تقرير
"قطار الخير" انطلق في غزة ويرفض التوقف
خاص – راية: سامح أبو دية
للعام الخامس على التوالي، يسير "قطار الخير" في أزقة وشوارع دير البلح وسط قطاع غزة، حاملا مساعدات يقدمها للفقراء والمحتاجين في ظل الظروف الاقتصادية التي تزداد صعوبة يوما بعد يوم.
فمن منطلق التكافل الاجتماعي، اطلقت مجموعة من الشبان تلك المبادرة الاجتماعية الحرة في شهر رمضان المبارك عام 2014، وكانت البداية من أحد البيوت وعن طريق الصدفة، قبل ان تتسع لتصبح اليوم قطار الخير "من البسطاء الى البسطاء".
بدأت المبادرة الواعية؛ عندما زار أحدهم صديقه في بيته قرب موعد الافطار كي يستد دينه، ليتفاجأ بعدم توفر طعام الافطار في بيته الذي يحتوي على 9 أفراد، فقرر اخبار الأصدقاء والجيران لسد ثغرة هذا البيت.
وفي اليوم التالي، قررت المجموعة تقديم طعام الافطار لكل البيوت في الحي، ومن هنا انطلق القطار بشكل سريع، ليصل بعد 3 سنوات الى مدن وأحياء قطاع غزة كافة، حيث يقدم وجبات طعام الافطار وسلات الخضار والتمور والمياه وغيرها.
ويستذكر قبطان القطار وليد العريني؛ ما حدث خلال العدوان الاسرائيلي على غزة عام 2014، عندما تقرر تحويل مسار القطار من البيوت الى المدارس التي نزح اليها آلاف الغزيين.
وبعد أن لاقت الفكرة اعجاب واستحسان الكثيرين، تطور الأمر عام 2016 الى أن خرج القطار الى المناطق المجاورة، ثم وصل الى ذروته في عام 2017، حيث زار فيه قطار الخير جميع مناطق قطاع غزة خلال شهر رمضان، وقدّم مساعدات بلغت قيمتها مليون و 250 ألف شيكل.
يقول العريني في حديث لـ "راية": "في كل منطقة أو حي نستهدفها يكون فيها سائق لقطار الخير، وهو شخص من سكان الحي يكون على علم بظروف الناس بشكل جيد، يقوم بتوزيع المساعدات للمحتاجين هناك".
وفي ظل الظروف الاقتصادية التي اشتدت خلال العام الجاري، فقد واجه قطار الخير خطرا بالتوقف، ويؤكد العريني أنه لأول مرة منذ 5 أعوام توقف القطار لمدة يومين منذ بداية شهر رمضان، بسبب قلة التمويل.
وفي ظل تلك الظروف الصعبة، فقد قرر القائمون على مبادرة القطار تحويل المساعدات من وجبات غذائية الى "سلة خضار"، حيث أصبح الناس بحاجة اليها أكثر من الوجبة الجاهزة.
ويقول العريني: "هذا العام اعتمدنا سلة الخضار المكون من 5 الى 7 أصناف تقريبا، والتي تقدر وفق الظروف اليومية، فإن تواجد وقود للقطار نقوم بتشغيله وان لم يتوفر فلا يعمل في ذلك اليوم".
كما أن القطار قد تراجع الى الخلف، وبات لا يغطي حاليا الا مدينة دير البلح وحدها، في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها القطاع، وتراجع حجم المساعدات التي يتم الحصول عليها من الطبقة البسيطة أو المتوسطة، بعيدا عن التمويل الخارجي أو تمويل رجال الاعمال.
ويعمل عشرات المواطنين بشكل فردي وتطوعي ضمن المبادرة التي انضم إليها الفريق الشبابي "انا لاجئ"، ومجموعة من أصحاب الشاحنات وسيارات النقل.
ويتميز "قطار الخير" باستقلاليته وتنصله من الأحزاب السياسية، كما لا يتبع أي مؤسسة أو جمعية خيرية، وقوده مجموعة من الأصدقاء والجيران والمتطوعين وفاعلي الخير وحدهم.
يقول ناصر أبو عبيد لـ “راية" أحد أعضاء المبادرة: "نعمل وفق الامكانيات التي تتوفر يوميا، نخرج ظهرا الى الاسواق لشراء الخضار، ثم نقوم بتعبئتها وفق الكمية المتوفرة، ومن ثم توزيعها على المحتاجين".
ويوضح أنه يتم توزيع السلات الغذائية المتوفرة الى المنازل دون ذكر أسمائهم أو التعريف بهم، وذلك حرصا على مشاعر تلك الأسر الميسورة التي خانتهم الظروف المادية في الأشهر الأخيرة.