الصحة: لن ندفع فلساً واحداً
أزمة النفايات بمشافي غزة: طرفان يتقاذفان المسؤولية والضحية مئات المرضى
رايـة- سامح أبو دية
بدأت أزمة نظافة في مستشفيات قطاع غزة أول أمس الاثنين، بعدما قام جميع عمال العاملين في شركات النظافة بالإضراب الشامل عن العمل لليوم الثالث على التوالي؛ احتجاجا على عدم صرف رواتبهم منذ 5 شهور.
المشكلة ظهرت بتراكم المخلفات الطبية داخل أقسام المستشفيات، ثم تفاقمت في ظل عدم قدرة الأطباء والممرضين على أداء مهمتهم بمعالجة المرضى في بيئة نظيفة ملائمة، وصولا الى توقف اجراء عدد من العمليات الجراحية المجدولة، وفق وزارة الصحة بغزة.
عمال النظافة في مستشفيات القطاع بلغ عددهم 835 عاملا وعاملة ضمن 13 شركة، أعلنوا الاضراب عن العمل في جميع المستشفيات والمرافق الصحية، ونظموا اعتصاما احتجاجيا مطالبين جميع الأطراف بصرف رواتبهم المتأخرة منذ 5 شهور.
وردد العمال المعتصمون داخل المستشفيات أمس الثلاثاء؛ هتافات غاضبة تطالب جميع الجهات (في غزة والضفة) بسرعة صرف رواتبهم المتأخرة، دون الإشارة الى الجهة المسؤولة عن أزمتهم.
وأوضح الناطق باسم العمال نبيل أبو عقلين، أن الأوضاع المادية والمعيشية لعمال النظافة وصلت الى مستوى خطير ومأساوي، "ولم يعد بإمكانهم تحمل عدم صرف رواتبهم أكثر من ذلك".
وطالب أبو عقلين وزارتي الصحة والمالية في غزة والضفة؛ القيام بدورهم لإنهاء ازمة هؤلاء العمال و"تفريج الكرب عنهم"؛ حتى يتمكنوا من القيام بعملهم داخل المستشفيات.
وردا على اتهامهم بوصفهم بأن خطوتهم "عملا غير انساني"؛ قال "إن بقائنا لعدة أشهر دون رواتب هو عمل غير انساني أيضا، كيف يمكننا أن نعيش ونعيل أسرنا؟".
وفي ظل التحذير من ازدياد الوضع سوءا داخل المستشفيات، لم يحدد عمال النظافة المسؤول عن الأزمة، الا أنهم حملوا المسؤولية للمتسببين في تأخر صرف رواتبهم وليس العمال، محذرين من ارتفاع مستوى الخطورة، في ظل استمرارهم في الاضراب حتى تحقيق مطالبهم.
أنعام الطويل إحدى عاملات النظافة في مستشفى الشفاء بغزة، تقول: "وصلنا الى وضع معيشي صعب للغاية ولا يمكن وصفه، 5 شهور لم نتلقى رواتبنا، والبعض يطالبنا برحمة المرضى، دون النظر لحالنا البائس الذي وصلنا له".
وتساءلت الطويل: "من يرحمني عندما يقوم صاحب البيت بمطالبتي بثمن الإيجار، ومن يرحم أبنائي الذين حرموا من مصروفهم اليومي ومن شراء ملابس بدل المهترئة؟، حرمنا من كل شيء ويطالبوننا بالرحمة؟".
تضيف تلك السيدة لـ"رايــة"، وقد بدت الدموع على وجهها فجأة: "أستيقظ مبكرا الساعة الخامسة فجرا وأذهب الى مكان عملي بالمستشفى مشيا على الأقدام في الموعد المحدد؛ نظرا لعدم امتلاكي ثمن المواصلات".
وطالبت الطويل كافة الجهات في غزة والضفة، بـ"النظر بعين الرأفة، النظر قليلا" والعمل على صرف رواتبهم في أقرب وقت، حتى يتمكنوا من تسيير حياتهم.
وخلال الحديث مع تلك السيدة، تدخلت زميلة لها "عاملة نظافة"، معربة عن أسفها وعدم رضاها لقيامهم بالإضراب عن العمل وترك المرضى دون بيئة صحية ملائمة، تقول: "يصعب علينا مشاهدة مظاهر تراكم القاذورات والقمامة والمخلفات الطبية، الا اننا لا نملك طريقة أخرى لنيل حقوقنا الطبيعية".
من جانبهم، حذر الأطباء من حدوث مكرهة صحية داخل المستشفيات وانهيار المنظومة الصحية في حال استمرار هذا الأمر، داعين جميع الأطراف الى إنهاء الأزمة في أسرع وقت.
كما عبّر عدد من الأطباء عن شكواهم ووقوفهم عاجزين عن تقديم الخدمة للمرضى داخل الأقسام وغرف العمليات، محذرين أيضا من احتمال انتشار الأمراض والعدوى بين المرضى والزوار وحتى الطواقم الطبية العاملة بينهم.
من جهتها، قالت وزارة الصحة في الضفة إن أزمة عمال النظافة في غزة "مفتعلة من قِبل القائمين على الوزارة بغزة"، وإنها "لن تدفع فلسا واحدا لشركات النظافة في قطاع غزة".
وأوضح أسامة النجار الناطق باسم الوزارة لـ"رايــة"، ان السبب في ذلك هو "رفض التزام القائمين على الوزارة بغزة بقرارات حكومة الوفاق الوطني بأن يقوموا بدفع مستحقات هذه الشركات من مالية غزة؛ من الأموال التي يتم جبايتها من رسوم القطاع الصحي والتأمين".
وأشار النجار الى أن وزارة الصحة برام الله تقوم بتوريد عشرات الشاحنات من الأدوية والمستلزمات مجانا كل أشهر، متسائلا: "يتقاضوا رسوما عن كل حبة من الدواء التي نرسلها لهم مجانا؛ أين تلك الرسوم التي يجمعوها؟".
وعن طريقة حل الأزمة، دعا الى تمكين الحكومة في قطاع غزة من ممارسة عملها بكل تفاصيلها، كما دعا لوقف ما وصفه بـ "عمليات التحريض" التي تمارسها.
وفي ردها على اعتبار الأزمة مفتعلة، قالت وزارة الصحة بغزة إنها لن تدخل في سجال اعلامي، مضيفة: "هذا أمر لن نقبله ولن نذهب إليه".
وأشارت الى أن خدمات النظافة توقفت في 13 مستشفى و51 مركزا للرعاية الأولية بالإضافة الى 22 مركزا اداريا لوزارة الصحة، منوهة الى أن ذلك ينعكس على كافة خدمات الوزارة.
وتابعت: "نحن نصف الحالة من ناحية فنية وكل من هو معني في حلها فليقوم بذلك"، في اشارة الى عدم مسؤوليتها عن حل الأزمة.