خاص
أزقة وجدران المخيم لن تنسى الشهيد "حمادة"
خاص- راية: سامح أبو دية
الطفل محمد ابراهيم أيوب، أو كما تلقبه عائلته وأصدقاؤه بـ "حمادة أبو دم خفيف"، رحل حاملا معه أمنياته وأحلامه التي ما لبث أن بدأ يخطط لها.
رصاصة قاتلة من قناص اسرائيلي استقرت في رأس حمادة، ارتقى على اثرها شهيدا على حدود مخيم جباليا شمال قطاع غزة، رغم ابتعاده عن منطقة المواجهات بحوالي 150 مترا.
مشهد أيوب (14 عاما) وهو يلهو مع الأطفال – كما أظهر مقطع فيديو متداول- لم يرق لجنود الاحتلال ليطلق احدهم رصاصة الموت على البراءة دون أي رحمة أو شفقة، في مشهد يعكس كراهية وحقد جنود الاحتلال.
الطفل ايوب بعث برسالة الى امه مع أحد الاقارب بأنه ذاهب الى مسيرة العودة لمدة ساعة، تقول أم أيوب والدة الشهيد: "تجاهل محمد تحذيراتنا، فعاد حمادة الى البيت بعد ساعة فعلا، ولكن شهيدا".
"كان طيبا وحنونا ويحب المساعدة، ولديه من الشقاوة ما يجعل الجميع يحبه، حتى بعد أن استشهد؛ أحسست أنه موجود بين الناس ويعمل على ترتيب بيت العزاء مع الآخرين وهو يركض سعيدا” تضيف والدته.
عائلته ما زالت تعيش الصدمة، لا يريدون تصديق انه رحل، في غرفته بقي كل شيء على حاله، في انتظار ان يعود " سيعود ليرتدي ملابسه الجديدة التي جهزها استعداد لعيد الفطر”، هكذا تقول والدته وعيناها لا تتوقفان عن ذرف الدموع، "انظر الى صورته مرة، أشعر وكأنه ما زال موجودا بيننا، وينظر اليّ في مرة أخرى، أتفقد ملابسه أشتم رائحته وأشعر أنه يجلس بجانبي" تضيف والدته.
وعد حمادة والديه بالاجتهاد في دراسته، وأن يدرس تخصص الخدمة الاجتماعية في الجامعة، في المقابل؛ كان يتمنى أن يحصل على جهاز محمول "آيباد" بديلا للجهاز القديم الذي تعرض للكسر، الا أن رصاصة غادرة قضت على كل تلك الوعود والأحلام والأماني. بدت الحسرة على وجه ابراهيم والد الطفل ايوب، وهو يتذكر آخر ما تمناه ابنه ولم يستطع أن يحققه، يقول: "طلب مني محمد آيباد مقابل الاجتهاد في الدراسة وعدم الخروج من البيت، ووعدته به، الا أن سوء الاوضاع الاقتصادية حالت بيني وبين تحقيق امنيته".
وتطالب عائلة الطفل أيوب، ليس بإعدام الجندي الذي قنصه، وانما بإعدام من أمره باطلاق النار على أطفال غزة، يقول ابراهيم والد محمد: "من يقنص الاطفال الأبرياء هو من يخاف منهم، وهو يستحق الاعدام".
ويشير والد أيوب (42 عاما) الى أن طفله ذهب الى مسيرة سلمية للمشاهدة "لم يحمل حجرا أو سلاحا أو متفجرات" ويكان يهرب من رائحة الغاز المسيل للدموع عند اقترابه.
وأضاف: "في المكان الذي سال فيه دم الطفل أيوب يجب أن يسيل فيه دم من قتله عمدا"، وتابع: "لا يريدون لأي طفل ان يخرج ويفهم ان له حقوقا وارضا مغتصبة، وان هناك محتلين اخذوا اراضينا، لا يريدون للأطفال ان يفهموا ذلك، فيعدمونهم".
في زقاق المخيم الذي يعيش فيه بمنطقة "الفالوجا" شمال غزة، كان الطفل ايوب يخط على الجدران بالفحم والطباشير والأقلام السائلة الكبيرة، حيث كثرت شعاراته وكتاباته، يشير أحد أصدقائه الى عبارة كتبها الشهيد "الأرض لنا"، وفي غرفته كتب "عايش جكر ومجنن البشر".
وطالبت عائلة أيوب بمحاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مضيفة أنها سترفع دعوى ضد دولة الاحتلال كلها، وعلى رأسها "المجرم نتنياهو" الذي يوعز لجنوده بارتكاب مجازر وجرائم ضد الانسانية.
واثار استشهاد الطفل أيوب موجة استنكار محلية ودولية واسعة، ما اجبر جيش الاحتلال على فتح تحقيق في الحادثة التي وقعت على الحدود الشمالية الشرقية لقطاع غزة.