خاص
حكايا الخليل.. الضرير آدم صانع الجاعد
الخليل_ راية: طه أبو حسين
في سوق الخواجات، أو ما بات يعرف اليوم بمدخل سوق البلدة القديمة في الخليل الذي يأخذك المسجد الإبراهيمي، يجلس الضرير الحاج آدم دعنا المكني "أبو ماجد" أمام دكانه الذي لا يزيد مساحته عن مترين مربع، يبيع صوف المواشي او ما يعرف بـ "الجاعد" الذي تراجعت التجارة فيه حتى باتت مهددة بالاندثار.
الحاج أبو ماجد الثمانيني، ورث هذه التجارة عن أبيه، فمنذ نعومة أظفاره تعلم عملية تنظيفه وخياطته حتى يصبح جاهزا للاستخدام فيقول "بعد انتهاء الدوام في المدرسة كنت اتي الى هذا الدكان لأساعد والدي، أدعك الجلود وأنظفها، بعدها ارش عليه الملح ونتركه بعض الوقت قبل ان نغسله، بعدها نضع له (شبّه)، ثم مرحلة السحب باستخدام (مالج ومبرشة) حتى يطرى الجلد، وبعدها نخيطه على اليد أو الماكنة".
الجاعد كان يستغرق وقتّا زمنيّا ليصبح جاهزًا للاستخدام وهذا الوقت يمتد الى نحو عشرين يومًا، ثم بدأت تتقلص الفترة الزمنية بعد دخول بعض الآلات يقول أبو ماجد ويضيف "اجدادنا كانوا يخيطوا الفروة على أيديهم بالإبرة والخيط، بعدها تطورت الامور الى الماكينات، ثم الى الصناعة التي اخذ التجار يستوردونها من تركيا، فترك الناس الجلد".
ويضيف "زمان كنا نبيع الجاعد، لكن اليوم بالشهر ما نبيع جاعد واحد، لأنه هناك بديل وهو المستورد الذي ليس له رائحة، على عكس الجاعد الطبيعي الذي تشم له رائحة، وهذا لا يروق لجيل اليوم، فالصنعة انتهت".
قبل 25 عامًا كان الحاج أبو ماجد يبيع الجاعد في القدس، ولما شعر بالتعب والضعف عاد الى الخليل، ليستقر في دكانه الصغير بسوق الخواجات "هذا السوق كان من أهم الأسواق في الخليل، عندما تأتي من باب المسجد الابراهيمي لباب البلدية القديمة تحتاج الى ساعة لتصل، أما الآن لا أعرف أين ذهبت الناس، فلا يوجد حركة للمواطنين هم فقط الأجانب الذين يزورون المكان من يتواجدون".