خاص
التنسيق الأمني مع إسرائيل مستمر.. لكنه انخفض!
أدهم مناصرة-
أكد مصدر أمني فلسطيني لـ"رايـة" أن التنسيق الأمني مع إسرائيل انخفض مستواه إلى حد كبير منذ إعلان الرئيس محمود عباس وقفه قبل أشهر، وبات مقتصراً الآن على التنسيق الميداني فقط؛ إذ توقفت اللقاءات الروتينية على مستوى رفيع بين قادة الأمن من الجانبين بشكل شبه كامل.
وكان الرئيس عباس أكد خلال لقاء مع رئيس حركة ميرتس، زهافا جالون، أن التنسيق الأمني لم يُجمَّد على الرغم من عدم وفاء إسرائيل بالتزاماتها.
ويفسر المصدر "التنسيق الميداني" بالقول إنه ذلك الذي يتضمن ابلاغ الجيش الإسرائيلي للأجهزة الأمنية الفلسطينية شفوياً بإقتحام هذه المنطقة او تلك، وذلك لتلافي أي احتكاك مباشر بين الطرفين، موضحاً أن هذا الشكل من التنسيق اضطراري ومُلح (وليس خيارنا)؛ بغية تلافي خطر وقوع اشتباك مسلح بين الأمن الفلسطيني وقوات الاحتلال.
ويعترف المصدر بحدوث بعض اللقاءات الميدانية الملحة والمرتبطة بحياة المواطنين الفلسطينيين، علاوة على التواصل حينما تقع جريمة قتل مثلاً على خلفية جنائية، ويهرب القاتل إلى داخل إسرائيل، فحينها لا بد من ابلاغ الطرف الإسرائيلي والطلب منه بتسليمه. غير أن الجانب الإسرائيلي لا يستجيب غالباً لهذه المطالبات خاصة عندما يتعلق الأمر بقاتل يحمل الهوية الإسرائيلية؛ لانه ليس بمقدور المحاكم الفلسطينية أن تُحاكمه وفق الإتفاقيات المبرمة.
ولعل ما قاله هذا المصدر الأمني، يُدلل أن هناك مُبررات وحججاً للمستوى الامني الفلسطيني تحول دون وقف التنسيق الأمني بشكل كامل نظراً لما يسميها بأمور واقعية على الأرض، وتتعلق بتداخلات حياتية وأمنية في إطار جغرافي ضيق بالمناطق الفلسطينية. ويضع هذا التصريح علامات تساؤل كبيرة حول إمكانية الوقف الكامل لهذا التنسيق بناء على القرار الأخير الذي أكد عليه المجلس المركزي لمنظمة التحرير.
ويقول المصدر، إن الساسة عندما يطلقون تصريحات مُطلقة بشأن وقف التنسيق مع إسرائيل، فإنهم يدركون أنهم يتحدثون عن "المُمكن" و"النسبية" في سياق الواقعية، ما يعني أنهم لا يستطيعون أن يُوضحوا كل تعبير للرأي العام الفلسطيني، ولكن الإعلام يوضح هذه الامور.
وبالنظر إلى اشكال أخرى للتنسيق، فإن التنسيق بين السلطة بخصوص الجوانب المدنية، فأيضاً هي مستمرة، ولكن لربما تغيرت امور شكلية، فمثلاً التنسيق بخصوص العمال الفلسطينيين داخل اراضي 48 لم يعد مباشرة مع وزارة العمل التابعة للسلطة، وإنما من خلال الشؤون المدنية الفلسطينية التي تمثل حلقة الوصل بهذا التنسيق.
يُذكر أن إسرائيل أبلغت السلطة الفلسطينية عن هوية الشاب الذي اغتالته قبل اسبوعين، عبر "هيئة الشؤون المدنية الفلسطينية" التابعة للسلطة أيضاً، ناهيك عن تنسيقات متعلقة بالحركة التجارية والزراعية والحياة اليومية للفلسطينيين، فالاحتلال يتحكم بكل شيء.
وكانت الصحفية الإسرائيلية الناشطة، عميرة هس، ذكرت في مقالها بصحيفة هآرتس العبرية، "أنه حتى بعد الخطاب الحربي للرئيس عباس، فإن البيروقراطية احتلت منظمة تحرير، وبعد توصيات المجلس المركزي الأخيرة، فإن السلطة الفلسطينية مجبرة للاستمرار كمقاول من الباطن لإسرائيل، والتعاون معها في إدارة الشؤون اليومية، في العمل والزراعة وحتى في الحسابات البنكية لمواطنيها".
وتابعت عميره هس في "هآرتس"، "إن مواطنا من القدس يسكن في أحد الأحياء الواقعة خلف جدار الفصل، توجه إلى رام الله لفتح حساب بنكي، لكن البنك الفلسطيني رفض عمل حساب له، وطلب منه تجديد بطاقة الهوية الإسرائيلية الخاصة به لأنها منتهية. وقالوا له: مهما كانت الظروف نحن ملزمون بالقوانين".
واعتبرت هيس أن هذا مثال على استمرار السلطة الفلسطينية ومؤسساتها مجبرة كمقاول "ضمني" لإسرائيل.