الصدر يتزعم المشهد العراقي وبوادر صدام مع إيران
وكالات- دخل الزعيم الشيعي مقتدى الصدر في محادثات مع رئيس الوزراء حيدر العبادي لتشكيل حكومة وطنية جامعة تقطع الطريق على إيران. وأكد الصدر أنه "لن يسمي العبادي رئيسا جديدا للوزراء ما لم يعلن استقالته من حزب الدعوة المقرب من إيران". وذهب الصدر الى أبعد من ذلك بحسب ما نقلت وسائل إعلام عراقية "فقد أعطى قائد فيلق القدس قاسم سليماني مهلة ثمان وأربعين ساعة من أجل الخروج من الأراضي العراقية بعدما حاول الأخير رأب الصدع بين العبادي والرئيس السابق نوري المالكي اللذين ينحدران من نفس الحزب وخاضا معركة الانتخابات منفردين".
وأعاد رجل الدين الشيعي الشعبوي مقتدى الصدر، الذي فاز تحالفه بالانتخابات التشريعية العراقية، تقديم نفسه كراع لمكافحة الفساد المستشري في البلاد، بعد سنوات من قيادة فصائل مسلحة قاتلت الأميركيين. ومنذ ثلاث سنوات، يتظاهر أنصار الصدر جنبا إلى جنب مع الشيوعيين، أعدائهم السابقين، ضد طبقة سياسية فاسدة وغير قابلة للإصلاح منذ 15 عاما. يطرح الصدر المستدير الوجه والذي غزا الشيب لحيته، نفسه بطلا للإصلاح في بلد يحتل المرتبة 12 على لائحة البلدان الأكثر فسادا في العالم.
ولد الصدر الذي يقول مقربون إنه سريع الغضب وقليل الابتسام، في 12 آب/أغسطس 1973 في الكوفة جنوب بغداد. وهو نجل محمد محمد صادق الصدر أبرز رجال الدين الشيعة المعارضين للرئيس الأسبق صدام حسين الذي قتله مع اثنين من أبنائه في العام 1999. ووالد مقتدى هو أحد أبناء عم محمد باقر الصدر المفكر البارز الذي أعدمه صدام مع شقيقته نور الهدى في العام 1980.
ومنح هذا النسب المرموق اندفاعة لمقتدى اعتبارا من عام 2003، حين برز اسمه بعدما أسس وحدات مسلحة تضم عشرات الآلاف من الشبان الشيعة تحت اسم "جيش المهدي". وسرعان ما خاضت هذه الميليشيا معارك ضد القوات الأميركية في النجف في آب/أغسطس 2004، أدت إلى مقتل ما لا يقل عن ألف من أنصار الصدر الذي اعتبرته وزارة الدفاع الأميركية في العام 2006 من أكبر التهديدات التي تعوق استقرار العراق.
واتهم جيش المهدي بالوقوف وراء أعمال استهدفت السنة خلال موجة العنف الطائفي التي ضربت العراق خصوصا بين عامي 2003 و2008. كما أتهم الصدر نفسه بالوقوف وراء مقتل منافسه عبد المجيد الخوئي في نيسان/أبريل 2003. واتهم جيش المهدي ايضا بتنفيذ هجمات ضد محال بيع مشروبات كحولية وأخرى استهدفت مثليين، إلى أن أصدر الصدر أمرا بوقف تلك الهجمات في أب/اغسطس 2016.
توارى الصدر اواخر العام 2006 ولم يعرف مكان اقامته حتى عودته إلى حي الحنانة في النجف حيث مقر اقامته في بداية العام 2011، ليتبين لاحقا أنه أمضى أكثر من أربعة أعوام في مدينة قم الايرانية لمتابعة دروس في الحوزة الدينية. لكن جيش المهدي خاض معارك قاسية مع القوات الاميركية والحكومية العراقية ربيع العام 2008 في البصرة ومدينة الصدر، قبل ان يأمر مقتدى الصدر في آب/أغسطس 2008 بحل هذه الميليشيا من دون أن يتخلى عن تأكيد معاداته "للاحتلال الأميركي".
ويتمتع الصدر بشعبية واسعة في اوساط فقراء الشيعة وخصوصا في مدينة الصدر ذات الكثافة السكانية العالية في بغداد. وعاش الصدر فترات من الانسحاب ظاهريا من الحياة العامة، وتكريس نفسه لمزيد من الدراسة في حوزة النجف، ودعوة أنصاره علنا إلى الاعتصام خارج المنطقة الخضراء الشديدة التحصين في بغداد.
والمعروف أن شخصية الصدر ونهجه موضع إشكال لدى إيران والولايات المتحدة على حد سواء. فإذا كانت واشنطن لا تنسى "جيش المهدي"، فان طهران لا تنسى بدورها المواقف العدائية لسليل آل الصدر المعروفين بزعامتهم الدينية ذات الاحترام الواسع، وآخر تلك المواقف كان زيارته إلى السعودية، عدو إيران اللدود. يقول المحلل السياسي العراقي عصام الفيلي إن "للصدر مقبولية وقواعد شعبية واسعة، ومن يمتلك الشارع يشكل مصدر قلق لكثير من الأطراف".