خاص
"الدولار الأبيض" أزمة جديدة تُؤرق الغزيين
راية : سامح أبو دية
تنقل المواطن محمد سالم بين عدة محال للصرافة من أجل صرف 100 دولار أمريكي كان قد استلمها عبر الصراف الآلي من أحد البنوك العاملة في غزة، الى أن اضطر لصرفها بمبلغ من الشواكل أقل بـ 20 شيكلا، بحجة أنها "طبعة قديمة" او من فئة "الدولار الأبيض".
المواطن سالم لم يكن على دراية بعملية "الابتزاز" التي سيتعرض لها في الخارج، فقرر العودة لاحقا الى البنك واستبدال بقية المبلغ من الدولار المهترئ بـ "طبعة جديدة" أو المعروف بفئة "الدولار الأزرق".
أحد موظفي وكالة الأونروا "أبو أحمد"، عانى من تلك المشكلة لفترة، كونه يتقاضى راتبا أكثر من ألف دولار، الأمر الذي دفعه لاحقا لاستلام راتبه من موظف البنك مباشرة "وليس عبر الصراف"، لكي يستلم نقوده من الدولار الأزرق، ولا يضطر لخسارة ما قيمته 300 شيكل من قيمة راتبه.
ظاهرة التسعيرة المختلفة لنفس العملة انتشرت لدى محلات وشركات الصرافة في قطاع غزة، خاصة خلال شهر رمضان وفترة ما قبل عيد الفطر، حيث برزت خلافات بين المواطنين وتجار العملة والبنوك، بعد أن انتشرت في الأسواق عملة الدولار "الجديد والقديم"، وبات الأمر يؤرق الغزيين، ويدخلهم في حسابات غريبة.
يذكر ان هناك العديد من الشكاوى التي وردت بخصوص عدم قبول البنوك ومحلات الصرافة لعملة الدولار القديمة أو التي يعتبروها غير نظيفة، ما أدى إلى انخفاض سعرها بالنسبة لسعر السوق بمبالغ تتراوح من (5 _50 ) شيكل.
في اجتماع سابق مع وزارة الاقتصاد بغزة، قال المدراء العامون للبنوك في القطاع، إن الاحتلال يرفض ادخال عملة دولار جديدة واستبدال مبالغ كبيرة من العملة القديمة والمهترئة والتي تكدست في البنوك، إضافة الى ازمة السيولة النقدية التي يسببها تجار العملات.
وحمل المدراء المسؤولية عن الأزمة لأصحاب محلات الصرافة، مشيرين الى أن البنوك تقبل أي نوع من العملات سواء كانت طبعتها قديمة أو جديدة "طالما أنها مقبولة".
وزارة الاقتصاد بغزة، أعلنت قبل أيام، أنها ستتخذ الإجراءات والوسائل القانونية اللازمة لضبط واستقرار أسعار صرف العملات من قبل أصحاب محال الصرافة وفقاً لأسعارها الحقيقية في السوق ودون أي ابتزازات للمواطنين.
المستشار المالي الدولي الحسن بكر، اعتبر أن الازمة الحالية هي نتاج لسياسة الحصار الإسرائيلي الذي يطال القطاع المصرفي، وهو ما تسبب بعدم قدرة البنوك الفلسطينية على ترحيل أي عملات نقدية تالفة أو مهترئة الى البنوك الإسرائيلية ومنها الى الخارج لكي يتم استبدالها.
وقال بكر لـ "راية" إن كميات كبيرة من عملة الدولار تراكمت في قطاع غزة مع مرور الزمن، مبينا أنها تبلغ 4 مليون دولار في البنوك "وقد يكون مثل تلك الكمية أو أكثر بين المواطنين".
ومع استمرار عملية تراكم الأموال، أصبحت البنوك غير قادرة على قبولها على اعتبر أنها "مخاطرة" في ظل عدم وجود أي حلول لها، أو أن تكون "فاعلة ومنتجة"، وفق المستشار المالي.
وأوضح بكر أن المواطن أصبح يبحث عن النسخ الجديدة من الدولار "الأزرق" كي يستطيع تخزينها، وأضاف: "في الفترة التي صدر فيها دولار أمريكي جديد باللون الأزرق، استبدل فيها الدولار القديم - المسمى بالدولار الأبيض - ذو اللون الأخضر".
وتابع: "بدأ الناس يفضلون الدولار الأزرق الجديد على القديم المهترئ حتى لو اضطر لدفع ثمنه أكثر قليلا، حتى لا يخسر خلال عملية تبديل العملة لاحقا".
وبيّن المستشار المالي أن تلك الأزمة تسببت في خسائر اقتصادية لدى الناس، مشيرا الى أن نسبة الخصم خلال عملية تبديل الدولار القديم بالجديد وصلت الى أكثر من 8% من سعر العملة.
وقال إن سلطة النقد سعت بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة؛ لإزالة العملات التالفة والقديمة، وتوفير عملة نقدية جديدة.
وأشار بكر الى أن هناك أنباء عن تمكن سلطة النقد بالفعل، من الوصول الى اتفاق يتم بموجبه ترحيل جزء من هذه الأموال التالفة والمهترئة، واستبدالها بطبعات جديدة.
ويدور الحديث عن ترحيل ١٥٥ مليون شيكل و٤ ملايين دولار ومليون دينار أردني، وإعادة مبالغ جديدة من الشيكل والدولار الأمريكي الجديد "الطبعة الزرقاء"، وفق المستشار المالي بكر.
محافظ سلطة النقد عزام الشوا، أوضح لـ "راية" أن الجهود المكثفة التي بذلتها سلطة النقد مع كافة الجهات ذات العلاقة بهدف تلبية احتياجات المواطنين في قطاع غزة، والتخفيف من معاناتهم؛ أثمرت عن استبدال التالف من العملات المختلفة بفئات ورقية جديدة حسب احتياجات المواطنين بما يشمل الفئات الصغيرة.
وأكد الشوا أنه قد تم إخراج التالف من عملتي الدينار والدولار من القطاع.