خاص
التجاعيد وثيقة تاريخية بين يدي الفنانة نواهل مشارقة
الخليل- رايــة: طه أبو حسين-
"عندما أشعر بالصورة التي أرسمها خاصة الوجه المتجعّد، أستغني عن الريشة تلقائيا، فأكمل الرسم بيدي كأني أغوص بالملامح، وأحياناً أصقلها بدموعي"، قالت الفنانة نواهل مشارقة من مدينة دورا جنوب الخليل.
لم تكتفِ نواهل بدمج دموعها وإحساسها بلوحاتها، بل راحت تطلق العنان لجنونها الذي وجدت فيه حياة تدبّ في لوحاتها وإن كان لنفسها فقط كما تقول، "جنوني وفضولي دفعاني لتجربة كل شيء، حتى أني ذات مرة قصصت بعض شعري وشكلت منه فرشاة للوحتي، وأحيانا أستخدم السرنجة الطبية "الابرة" للرسم، ومرات أخرى أعمل قرطوس الحنا وأضع فيه الألوان لأرسم الخطوط التي تخدمني في رسماتي".
"كان أستاذي بالرسم يستغرب كيف تخرج معي هذه الأفكار الإبداعية، ويقول دورا فيها 99 شيطاناً، أنتِ من يطلع منهم ويدور الخليل ويعود الى أرضه" قالت مشارقة والضحكة قرينتها.
تلك الأفكار الجنونية كما تسمّيها نواهل في لوحاتها الفنية عادة ما تلجأ إليها في أوقات معيّنة ورسومات محددة "أجد متعة في رسم الوجوه المتجعدة لأن الوجه فيه كل شيء، فالعيون مرآة الشخص، ومن خلالهما أدخل لشخصية صاحب الصورة وأبدأ بالتعبير عنه وملامحه وأعكس ما بداخله".
قلم الرصاص والحبر والفحم، أسلحة نواهل الثابتة، يضاف إليها المحرمة والألوان الزيتية، والريش بمعظم قياساته خاصة الرفيعة التي تساعدها برصد التفاصيل الصغيرة والتجاعيد.
سرّ نواهل برسم التجاعيد وتفاصيلها كما كشفت عنه "أبي يعمل في إسرائيل متعهد، كان كل يوم يغادر عمله ويديه مجروحتين ومتسختين بالباطون والرمل، حتى يده لا تغلق بشكل كامل من شدة التعب، وكل ذلك حتى يوفر لنا حياة كريمة، لهذا كلّما رأيت تجاعيداً أتمعنها وأتخيل حجم المر الذي يرافق صاحبها في حياته، بالإضافة لعيونهم التي أعتبرها مفتاح الدخول لما في قلوبهم والتي تعبر عن ظروفهم المعيشية، فهي ببساطة كوثيقة تاريخية قديمة بين يدي".
الفنانة نواهل مشارقة "29 عاما" من قرية المجد في دورا جنوب محافظة الخليل، بكالوريوس تاريخ فرع جغرافيا، بدأت مسيرتها الفنية بينما كانت في الصفوف المدرسية الابتدائية، ثم طورتها من خلال دورات عدة في الوطن وخارجه، أوصلتني لبداية الطريق التي أشق تفاصيلها اليوم عبر مشاركتي بمعارض محلية ودولية آخرها معرضاً في روسيا.