خاص
"طوابير الانتظار" تُلخّص المأساة في غزة
رايـة: سامح أبو دية-
ما أن تعلن وزارة التنمية الاجتماعية عن موعد صرف المخصصات النقدية للمستفيدين والمستحقين؛ حتى يبدأ آلاف المواطنين بالتدفق والاصطفاف أمام البنوك الفلسطينية المنتشرة في قطاع غزة، لاستلام شيكاتهم النقدية، لسد احتياجاتهم المتراكمة ولو بشكل مؤقت.
مشاهد الطوابير الطويلة التي تصطف منذ بزوغ الفجر؛ أمام البنوك، في أجواء الشتاء والبرد، لاستلام مخصصات مالية تصرف لهم مرة واحدة كل ثلاثة شهور، بحد أعلى 1800 شيقل، قد تكون كفيلة بشرح المعاناة المريرة لآلاف العائلات الغزية، في ظل استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية.
المواطن "أبو السعيد"، صلى الفجر، ثم انطلق مباشرة لحجز دور متقدم أمام فرع البنك شمال قطاع غزة، بعد انتظار دام 3 أشهر، يقول: "انتظر دوري هنا منذ 4 ساعات، وكلي أمل أن اتمكن من استلام مخصصات أسرتي خلال اليوم لتلبية مستلزمات الأسرة المؤجلة منذ أسابيع".
عائلة أبو السعيد تنتظره بفارغ الصبر، كل فرد فيها ينتظر تلبية طلبه المنتظر منذ أكثر من شهرين، أحدهم اشتهى نوع من الطعام "شواء" وقد طلبه، وآخر ينتظر شراء ملابس شتوية، وآخر سيشتري مستلزمات مدرسية، أما رب البيت فينتظر استلام المبلغ لسداد جزء من ديونه المتراكمة.
يقول: "استلم مبلغ قرابة 1000 شيقل، بمعدل 350 شيقلا شهريا، في حين أسرة مكونة من 8 أفراد تحتاج الى ضعف مبلغ مخصصات الوزارة ولكن بصورة شهرية"، مطالبا وزارة التنمية الاجتماعية بتحسين المبلغ في ظل تدهور الاوضاع الاقتصادية.
نحو 75 ألف أسرة فقيرة في غزة، تستفيد من مخصصات وزارة التنمية الاجتماعية المقدمة من الاتحاد الأوروبي، والتي تصرف لها كل ثلاثة أشهر فقط.
أما المواطن أبو شادي عقل، فقد توجه لاستلام مخصصات أسرته، فيما استغرق الأمر منذ الساعة الثامنة صباحا حتى الساعة الثالثة عصرا، يقول: "لا أستطيع تأخير الاستلام ليوم واحد نظرا لكثرة الديون والالتزامات".
يضيف عقل: "استلم مبلغ 1800 شيقل كل 3 أشهر، وهو مبلغ بالكاد يسد رمق عائلة مكونة من 9 أفراد، وهو فقط مصدر الدخل الوحيد في ظل هذه الظروف الصعبة التي نعيشها بغزة"، مشيرا الى أن المخصصات تكفي فقط لتغطية المستلزمات الاساسية للعائلة.
الثلاثاء الماضي، استلم المواطن عقل مخصصاته، ثم انطلق مسرعا لسداد بعض من ديونه المتراكمة "في محال البقالة وموزع الغاز والصيدلية والديون النقدية"، فيما لم يصمد المبلغ الى نهاية اليوم، يضيف: "انتهى المبلغ بنهاية اليوم ولم اتمكن من سداد ثمن مياه الشرب التي نشتريها من الموزع بالاستدانة".
الأربعينية أم العبد، تقول وقد أرهقها الانتظار وسوء الحال: "مصاريف البيت كثيرة، وهناك مصاريف ومستلزمات أخرى، مثل اللوازم المدرسية والجامعية، فضلا عن مستلزمات فردية أخرى"، معتبرًة مخصص التنمية الاجتماعية بمثابة "المنقذ" لأسرتها.
معاناة متجددة لعائلة السيدة أم العبد تنتظرها في كل يوم جديد، تضيف: "زوجي لا يستطيع إعالة الاسرة بسبب مرضه، ولدينا أطفال مدارس وطلبة جامعة"، متسائلة عن قدرة مبلغ 1200 شيقل في تغطية كافة الالتزامات.
وتشير السيدة الى أن تفاقم المعاناة خلال نصف العام الماضي، سببها تقليص مخصصات الوزارة التي انخفضت من 1800 الى 1200 شيقل فقط، دون ابداء أسباب هذا التقليص، وفق تلك السيدة.
يذكر أن وزارة التنمية الاجتماعية قررت صرف المخصصات النقدية للمستفيدين والمستحقين أو أمس الثلاثاء.