الشعبية تعلن أسباب عدم مشاركتها في دورة المجلس الوطني
أكدت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أنّ عقد المجلس الوطني الفلسطيني بصيغته الحالية، فيه تجاوز للاتفاقيات الوطنية العديدة التي تناولت موضوع المنظمة وضرورة إعادة الاعتبار لها ولبرنامجها الوطني التحرري، وإصلاحها وتطويرها وهيكلة مؤسساتها على أسس وطنية وديمقراطية، وضمان مشاركة قوى وفصائل شعبنا فيها، بما يعزز مفاهيم وأسس الشراكة السياسية والوحدة والتحمل المشترك لعبء النضال الوطني.
وقالت الشعبية في بيان لها ، إنّ في مقدمة تلك الاتفاقات، اتفاق القاهرة آذار 2005 الذي تناول منظمة التحرير على وجه الخصوص، ووثيقة الوفاق الوطني (وثيقة الأسرى) أيار 2006، واتفاق المصالحة في القاهرة نيسان 2011، بالإضافة إلى مقررات اللجنة التحضيرية المنعقدة في يناير 2017 في بيروت، التي شاركت في اجتماعاتها جميع الفصائل الوطنية والإسلامية، وأنيط بها التهيئة والتحضير لعقد مجلس وطني توحيدي، والتي لم تستكمل أعمالها رغم مطالبتنا الدائمة بذلك.
وأضافت الجبهة أن عقد المجلس بعيداً عن الاتفاقات المذكورة سابقاً، من شأنه أن يعمق من حدة الانقسام، في وقت نحن أحوج ما نكون فيه، إلى إنهاء وطي صفحة الانقسام، ومعالجة آثاره ونتائجه الكارثية على الصعد الوطنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والنفسية، بما يفتح الطريق أمام تحقيق وحدة وطنية تعددية حقيقية، نستطيع من خلالها تعزيز صمود شعبنا، وتقوية جبهته الداخلية، وتعزيز دور قواه ومؤسساته الوطنية والمجتمعية للنجاح في إدارة الصراع مع الاحتلال، وكذلك مواجهة التحديات والمخاطر الكبرى التي تنتصب أمام شعبنا وقضيته، وتهدف إلى تصفية حقوقه الوطنية، والتي أبرزها ما يسمى بخطة ترامب أو صفقة القرن".
وأشارت إلى أنّ "عقد المجلس بالصيغة المطروحة، يتجاوز أهمية وضرورة المراجعة والتقييم المطلوبين لتجربة العمل الوطني الفلسطيني السابقة، خاصة في ضوء الأزمة العامة التي ضربت مختلف مفاصل الوضع الفلسطيني، وبعد وصول نهج التسوية ومفاوضاته إلى طريق مسدود، وتغوّل الاحتلال واستيطانه على الأرض الفلسطينية، وتصاعد وتائر العدوان والإرهاب ضد شعبنا، وسياسات التهويد للأرض والأماكن والمقدسات الفلسطيني ــ ووضوح ــ استغلال العدو الصهيوني للاتفاقات الموقعة معه، في كسب الأرض والزمن معاً".
ورأت الجبهة الشعبية، أنّ المطلوب من أي مجلس وطني يعقد هو أن يشكل محطة جديدة في سياق النضال الوطني الفلسطيني، وبما يقطع مع كل الاتفاقات السياسية والاقتصادية والأمنية مع الاحتلال، التزاماً بمقررات المجلس المركزي في دورتيه الأخيرتين 2015-2017، رغم تحفظات الجبهة على العديد منها وبما يؤسس للاتفاق الوطني على استراتيجية وطنية موحدة، يشتق من خلالها برنامج وطني وسياسي جامع، مرتكزاً على أن شعبنا لا يزال يعيش مرحلة تحرر وطني وديمقراطي، بما يعني ضرورة الاستثمار الأمثل لمختلف أشكال ووسائل النضال، التي يجب أن تُتَبع من أجل تحقيق مصالح وحقوق وأهداف وتطلعات شعبنا الوطنية".
وقالت في بيانها "إن عقد المجلس الوطني بالصيغة الحالية، يتجاوز ضرورة التجديد في عضويته وضخ الدماء الشابة والطاقات والكفاءات في هيئات ومؤسسات المنظمة، التي لا يجوز أن تبقى هرمة وشائخة في عضويتها وأدائها ودورها، بما يوصلنا إلى هيئات ومؤسسات فاعلة، تعبر قولاً وفعلاً عن دور ووظيفة المنظمة التحررية وتمثيلها لمختلف شرائح وفئات وقطاعات شعبنا في مختلف أماكن تواجده في الوطن ومواقع اللجوء والشتات، وقائدة لنضاله الوطني".
وأضافت "أن عقد المجلس وضمان حضور أعضائه المتواجدين على مساحة وجود وتجمعات شعبنا في الوطن ومواقع اللجوء والشتات، كانت تتطلب عقد مجلس وطني توحيدي، وفي مكان بعيد عن سطوة الاحتلال، لذلك طالبت الجبهة بعقد المجلس في مقر جامعة الدول العربية في القاهرة، أو أي عاصمة عربية تقبل بذلك، كي يستطيع المجلس القيام بالمهمات المناطة به، وممارسة دوره في هذه اللحظة التاريخية الخطيرة التي يمر بها شعبنا ونضاله الوطني".
كما أكدت أنّ عقد المجلس الوطني مع استمرار الإجراءات العقابية ضد قطاع غزة، يصبح أمراً غير مفهوماً ومن شأنه أن يفاقم من حالة الانقسام نحو الانفصال، وخاصة أن الإجراءات المستمرة منذ ما يزيد عن عام من قطع للرواتب ومن تقليص للكهرباء وغيرها ضاعفت من معاناة القطاع.
وأكدت كذلك أن عدم مشاركتها في دورة المجلس الوطني في 30 من نيسان الجاري، لا يعني بالنسبة لها نهاية المطاف، في استمرار نضالها، وبذل الجهود مع جميع القوى السياسية والمجتمعية، من أجل عقد مجلس وطني توحيدي في أقرب وقت ممكن، مستندين في ذلك على الاتفاقات الوطنية الموقعة.
وشددت على موقفها الثابت والواضح من المنظمة ممثلاً وكياناً وهويةً ومعبراً سياسياً وقانونياً عن شعبنا الفلسطيني، مشيرةً إلى أنها ستبقى دوماً في الصفوف الأولى المدافعة عنها في وجه أي محاولات تستهدف تجاوزها أو إقصائها أو شطبها، وعلى أنها لن تكون بالمطلق جزءاً من أي تشكيل موازٍ أو جسم بديل عنها، وأن عدم مشاركتها في دورة المجلس لا يمثل خروجاً من المنظمة، أو انسحاباً منها، فوجودنا في المنظمة ومؤسساتها، حق مكتسب بالدم والتضحيات الكبيرة التي قدمت في مجرى نضالنا الوطني، غير الخاضعة للمساومة أو الإبتزاز".
وقال البيان، أنّ الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، عبّرت "طوال مسيرتها الكفاحية عن حرصها الشديد على مؤسسات ومنجزات الشعب الفلسطيني وتعاطت معها بكل مسؤولية واحترام واستقامة فكرية ووطنية وأخلاقية، بعيداً عن الذهنية النفعية أو الفئوية أو المصالح الذاتية، وفي مقدمة تلك المؤسسات كانت منظمة التحرير الفلسطينية، انطلاقاً من كونها أحد أهم المنجزات الوطنية التي تكرّست في ظل الثورة الفلسطينية المعاصرة، كرد على محاولات طمس وتبديد هوية ووحدة الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية، ومثلت بميثاقها وببرنامج الإجماع الوطني التحرري الإطار الفلسطيني الجامع، والتي استطاعت بفضل نضالات الشعب الفلسطيني وقواه وفصائله، من فرض نفسها كمعبر سياسي وقانوني وتنظيمي عن وحدة الشعب وكيانيته وهويته وذاته الكفاحية، التي تحت رايتها ناضل شعبنا من أجل تحقيق أهدافه الوطنية في الحرية والعودة والاستقلال".
وعلى الرغم من كل ما لحق بالمنظمة ومؤسساتها من تهميش وإقصاء وهيمنة، أكدت الجبهة "أنها كانت وستبقى بالنسبة لنا الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني، التي اكتسبت هذه الصفة وهي تخوض غمار الكفاح الوطني التحرري ضد المشروع والوجود الصهيوني على أرضنا الفلسطينية".
وأكدت الجبهة الشعبية أن "جهوداً متواصلة على مدار السنوات السابقة، من أجل حماية المنظمة ومكانتها التمثيلية، وساهمت بفعالية في كل الاتفاقات الوطنية التي جرى التوقيع عليها، بشأن إعادة بنائها وهيكلتها على أسس وطنية وديمقراطية، وعلى هذا الطريق فقد عملت الجبهة من أجل عقد مجلس وطني توحيدي، وتفادي عقد دورة للمجلس الوطني بالصيغة القائمة، التي من شأنها أن تُعيد إنتاج ما هو قائم من أطر وهيئات تمثيلية وقيادية أثبتت مسيرة السنوات السابقة أنها عاجزة عن قيادة الشعب الفلسطيني وفق سياسات صائبة تنطلق من التمسّك بأهدافنا الوطنية، وتقطع مع اتفاقيات أوسلو وما ترتبه من التزامات على شعبنا وقيادته، وعاجزة أيضاً عن تحويل مؤسسات المنظمة إلى مؤسسات فاعلة".
وأضاف البيان "وفي ضوء عدم الاستجابة، وعدم الاستعداد لدعوة اللجنة التحضيرية إلى استكمال أعمالها، وكذلك رفض دعوة لجنة تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الإطار القيادي المؤقت بمهماته المحددة التي تم التوافق والإجماع عليها بما في ذلك تفعيل المنظمة وبناء مؤسساتها على أسس وطنية وديمقراطية جامعة.
وأوضح أن المكتب السياسي للجبهة ناقش بمسؤولية وطنية عالية الموقف من دعوة الجبهة للمشاركة في المجلس، مستنداً في ذلك إلى الأسئلة التالية: أين تكمن مصلحة شعبنا الفلسطيني؟ وكيف يمكن أن نحافظ على وحدته وتماسكه وتعزيز صموده؟ وكيف يمكن أن تستعيد المنظمة دورها ومكانتها ووظيفتها الوطنية والاجتماعية، وتحافظ على وجودها واستقلاليتها وصلاحياتها وشرعيتها؟ وكيف للمنظمة أن تصبح فعلياً جبهة وطنية عريضة لعموم تجمعات الشعب الفلسطيني في مختلف أماكن تواجده، مرتكزة في ذلك على برنامج وطني واجتماعي، يعكس المصالح العليا لشعبنا ومصالح مختلف تجمعاته التي تعيش أوضاعاً متباينة؟ وقد وصلنا إلى قناعة بعدم المشاركة في هذه الدورة، واستمرار عملنا من أجل عقد دورة توحيدية تستند إلى حصيلة التوافقات الوطنية الجامعة التي بلورتها جولات الحوار المتعددة".