جامعة النجاح تستضيف زوجة المفكر الراحل إدوارد سعيد وتعرض فلماً عن حياته
إستقبل الأستاذ الدكتور ماهر النتشة، القائم بأعمال رئيس جامعة النجاح الوطنية، في مكتبه السيدة مريم سعيد، زوجة المفكر الفلسطيني العالمي الراحل البروفيسور إدوارد سعيد، والوفد المرافق لها بحضور الدكتور محمد العملة، نائب رئيس الجامعة للشؤون الأكاديمية، والدكتور حسن أيوب، رئيس قسم العلوم السياسية في الجامعة، وخالد مفلح، مدير العلاقات العامة.
وأبدى الأستاذ الدكتور النتشة فخره باستضافة السيدة مريم باعتبارها زوجة أحد أعظم المفكريين الفلسطينيين الذين كان لهم تأثير كبير على مستوى العالم، مقدّماً نبذة صغيرة عن جامعة النجاح وأهم البرامج والتخصصات التي تقدمها ومن ضمنها الآداب بأنواعها وخصوصاً اللغة الإنجليزية والأدب المقارن الذي عمل الراحل سعيد على تدريسيه في جامعة كولومبيا الأمريكية.
إدوارد سعيد مُنظر أدبي فلسطيني وحامل للجنسية الأمريكية، كان أستاذاً جامعياً للغة الإنكليزية والأدب المقارن في جامعة كولومبيا في الولايات المتحدة الأمريكية ومن الشخصيات المؤسسة لدراسات ما بعد الكولونيالية، كما كان مدافعاً عن حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني، وقد وصفه روبرت فيسك بأنه أكثر صوت فعّال في الدفاع عن القضية الفلسطينية.
كان إدوارد سعيد من الشخصيات المؤثرة في النقد الحضاري والأدب، وقد نال شهرة واسعة خصوصاً في كتابه (الاستشراق) المنشور سنة 1978، حيث قدّم كتابه أفكاره المؤثرة عن دراسات الإستشراق الغربية المتخصصة في دراسة ثقافة الشرقيين، وقد ربط إدوارد سعيد دراسات الاستشراق بالمجتمعات الإمبريالية واعتبرها منتجاً لتلك المجتمعات.
كما عُرف إدوارد سعيد كمفكر عام، فكان يناقش أمور ثقافية وسياسية وفنية وأدبية بشكل دائم من خلال المحاضرات والصحف والمجلات والكتب، ومن خلال تجربته الشخصية كفلسطيني المنشأ ترعرع في فلسطين في وقت النكبة، دافع إدوارد عن إنشاء دولة فلسطين إضافة إلى حق العودة الفلسطيني، كما طالب بزيادة الضغط على إسرائيل وخصوصاً من قبل الولايات المتحدة، كما انتقد العديد من الأنظمة العربية والإسلامية، وحازت مذكراته «خارج المكان» المؤلفة سنة 1999 على العديد من الجوائز مثل جائزة نيويورك لفئة غير الروايات، كما حاز سنة 2000 على جائزة كتب (أنيسفيلد – ولف( لفئة غير الروايات وغيرها.
ونظّم قسم العلوم السياسية وكلية الإقتصاد والعلوم الإجتماعية ودائرة العلاقات العامّة في الجامعة وبالتعاون مع مؤسسة ((Barenboim - Said عرضاً للفلم الذي يتحدّث فيه سعيد عن مقتطفات من حياته والذي يحمل عنوان (الذات والآخرون)، حيث جرى عرض الفلم في مسرح سمو الأمري تركي بن عبد العزيز في الحرم الجامعي الجديد.
وحضر عرض الفلم، السيدة مريم سعيد، زوجة الراحل البروفيسور إدوارد سعيد، والدكتور سامح عطعوط، عميد كلية الإقتصاد والعلوم الإجتماعية، والدكتور حسن أيوب، رئيس قسم العلوم السياسية، والدكتور أحمد قبها، أستاذ الأدب المقارن في جامعة النجاح الوطنية، وعدد من ممثلي مؤسسة (Barenboim – Said) بالإضافة إلى عدد من طلبة المدرسة الأمريكية الذين جاؤوا خصيصاً لحضور الفلم، وعدد من أعضاء الهيئتين الأكاديمية والإدارية في الجامعة وحشد من طلبة الجامعة من مختلف التخصصات.
وافتتح الدكتور أيوب عرض الفلم بكلمات خاصة حيث قال "لم يسبق لي أن شعرت بالتردد والخوف مثلما أشعر الآن، فأمامي بضع دقائق أقدم فيها ما يمكن أن نعتبره تمهيداً لهذه الفعالية شديدة التواضع إذا ما قورنت بغزارة فكره وإنسانيته، وإذا ما حاولت الإقتراب من تلمس ملامح قامته الفكرية والفلسفية والمعرفية"
كما أضاف الدكتور أيوب "يرسم إدوارد سعيد بقلمه صورته وصورة المثقف الذي يحتاجه هذا العالم المعذب، المثقف الذي لا توظفه السلطة ولا تحتويه، ولا ينساق للفكر السائد..إنه المغترب الذي تتفوق نزعته الإنسانية على انتماءاته العرقية والقومية أو الحزبية لمصلحة قيم العدالة والحرية".
من جانبه أكد الدكتور عطعوط أن إدوارد سعيد هو مثال للموارد والإمكانات البشرية التي تمتلكها فلسطين في الداخل والخارج، مشيراً إلى أن فلسطين هي دولة موارد بشرية بامتياز وهذا يزيد من المسؤولية على عاتق الجامعات ومؤسسات التعليم للنهوض بالجيل وتخريج الكفاءات القادرة على بناء دولة فلسطينية حرة قادرة على التطور والإبداع.
وقبل عرض الفلم أعربت السيدة مريم سعيد عن سعادتها وفخرها للتواجد في جامعة النجاح، شاكرةً كل من ساهم في تنظيم الفعالية.
وقام الدكتور قبها بنقد الفلم نقداً تفصيلياً مشيراً إلى ان إدوارد سعيد جامعة بحد ذاته وقد صنفته جريدة الغارديان عام 2001 كأكثر المفكرين تأثيراً، مشيراً إلى أن إدوارد سعيد تطرق إلى أغلب كتاباته في الفلم ككتاب الإستشراق حيث تحدّث عن الإستشراق، مشيراً إلى ان هناك فرق بين دراسة ثقافة الآخرين لتوسيع مدار المجتمع العالمي وبين دراستها بغرض الهيمنة والسيطرة عليهم.
وأضاف الدكتور قبها أن سعيد تحدّث في فيلمه بإسهاب عن الهوية مشيراً إلى تعدد الهوية في شخصيته فهو الذي عاش في فلسطين قبل أن يدرس في القاهرة وينتقل بعدها إلى أمريكا، كما تحدّث سعيد في الفيلم عن المنفى ورأيه بالتمسك بالأرض، كما تناول تجربة الفلسطينيين في المنفى كمحور لدراساته.
كما أشار الدكتور قبها أن الفلم تناول فكرة الطباق التي تناولها سعيد في دراساته وهي التي تأتي من الموسيقى التي لطالما عشقها سعيد في حياته حيث يرى أن على الناقد الأدبي أن ينظر إلى التجارب الإنسانية بخطوط متوازية كالنوتات الموسيقية.
ويرى سعيد في فلمه أن على المثقف أن يحافظ على مسافة للسلطة ويجب أن تكون رؤيته نقدية ومصدر للأمل كوجهة نظره من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فضلاً عن وجهة نظره من تغطية وسائل الإعلام الغربية ونظرتهم للعرب والمسلمين وتأثيرهم على الفكر الغربي.
وبعد الفلم طرح الحضور مجموعة من الأسئلة على السيدة سعيد عن الراحل إدوارد ومنها: هل كانت إستقالته من المجلس الوطني الفلسطيني بسبب مرضه أو بسبب معارضة سياسية؟ ولماذا لم يستوعب إدوارد سعيد فكرة الوطن وحب المكان والرجوع إليه؟، وأين يرى إدوارد سعيد نفسه كإنسان من الصورة النمطية التي رسمها الغرب عن الشرق؟.
وأجابت السيدة سعيد أن استقالته من المجلس الوطني جاءت بسبب معارضته لسياسة المجلس، مشيرةً إلى أن نمط حياة إدوارد التي كانت في المنفى فضلاً عن أنه كان شخصية عالمية بامتياز أثرت على تفكيره بمفهوم التمسك بالمكان، مجيبةً عن السؤال الأخير بأن إدوارد دمج في نمط حياته بين الغرب الذي عاش فيه أغلب حياته والشرق الذي ينتمي إليه إلا أنه تعامل مع الجميع باختلاف مستوياتهم وإمكانياتهم من منطلق إنساني.