ميدانًا جديدًا في الأدب العربي بعامة وفي الأدب الفلسطيني بخاصة، فيما عرف بأدب الحركة الأسيرة الذي أخذ مناحي مختلفة شعرًا ونشرًا وزجلًا وفنًا.
من جانبه، قال أ. د. هاني أبو الرب، رئيس اللجنة التحضيرية وعميد كلية الآداب في جامعة القدس المفتوحة: "تم اختيار 13 ورقة علمية من أكثر من 19 ورقة قُدمت للمشاركة في المؤتمر اعتمادًا على صلة الورقة المقدمة بعنوان المؤتمر ومحاوره، واستيفائها شروط البحث العلمي، ووزعت على ثلاثة محاور رئيسية، تناول المحور الأول قضية الأسرى في الشعر، ودرس المحور الثاني قضية الأسرى في النثر، واستعرض المحور الثالث الأغراض التي تناولها أدب الأسرى".
وأضاف: "يأتي عقد هذا المؤتمر في وقت تتفاقم فيه معاناة الأسرى الناجمة عن إجراءات الاحتلال القمعية بحقهم، ومحاولاته المحمومة لوقف مخصصاتهم. ويهدف أيضًا إلى تسليط الضوء على معاناتهم ونضالاتهم والتعريف بالإنتاج الأدبي للأسرى داخل السجون وخارجها، والعمل على توثيقه ونشره وحفظه من الضياع ليكون ذخرًا للأجيال القادمة، وحشد الأدباء والأكاديميين لمناصرة هذه القضية، وتوثيق مساهماتهم في تصوير معاناة الأسرى عبر وسائل الإعلام والنشر المختلفة، من أجل كسب الدعم والتأييد المحلي والدولي لهذه القضية العادلة.
وقال: "إن القدس المفتوحة، جامعة منظمة التحرير، تقدم كل التسهيلات للأسرى من أجل إكمال تحصليهم العلمي، سواء كانوا داخل السجون أو خارجها، من خلال المنح التي تقدمها للمحررين منهم، والسماح لمن هم داخل السجون بالالتحاق ببرامجها التعليمية للحصول على مؤهل علمي يمكنهم من أخذ مواقعهم في الدولة والمجتمع بعد تحررهم".
جلسات المؤتمر:
تخلل المؤتمر ثلاث جلسات، تناولت الجلسة الأولى قضية الأسرى في الشعر، وتولى رئاستها أ. د. عمر عتيق، وعرضت خلالها مجموعة من الأوراق هي: شهادة في المُعتقل: القصيدة أرض إرادتي، للشاعر د. المتوكل طه، وورقة بعنوان: "أبعاد دلاليّة وفنية في شِعر الأسْر: شعر عبد الناصر صالح أنموذجًا" للشاعرة أ. إيمان مصاروة، وورقة بعنوان: "أغراض شعر الأسر في فلسطين" للدكتور ماجد حسنين، وقدمت ورقة بعنوان: "سمات الإبداع في شعر الأسرى الفلسطينيين من النكبة حتى نهاية القرن العشرين، للدكتور معاذ الحنفي، وقدم أ. بسام الأغبر ورقة حول التناص الديني في أدب السجون، ديوان "زغاريد السجون" نموذجًا.
وفي الجلسة الثانية التي عقدت بعنوان: قضية الأسرى في النثر"، وترأسها د. زاهر حنني، قدم فيها الباحث د. روزلاند دعيم ورقة بعنوان: أدب الأسرى في سياق الانتفاضة-تغريبة الجراد يحب البطيخ لراضي شحادة أنموذجًا، وقدم أ. طارق الصيرفي ورقة حول التناص في رواية "حكاية صابر" للأسير المقدسي محمود عيسى، وقدم د. مقبولة يحيى ود. عبد الرحيم بدر غانم ورقة حول المرأة المقاومة في أدب عائشة عودة، وأخيرًا تحدث أ. حسين دراوشة عن تقنيات الحدث الروائي عند المعتقلين الفلسطينيين.
وفي الجلسة الثالثة والأخيرة، التي كانت بعنوان "الأغراض التي تناولها أدب الأسرى"، وترأسها أ. د. عبد الرؤوف خريوش، تحدث خلالها أ. د. مشهور الحبّازي عن التعذيب في رواية "المسكوبيّة: فصول من سيرة العذاب" لأسامة العيسة.. دراسة نقدية، فيما قدم د. أحمد عبد الرؤوف جبر ورقة حول أدب برهان الدين العبوشي في المعتقلات، وقدم د. محمد عبد الجواد البطة ورقة حول المسيرة الأدبية للحركة الأسيرة الفلسطينية: تطور وإنجازات 1967-2005، وأخيرًا تحدث د. خميس ريان عن صدى المكان على الأسير في رواية المسكوبيّة لأسامة العيسة.