20 قتيلا منذ بداية العام
الجريمة في فلسطين.. جدل حول غياب الرادع
خاص- رايـة- حسين ابو عواد:
لا يكاد يمر شهر في فلسطين دون حدوث عملية قتل يذهب ضحيتها شخص أو اكثر، تترك اثارا كارثية على عائلات الجاني والضحية معا، ففي اقل من شهر قتل خمسة مواطنين، اثنان منهم زوجان من الخليل قتلى في بلدة يعبد بجنين امام طفليهما، وشاب في عربونة بجنين، وآخر في قرية بتير بمدينة بيت لحم قتل على خلفية جريمة اشعلت نيرانها "حبة فلافل".
وفي القدس ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بتفاصيل حادثة انتحار شابة من قرية صور باهر، عقب تعرضها للابتزاز من صديقتها وشقيق صديقتها في جريمة نكراء تقشعر لها الابدان.
هذه الجرائم لافتت أنظار الكثيرين واستغرابهم لاستسهال البعض بارتكابها لخلافات قد تكون "تافهة" وخارجة عن عادات وتقاليد مجتمعنا، وسط مطالبات بتغليظ العقوبات على مقترفيها خصوصا ان العقوبات الواردة في القانون الحالي، لا تتماشى مع التطورات والتغيرات الجارية، كما انها لا تنصف الضحية.
عدد جرائم القتل التي ارتكبت في محافظات الضفة، منذ بداية العام الجاري وحتى لحظة اعداد هذا التقرير بلغت 20 جريمة قتل، وهي نسبة منخفضة بقليل اذا ما قورنت بالعام الماضي الذي سجل 22 جريمة قتل في الفترة نفسها ولكن ما يختلف هذا العام هو بشاعة الجريمة ووحشيتها.
الناطق الاعلامي باسم الشرطة العقيد لؤي ارزيقات اشار لـ"رايـة" الى ان الشرطة تمكنت من كشف تفاصيل 95 % من مجمل جرائم القتل التي ارتكبت منذ بداية العام الحالي وقد القت القبض على 19 متهم من اصل 20 حتى اللحظة.
ورغم ما تشهده فلسطين من جرائم الى انها اذا ما قورنت بالدول الاخرى فان المجتمع الفلسطيني يعتبر مجتمع امن خاصة ان الجريمة المنظمة غير موجودة بحسب المتحدث باسم الشرطة الذي حذر في الوقت ذاته من تنامي العنف والعقلية التي يحملها جيل الشباب الحالي داعيا الى تضافر كافة الجهود لتغييرها .
وتحدث ارزيقات عن عدة اسباب تقف وراء جرائم القتل من بينها الثأر، والشجارات العائلية، وخلافات بسيطة بين اطفال تتطور إلى شجار، وضعف الاجراءات الرادعة، قائلا: نحن بحاجة الى اعادة النظر في القوانين والتشريعات المطبقة في فلسطين واتخاذ عقوبات اشد.
وتابع: قانون العقوبات ضعيف ولا يفي في الغرض ونناشد كافة الجهات المسؤولة باعادة النظر في القوانين والتشريعات المتبعة بحق مرتكبي الجرائم.
مدير مكتب الشمال للهيئة المستقلة لحقوق الانسان علاء نزال كان له وجهة نظر مختلفة فيما يتعلق بالجدل الحاصل عن ضعف التشريعات الرادعة، معتبرا ان قانون العقوبات المعمول به في القضاء الفلسطيني يشمل عقوبات رادعه بحق مرتكبي الجرائم ولكن التطبيق على ارض الواقع هو المشكلة نتيجة الاحتلال وعدم مقدرة السلطة على الوصول الى المناطق الخاضعة تحت السيطرة الاسرائيلية لملاحقة المجرمين ومعاقبتهم.
وعزا نزال ضعف تطبيق القوانين الرادعة الى الطبيعة العشائرية السائدة في الوطن التي يلجأ اليها في جرائم القتل وبالتالي يأخذ بما تقضيه "العطوة" ويوضع القانون جانبا.
واكد نزال على الدور الهام للعشائر لحقن الدماء، لكنه في الوقت ذاته يجب ان لا يحول عن تطبيق القانون واخذ الحق العام.
واقر مدير مكتب الشمال للهيئة المستقلة لحقوق الانسان بوجود تباطؤ في اخذ القرارات وعدم الجدية في تنفيذها، داعيا الى زيادة العمل بالقانون وسرعة البت في القضايا لتشكل رادعا بحق مرتكبي الجرائم. الاعدام.
وعن غياب حكم الاعدام في القانون الفلسطيني واستبداله بالحكم المؤبد، اعتبر نزال ان وجود عقوبة الاعدام او عدمها ليس الحل الكافي للحد من الجرائم، مشيرا الى ان بلدان عدة تطبق حكم الاعدام ولكن مستوى الجريمة لديها لم ينخفض.
واشار نزال الى ان جرائم القتل المرتكبة في فلسطين تعود معظمها للعادات والتقاليد المتعلقة بالثأر والشرف، وان الحل يكون من خلال نشر التوعية وتعزيز سيادة القانون.
لا زالت العادات والتقاليد الموروثة تلعب دورا أساسيا في تعزيز وتكريس ظاهرة القتل فمهما اختلفت طرق القتل وأسبابه فالنتيجة واحدة وهى إزهاق روح بشرية.