رأي الراية:
أكثرية ترامب وأقلية العالم
المشهد نفسه يتكرر مع اقصاء الحقوق الفلسطينية، وجعلها أوراقا أرشيفية لدى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، ونحن اليوم على موعد يعبر بشكل مكثف عن هذا البؤس وغياب العدالة، في مشهد نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب الى القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية وفق إقرار غالبية دول العالم مجتمعة وفرادى، أغلبية تبدو أقلية في الفعل عاجزة أمام الحقوق الفلسطينية.
تبني العرب في قمة القدس للموقف الفلسطيني في مواجهة الاحتلال والادارة الأمريكية موقف يستحق التقدير باعتباره تثبيت للرؤية العربية للسلام، لكن أمام المستجدات الاخيرة والاعتداء الامريكي الاسرائيلي على الحقوق العربية بوجهيها الاسلامي والمسيحي، يستوجب من العرب كدول ومجموعات ومنظمات دورا أكثر من "العض على الشفاه" من خلال تفعيل أدوات الضغط العربية السياسية والدبلوماسية والاقتصادية لوقف هذه الحرب بقيادة ترامب ونتنياهو، ومن أجل استعادة هيبة المبادرة العربية،
إن الشعب الفلسطيني لن يستسلم لهذا العدوان على قدسية القدس، وأولوية حق العودة رغم مرور سبعين عاما على النكبة، لأن الصغار لم ينسون وصية الكبار أمام تضخم معاناة اللاجئين، وكل يوم يؤكد الشعب الفلسطيني فيه انه قادر على دفع ضريبة تمسكه بحقوقه ومستعد لمواصلة نضاله الكبير رغم كل الجراح، في المقابل يجب ان يدفع الاحتلال فاتورة رفضه للسلام والاستقرار من خلال أولا مواقف عربية حازمة، وثانيا أفعالا دولية لحماية قرارات المجتمع الدولي وحفظ ماء الوجه أمام تعنت نتنياهو وفريقه.
المطلوب فلسطينيا تفعيل الملاحقة القانونية لكل قادة الاحتلال من قتلة الأطفال والعُزل، والذهاب إلى أقصى نقطة يخشاها قادة الاحتلال، وكذلك تفعيل العمل السياسي العربي كحاضنة ورافعة للجهود الفلسطينية، وتفعيل ادوات الضغط الاقتصادي، ومواصلة حملة المقاطعة لكل متجر وبيت في العالم كالتزام يومي للجامعة العربية ودولها.
لا يعقل ان يمارس العالم خاصة الاتحاد الاوربي دور الممرض باستخدام ضمادات المساعدات أمام مصائب ترامب وادارته، وجرائم نتنياهو وجيشه، على الأقل لمنع الجرائم المنتظرة من جيش لا يعترف بالحدود الجغرافية من دمشق حتى ماليزيا، جيش يعمل خارج القانون والمحاسبة.
ان الدماء التي تسيل في ذكرى النكبة للمطالبة بحق العودة ورفضا لتهويد القدس ونقل السفارة الامريكية هي دماء متظاهرين عزل سلميين، وهي جريمة على عاتق العالم الذي لم يتخذ اجراءات لمنع الجريمة المتعمدة، من خلال استعادة الحقوق وارساء السلام وحفظ الاستقرار وانهاء آخر احتلال في العالم لأن شعبا يرى أرضه مسلوبة وعاصمته تقتلع لن يصمت ولن يستكين.