رأي الراية:
رزان.. شباب غزة ليسوا أرقام
عندما أجرت "رايــة" مقابلة مع المسعفة رزان أشرف النجار قبل استشهادها بايام، خلال عملها في نقطة طبية على حدود بلدة خزاعة شرق خانيونس، كان واضحا الصدق والاصرار في حديثها عن عملها لإنقاذ مصابي مسيرة العودة وكسر الحصار، وفي خلفية المشهد يتضح تماما قدرة شباب غزة على العطاء رغم الظروف من فقر وبطالة وتهميش.
رزان ممرضة تخرجت من الجامعة وبقيت بلا عمل مثل 120 ألف خريج وخريجة ينهون دراستهم الجامعية ليستقروا في عالم البطالة والانتظار منذ سنوات الانقسام الأسود.
لقد قدمت رزان نموذجا للتضحية والتطوع رغم المخاطر، تحضر كل يوم صباحا وتعود لبيتها بعد اخلاء كل جرحى المسيرات، انها مقارنة بكل من تصدروا الاعلام باسم فلسطين وحقوقها، ممثل حقيقي للوطن وشاباته وشبابه، يطرقون كل يوم جدار البطالة والانقسام والاهمال والعبث والمغامرة بالخيارات الكبرى من أجل أهداف قريبة وذاتية، فطرح مسيرة العودة من قبل سياسي ينتظر اتصال من عاصمة عربية أو أجنبية ليتلقى وعودا ومساعدات بعد ثلاثة حروب و12 عاما من الحصار يعد مراهقة وانحدارا سياسيا، من يطرح حق العودة في زمن الانقسام الحاد يقامر بمستقبل 15 ألف جريح بينهم ألف حالة خطرة تبحث عن مستشفى أو أطراف اصطناعية.
شباب وشابات فلسطين دوما كانوا في الصفوف الأولى في هبة القدس وانتفاضة الأقصى على كل حواجز الموت في الضفة الفلسطينية وأمام تداعيات الحصار الجائر في غزة، يدفعون الثمن بلا مقابل وبلا اهتمام وبلا سياسات تحميهم من مستقبل مجهول وفقر مدقع وبطالة مجنونة.
سنسمع لأيام قليلة فقط خطبا رنانة، ونقرأ بيانات حارة عن الشهيدة رزان، وبعد أيام سينشغل الجميع بشهيد جديد وتضحية أكبر، لكن سيبقى الانقسام كالسرطان وستظل البطالة تنهش أحلام الشابات، وستبقى الجامعات تبيع الوهم وشبه التعليم بأغلى الأسعار، دون تخطيط لمستقبل الشهادات وقراءة حقيقية لسوق العمل، وسيخرج علينا كل مساء قائد يبني حجرا جديدا في جدار الانفصال.
إن لم تكف دماء رزان و120 شهيدا وأكثر من 15 ألف جريح للاستفاقة من هذا البؤس، فلن يصحوا ضمير أحد، ولن نجد رجالا شجعانا يصنعون الفارق من أجل فلسطين، واذا كانت رزان تنازلت عن عمرها وأحلامهما وبسمة أمها، فلماذا لا يتنازل كل من لم يقدموا شيئا للوطن سوى الضجيج وتملق رضا العواصم البائسة.