تباين بين القضاء والشرطة
جدلية نجاة المجرمين من العقاب.. الخلل قضائي أم تنفيذي؟
رايـة- فارس كعابنة-
أثارت جرائم القتل التي ارتبكت مؤخرًا في الضفة جدلا كبيرة حول مدى صرامة العقوبات التي من الممكن أن تشكل رادعًا أمام تكرار جرائم مماثلة.
هل الخلل في القانون القضائي أم في تنفيذ أحكامه؟، تحت هذين الشقين من التساؤل، يبدو أن للقضاء والقائمين عليه رأي وللجهات التنفيذية رأي آخر.
يضع القائمون على الجهاز القضائي مسؤولية كبيرة على عاتق الجهات التنفيذية وهي النيابة العامة والشرطة.
ويقول القاضي أيمن الظاهر من مجلس القضاء الأعلى في حديث لـ"رايـة"، إن الخلل في منظومة العقاب ناجم عن غياب التنفيذ للأحكام القضائية.
"القرارات التي تصدر من المحاكم هي قرارات معطلة ولا تنفذ.. اجزم ان ما ينفذ لا يتعدى ربع الأحكام الصادرة"، أضاف الظاهر.
ويوضح الظاهر أن جريمة القتل مع سبق الإصرار والترصد تقابل بعقوبة المؤبد مع الأشغال الشاقة، وهي عقوبة رادعة على حد اعتقاده.
ويشير إلى أن منظمة القضاء تحررت من القوانين القديمة عبر تشريعات تكميلية وتعديلات حديثة، لكن الخلل بالنسبة له لا يزال في جانب تنفيذ الأحكام، والتي برأيه هي أحد أبرز عوامل ارتفاع الجريمة.
"هنالك قضاء لكن أحكامه لا تنفذ"، قال الظاهر، معتبرًا أن المشكلة لا تتمثل فقط بعدم السيطرة على بعض المناطق الخارجة عن إدارة السلطة الأمنية، إنما "هنالك احكام صادرة على متهمين في المدن ولا يتم تنفيذ هذه الأحكام باعتقالهم"، على حد قوله.
ماذا ترد الشرطة؟
لكن في المقابل تورد الشرطة إحصائيات رسمية منذ بداية العام 2018 حتى يومنا هذا، تبين نسبة عالية في تنفيذ قرارات القضاء.
وقال العقيد لؤي ارزيقات الناطق باسم جهاز الشرطة، في حديث لـ"رايــة"، إن 106 الاف و887 مذكرة قضائية صدرت عن القضاء والنيابة العامة منذ بداية العام، تم تنفيذ 74 ألف و560 مذكرة منها، بنسبة انجاز 69.9%، وهي نسبة اعتبرها تعادل دول أخرى متقدمة.
"نتعامل مع كافة القرارات القضائية ونعمل بنظام محوسب ومتطور لملاحقة المطلوبين، لكن العائق الوحيد هو مسألة مناطق ج الخارجة عن السيطرة الأمنية للسلطة"، قال ارزيقات.
الخلل "أكبر بكثير"
إلا أن للخبراء الحقوقيين رأي آخر يعتبر أن مسألة التنفيذ والقانون سطحية إذا ما نظرنا لواقع تنامي مشاهد العنف والجريمة والمخدرات في المجتمع.
يرى عصام عابدين في حديث مع رايــة، إن حالة النظام السياسي والاقتصادي العامة في البلد تغذي الجريمة.
"نحن أمام نظام سياسي متصدع، لا توجد سلطات عامة.. البرلمان غائب منذ سنوات والحكومة هي التي تشرع وتنفذ دون الخضوع للبرلمان"، يقول عابدين.
ويضيف أن القضاء يشهد تدهورا غير مسبوق وفقدان للثقة به من قبل المجتمع، رجوعًا إلى آخر إحصائيات الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء والتي تفيد بأن ثقة الناس لا تتعدى 26%.
ويتوقع عابدين أن المستقبل القريب غير مبشر من ناحية استقرار الوضع الاجتماعي، نظرًا لـ"عدة أسباب مركبة تدفع للانهيار بدءا من الأوضاع السياسية وصولا للأوضاع الاقتصادية".
"منظومة العدالة مهترئة والقضاء العشائري يسيطر.. اخشى ان مستوى الجريمة سيتصاعد أكثر"، قال عابدين.