خاص
القفز عن السلطة في صفقة القرن: ما السيناريوهات المحتملة؟
خاص- رايــة: من جديد، تعود "صفقة القرن" إلى حيز التفاعل في الساحة الإقليمية والعربية، عقب جولة أمريكية شملت دول السعودية والأردن ومصر وقطر واسرائيل.
وأجرى الوفد الأمريكي الذي أعد الصفقة مكونا من جاريد كوشنر صهر الرئيس دونالد ترامب، ومبعوث عملية السلام للشرق الأوسط جيسون غرينبلات، الجولة التي تبحث الصفقة مع العرب بهدف تسويقها كما تقول العديد من المصادر.
على الجانب الفلسطيني تصر القيادة الفلسطينية على رفض الدخول بأية مباحثات مع الجانب الاميركي حول ملف السلام وتحديدا ما يتعلق ببنود الصفقة لما تحمله من انحياز كامل للرؤية الإسرائيلية.
وفي ظل اصرار إدارة ترامب على تجاوز الموقف الفلسطيني ورمي شباكها في الإقليم العربي للتوصل إلى حل يضع السلطة الفلسطينية في مصاف الأمر الواقع، تكثر التكهنات حول ما إذا كانت دول المحور ستتماهى مع الموقف الامريكي وتسير باتجاه الصفقة ام لا.
ومن بين التكهنات الكثيرة، تدعي صحيفة "يسرائيل هيوم" أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير المواصلات والاستخبارات في حكومته يسرائيل كاتس، اتفقا هذا الأسبوع، على إطلاق خطة لإنشاء سكة حديد بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية. ووفقا للخطة سيتم عبر هذا الخط نقل البضائع من أوروبا إلى الدول العربية عبر إسرائيل والأردن والمملكة العربية السعودية مع شركاء من السلطة الفلسطينية.
وحسب الخطة التي هي جزء من الحل المقترح “صفقة القرن” من المفترض أن يصل الخط إلى جسر الشيخ حسين، في شمال غور الأردن، ويمر عبر الحدود إلى المملكة الأردنية، ومن هناك سيتم مد خط للسكة الحديدية باتجاه الجنوب، ليصل إلى المملكة العربية السعودية، التي باتت جاهزة للتواصل مع البنية التحتية المخطط لها.
وتدعي الصحيفة أن المشروع سينفذ بشكل مشترك من قبل الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي والدول الآسيوية مثل الصين، التي لديها مصلحة اقتصادية في الطرق البحرية والبرية لنقل البضائع إلى الشرق.
ووفقاً للضالعين في الخطة، فإن المبادرة تقوم على أساس الأمن المشترك والاستخبارات والمصالح الاقتصادية، ضد إيران.
في المقابل، تلقي السلطة الفلسطينية بثقة كبيرة في ثبات الموقف العربي على خيار حل الدولتين وقيام دولة فلسطينية على حدود 67 وعاصمتها "القدس الشرقية".
وقال مستشار الرئيس محمود عباس للشؤون الخارجية والعلاقات الدولية نبيل شعث في حديث لـ"رايـة": العرب ليس لهم مصلحة في ان يخذلونا أو أن يتخلوا عن القدس، مشيرًا إلى أن قرارات القمة العربية التي اقيمت في مدينة الظهران السعودية أكدت على الموقف العربي الثابت.
وحول جولة الوفد الامريكي العربية، قال شعث إن لدى السلطة معلومات ليست كاملة حول تفاصيل اللقاءات، لكنه رفض الكشف عن ماهية هذه المعلومات.
وقال: نصيحتنا للاشقاء العرب ان يوضحوا موقفنا للأمريكان.
وتابع: نحن لسنا طرفًا في صفقة القرن.
ويقدر مراقبون أن التحرك الأمريكي الإسرائيلي بغطاء إنساني تجاه قطاع غزة، ليس إلا جزءًا من محاولة تطبيق صفقة القرن، بعزل القطاع وإخماد المقاومة بالمساعدات والمشاريع.
وقال شعث إن غزة "هي جزء من محاولة الهروب من المشكلة"، لكنها محاولة لن تجدي نفعًا من وجهة نظره.
ويرى رئيس تحرير صحيفة رأي اليوم عبد الباري عطوان أن عنوان الصفقة الأبرز هو "'تسمين' قِطاع غزّة، وتحسين الظُّروف المعيشيّة لمِليونين من سُكَّانِه، وإقامة ميناء بحريّ ومطار جويّ في مِنطَقة رفح المِصريّة المُحاذِية له، إلى جانب محطّة كهرباء عِملاقة، وأُخرى لتَحلِية المِياه".
ويضيف: "الشَّعب الفِلسطينيّ يَحتاج إلى الماء والكَهرباء والميناء والمَطار أُسوَةً بكُل الشُّعوب الأُخرى، ولكن أن يكون مُقابِل هذهِ المَطالِب الأساسيّة هو التَّنازُل عن ثَوابِتِه الوطنيّة، وحُقوقِه المَشروعة فهذا مرفوض".
وخلال مقابلة صحفية مع صحيفة القدس الفلسطينية، أكد كوشنر الوجه الاقتصادي لصفقة القرن بالقول انه يثق تماما بالقدرة على جلب الاستثمارات الضخمة لإقامة البنى التحتية، سواء من القطاع الخاص او القطاع العام وذلك لتحسين الاقتصاد الفلسطيني.
وحول تفاصيل لقاءاته مع قادة ورؤساء الدول العربية الأربعة، قال إن الزعماء العرب "اوضحوا رغبتهم بدولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية. انهم يرغبون بإبرام اتفاق يتيح للسكان الفلسطينيين الحياة بسلام وهدوء والاستفادة من الفرص الاقتصادية. انهم يريدون رؤية اتفاق يحترم الفلسطينيين ويمنحهم حل حقيقي للمحاور المطروحة منذ عقود. وجميعهم يصرون على ان يبقى المسجد الأقصى مفتوحا امام المسلمين للصلاة".
وفيما بدأ الوفد الأمريكي جولته في الأردن، بعد موجة احتجاجات شعبية عارمة في البلاد ضد تدهور الاوضاع الاقتصادية، ربط مراقبون ما يحدث في الاردن بمواقفه الرافضة للقرار الأمريكي بنقل السفارة للقدس، كذلك التمسك بالثواب الفلسطينية التي تتجاوزها صفقة القرن.
وقال المحلل السياسي الأردني منذر حوارات لـ"رايـة"، إنه يراد من الأردن أن يقبل بالأمر الواقع الذي فرضته اسرائيل في الأراضي المحتلة.
وبين أن الأردن لا يمكن ان يقبل التخلي عن أي من الحقوق الفلسطينية، بدءا من عاصمته القدس، إلى حق العودة وإقامة الدولة.
وقال: اعتقد ان قبول الاردن بمقترحات صفقة القرن سوف تمس وجوده كونها متعلقة بالقضايا النهائية، مضيفًا: لا اعتقد ان الاردن سوف يغامر بوجوده لاجل خطة مرحلية طرحها رئيس أمريكي يغيب عنه الادراك الكامل للقضية الفلسطينية.
وحول إمكانية ثبات الأردن على موقفه، قال حوارات إنه "بدون شك ان هنالك ضغوط، لكن الأردن لديه لوبي ممتاز داخل الولايات المتحدة، ويستطيع أن يفعل البيروقراطية الامريكية الحقيقية التي تدرك ماهية الصراع للوقوف في وجه الاندفاع الترامبي الذي لا يتسق مع الموقف الدولي".