حكايا
السبعيني خضر القصراوي وذكرياته على خطوط النقل العربية
الخليل- رايــة: طه أبو حسين-
كأن أمس البعيد كان اليوم، فذاكرة السبعيني خضر القصراوي قادتنا لسيارة "بيدفورد" التي قادها لأول مرة في الستينيات من القرن الماضي بينما كان عمره ثمانية عشر عاماً، وكذلك سيارات النقل الثقيل بأنواعها التي اجتاز بها حدود الدول العربية.
"في بداية الستينيات ذهبت للكويت واشتريت سيارة، اشتغلت عليها على خطوط مختلفة (السعودية، قطر، الكويت، بغداد، بيروت، الشام) تقريبا وصلت كل الدول العربية" قال الحاج خضر عبد الرحيم القصراوي (76 عاما) المكنّى (أبو خالد)، من مدينة الخليل.
"رخصتي الكويتية بجيبي، تشوفها؟" بهذه الكلمات ردّ عليّ الحاج خضر عند سؤاله عن رخصة القيادة، ثم مدّ يده على جيبه، فأخرج مجموعة رخص، الكويتية والأردنية والفلسطينية وبعض الأوراق القديمة التي ما زال يحتفظ بها كتذكار يحفظ له محطات شبابه.
كان ينقل الحاج خضر الخضار والفواكه وغيرها من أنواع البضاعة من ميناء بيروت الى مختلف الدول العربية، لا سيّما العراق ودول الخليل، غير أنه يحن للكويت أكثر من غيرها، كون العمل كان مريحاً، "السيارة كان فيها تبريد، كنا مدللين". ثم تابع "الكويت كانت أكثر بلد تحترمنا كفلسطينيين، كوننا من علمناهم في مختلف المجالات".
الحاج خضر منذ عامين يجلس في شارع الشلالة بالخليل العتيقة، يبيع بعض الأدوات التقليدية، طلبنا منه أن نتمشى قليلاً في تلك الزقاق، وبينما كنا كذلك رحل لذاكرته العشرينية، "كنا نذهب للكراج في الشام، بعد العصر نلف بالشوارع والسينما، ونذهب لسوق الحميدية، ونذهب للمتنزهات والأراجيل، قهوة الحجاز في الشام، لم يكن عندنا هنا ترفيه لكنه كثير في تلك البلاد، أما العراق أجمل ما فيها التمور وطيبة سكانها، بسيطين جدا".
بعد حرب 1967 عاد خضر للخليل، وعقد قرانه على زوجته الحالية بينما كان عمره 25 عاما، ثم رجع لتلك البلاد حتى نجح بإتمام موضوع (لم الشمل)، فعاد للوطن في السبعينيات من القرن الماضي، واشترى سيارة أردنية وعمل على خط غزة عمان، سرعان ما اشترى سيارة أخرى ليعمل في الضفة على خط الخليل نابلس.
عند سؤال الحاج خضر عن الحدود العربية، عدّل جلسته على الكرسي ثم قال "كان هناك حدود، لكنها ليست كما اليوم، فنحن السائقين كان لنا في درعا، الرمثا، المصنع ببيروت، الحدود السورية اللبنانية نافذة خاصة، فقط نقدم جوازنا، يختم لنا الموظف بسرعة، دقائق معدودة ونمر عبر الحدود، وفي أسوأ الحالات نصف ساعة انتظار".
أما عن الحالة الاقتصادية في حينها فقال الحاج خضر "كنت أفلل السيارة ببلاش، سبعة دنانير، بعدها ارتفعت الأسعار قليلاً، فكان لتر السولار سبع أغورات، ووصل لشيقل واحد حتى عام 2003، لكن بعدها أصبح يرتفع. لأنه عالميا ارتفع، وبعدها نزل الا عندنا لأن ما يرتفع عندنا صعب يرجع ينخفض".
منذ عاد الحاج خضر للوطن في السبعينيات من القرن الماضي، لم يعد لتلك البلاد، فاستقر في الخليل، وأصبح له 9 من الأبناء أربعٌ منهم اناث، وله من الأحفاد قرابة 50 حفيداً.