نجت بأعجوبة
ذاكرة الحرب- "الرزاني" أصابها الاحتلال في الجسد لكنها نجت بروحها
خاص راية: سامح أبو دية
في مثل هذه الايام عام 2014، بدأت حكاية الفتاة آمال الرزاني مع الألم والمعاناة من جهة، ومع الإصرار على الحياة من جهة أخرى، حيث تعرضت لإصابة قاتلة بقذيفة أطلقتها آلة الحرب الإسرائيلية خلال العدوان على غزة، جعلتها قعيدة الكرسي لا تقوى على شيء.
الفلسطينية الرزاني (27 عاما) نجت من قصف دمّر منزلها شمال قطاع غزة خلال العدوان الاخير على القطاع 2014، وذلك بعد خروجها من المنزل بدقائق معدودة، لتبدأ رحلة تهجير استمرت عدة أيام تنقلت خلالها مع عائلتها في بيوت الأقارب، حتى استقرت في بيت تعرض لقصف ليلي مباغت.
عادت بنا الفتاة آمال بذاكرتها 4 سنوات الى الوراء، لتروي ما حدث معها في تلك الليلة القاسية، حيث أصيبت بجروح قاتلة خلال القصف، أدى الى بتر ساقها على الفور، بالإضافة لبتر في أصابع يدها، فضلا عن جروح في جميع أنحاء الجسد.
تقول الرزاني التي خرجت من بين الركام في ذلك اليوم: "بالتأكيد لا يمكن نسيان تلك اللحظات، حيث باغتنا صاروخ ونحن جالسين، لم أشاهد أو أشعر بأي شيء، غير أن شقيقي اقترب مني وقال (رددي الشهادتين) وذهب".
المسعفون الذين حضروا لإسعاف الجرحى في المنزل، تركوا المصابة آمال بسبب خطورة اصابتها، تضيف: "طبيعي أن يضطر المسعفون للذهاب الى الأشخاص الذين يستطيعون انقاذهم، حيث كانت جروحي خطيرة جدا، وقد ظن الجميع أنني فارقت الحياة".
الجميع بدأ بترك المكان خشية من تعرض المنزل للقصف مجددا، وتروي الرزاني: "أحسست بخروج الروح، ثم فجأة عادت مجددا، وبدأت بإزاحة الركام من حولي، حتى أنني حملت قدمي المبتورة وبدأت بالزحف نحو المسعفين واستغثت بهم لنقلي".
خاضت الرزاني رحلة علاج طويلة؛ ما زالت مستمرة حتى الآن، في مستشفيات غزة والخارج، الى أن تمكنت بقوة ارادتها، من النجاة والعودة مجددا الى الحياة، وإن كانت بشكل مختلف كليا عن حياتها السابقة.
لم تستسلم الفتاة للإعاقة التي تسببها الاحتلال الإسرائيلي دون أي ذنب، لتخرج من رحم المعاناة برغبة أكبر في الحياة رغم الوجع والألم، وصنعت لنفسها الأمل ودرست الثانوية العامة لتحصد درجة التفوق هذا العام.
تقول الرزاني: "أدركت أن الجريح لا يفيده الا العلم والدراسة، في ظل اهمال جميع الجهات لفئة الجرحى وتضحياتهم"، مشيرة الى أن وضعها الصحي ما زال صعبا وهي بحاجة للمزيد من العلاج.
وشددت الجريحة على أن "كل شيء فداء لفلسطين" ولكن "من الصعب ان تضحي ثم لا تجد أحدا ينظر إليك أو يساعدك"، مشيرة الى أن جروحها تزداد صعوبة وتحتاج للعلاج، كما تطمح لاستكمال دراستها وصناعة مستقبلها بعلمها.
وتطالب الجريحة آمال باهتمام رسمي بحالتها واستكمال رحلة علاجها، وتطمح بتركيب طرف صناعي يساعدها على المشي وممارسة حياة طبيعية كغيرها، كما تطمح بالحصول على منحة دراسية في الخارج وصناعة مستقبل أفضل.
الحرب انتهت ظاهريا قبل 4 أعوام، غير أنها ما زالت مشتعلة بالنسبة لآلاف الجرحى، في جميع جوانب حياتهم، وتبقى قصصهم المأساوية حاضرة لتجسد بعضا من قصص الجريمة التي ارتكبها الاحتلال ضد المدنيين والأبرياء على مرأى ومسمع العالم أجمع.
والدة الفتاة الرزاني طالبت بمتابعة رسمية لحالة ابنتها التي تعرضت لبتر قبل 4 سنوات، بالإضافة لتوفير منحة دراسية تحقيقا لرغباتها وطموحاتها.
الرزاني وصفت أوضاع جرحى 2014 بأنهم "ضائعين" ولم يقدم لهم أي شيء، تضيف: "هؤلاء الجرحى بحاجة على الأقل لراتب شهري يساعدهم على استمرار حياتهم، في ظل انهم بحاجة الى مصاريف خاصة في العلاج والمعيشة".
وبلغ عدد الشهداء خلال العدوان الأخير على غزة الذي استمر 51 يوما، 2300 شهيدا، فيما وصل عدد الجرحى الى أكثر من 11 ألفا، منهم 2088 سيدة و410 مسنين، في حين دمر الاحتلال 2358 منزلا بشكل كلي، و13644 بشكل جزئي.