اعتُبرت من عجائب الدنيا.. كيف تُبنى الأنفاق تحت الماء؟
الأنفاق التي تمر تحت الماء واحدة من العجائب الهندسية التي تمكن الإنسان من بنائها، سواء كانت لغرض ترفيهي أو استراتيجي أو آخر، ولكن كيف تُبنى هذه العجائب الهندسية، مع وجود ماء يتدفق من كل مكان حتى أصغر ثقب؟.
أُنشئ أول نفق تحت الماء في العالم، تحت نهر التايمز، الذي يتدفق عبر مدينة لندن، في أوائل القرن 19، وقتها كانت لندن محور التجارة في أوروبا، بحسب موقع "science abc".
ووقتها كانت الموانئ مزدحمة بالسفن التي تحمل الفحم والسلع الأخرى، والطرق مليئة بالسيارات التي تجرها الخيول، وكان الازدحام يبعث على الاضطراب، خصوصًا وأن الصناعة في ازدياد، لذا احتاجوا إلى وسيلة لزيادة معدل التجارة والسفر دون زيادة حركة المرور.
في ذلك الوقت، كانت فكرة بناء نفق تحت الماء، غريبة جدًا، ولكن أدرك المهندسون أيضًا أنه الحل الأكثر فعالية، وكانت هناك مخاطر بالطبع، فمثلًا يمكن أن يدفع الضغط الطين والماء من خلال الشقوق، وينكسر النفق بأكمله، وهذا بالطبع سيكون كارثيًا.
ومع ذلك، في عام 1818، طور مارك برونيل، المعروف بكونه أحد أكثر مهندسي إنجلترا ذكاءً، جهازًا مبتكرًا يمكن أن يخترق قاع البحر دون السماح لأي طين أو ماء بالتسرب، كان بناؤه عبقريًا.
واستخدم مارك، شيئا ما، يشبه غواصة، طولها نحو 12 مترًا، محمية بواسطة جدار من الفولاذ والطوب.
وحُفر النفق بواسطة تلك الألة، حيث يكسر العمال الصخور ويحفرون بالرمال، ثم يضع آخرون غطاءً واقيا حول المناطق المحفورة، وكان العمال في الجهة الأمامية، هم الذين يحفرون عبر تجاويف صغيرة، في حين أن الأشخاص الذين يقفون وراءهم يضعون الحجارة (الغطاء الواقي) على طول النفق الذي حفره زملاؤهم، واضطر العمال إلى تطوير منفذين، أحدهما للتخلص من الطين والرمل والآخر للمياه.
تنبأ المهندسون أن الأمر سيستغرق 3 سنوات فقط، ولكنه في الواقع استغرق حوالي 18 سنة، وأخيرا، تم تحصين الطوب بالخرسانة، وانتهى بتطوير نفق قادر على تحمل المركبات التي تجرها الخيول والقطارات في وقت لاحق، ولا يزال النفق جزءًا هامًا من شبكة سكة حديد في لندن، ولفترة وجيزة، اعتبر أنه الأعجوبة الثامنة في العالم.
ومع ذلك، بدلاً من بناء نفق بالحفر، تطور الأمر، وصار يمكن أولاً بناء نفق على الأرض ثم وضعه لاحقًا تحت الماء.
ومثل هذا النفق لا يبنى بكامله، بل في قطاعات، ثم يجري تعويمها بمساعدة أوزان إضافية، ثم يتم ضم كل جزء لتشكيل النفق، ويضخ الماء بين المفاصل هيدروليكيًا، ليصبح داخل النفق معزولا من الماء.