عطش في الغور
مجدولين زكارنة-
البقاء على قيد الحياة بأدنى الاحتياجات بات جريمة في نظر سلطات الاحتلال ومهمة صعبة يحاول الغوريون اتقانها ليحافظوا على حياتهم ومصادر رزقهم.
حملات تجريف متمددة ومتواصلة في الاغوار الشمالية تنفذها اليات الاحتلال للتفتيش على نقطة مياه واحدة تفيد سكان الاغوار في قيظ آب بالتزامن مع تخفيض شركة ميكروت الاسرائيلية لكمية المياه لاهالي الاغوار لصالح مستوطنيها.
"فتحات مياه غير شرعية" حجة الاحتلال الدائمة لعمليات التجريف في اراضي المواطنين التي تواجه مزروعاتهم خطرا دائما أمام حر الصيف.
وبحسب دراسة نشرت مؤخرا فإن بلدة عين البيضاء -وهي احد المناطق التي يستهدفها الاحتلال- عانت من تراجع في مساحة الأراضي المروية من نحو 7000 دونم الى 1800 دونم نتيجة حفر سلطات الاحتلال لبئر ارتوازي على أراضي المنطقة تسبب في جفاف آبار المزارعين الفلسطينيين الجوفية في الأغوار الشمالية.
الحكومة حذرت من استمرار الاحتلال بالسيطرة على مصادر المياه والثروات الطبيعية الفلسطينية، وتخصيصها لخدمة الاستيطان والمستوطنين، ووصفته بـ"حرب على الوجود الفلسطيني" في الوقت الذي تنمي سلطات الاحتلال اقتصادها وتغذي مستوطناتها من مياة الاغوار .
وشهد مدخل قرية عين البيضا في الاغوار اليوم تجمعا لمتضامنين محتجين على تخفيض حصة السكان من المياه بيد ان جيش الاحتلال فرض حصارا على المنطقة ومنع المتضامنين من الوصول الىها.
و يطارد كابوس السيطرة على منابع المياة في الاغوار المزارعين والرعاة الذين يقفون الان حائرين أمام كارثة وشيكة تهدد مصادر الرزق الوحيدة التي تضمن بقاءهم على هذه الأرض .
أحد المزارعين الذين ادلوا بشهاداتهم وهو من منطقة الفارسية بالاغوار قال انه كان يملك قرابة 20 دونما مزروعا بالحمضيات قبل ان يسحب الاحتلال مياه المنابع لتتحول نصف ارضه الى جرداء قاحلة ويبقى النصف الاخر مرهونا بقدرة المزارع على شراء المياه التي يملكها بالاصل من شركة الاحتلال باسعار عالية ترهق جيبه.
رئيس جمعية الحياة البرية الفلسطينية عماد الاطرش قال ان منطقة المالح الغورية التي تعتبر من اغنى المناطق بالمياة الطبية اصبحت قاحلة بعد ان سحب الاحتلال مياهها الجوفية بنسبة 95%.
الكثير من سكان الاغوار رحلوا بعد ان هددهم القحط وقلة المياه ليبحثوا عن اماكن اخرى تتوفر فيها المياة، بعض السكان الذين اصروا على البقاء نقلوا المياه من مناطق بعيدة بالصهاريج خاصة في قرية بردلة التي يسكنها نحو 4000 نسمة جرف الاحتلال مصادر مياههم بحجة عدم الترخيص، وفي المقابل تنمو المساحات الخضراء بشكل يثير شعور القهر بأنفس الغوريين في مستوطنة "ميخولا"،المقامة على أراضي بردلة بعد ان ذهبت المياه اليها لتترك اراضي البردليون قاحلة.
أحد مربي الطيور اللاحمة ذكر ان طيوره تهلك بالعشرات يوميا لقلة المياه في بردلة ويحاول شراء المياه ونقلها لمسافات بعيدة لانقاذ ما يمكن من طيوره.
وفي خربة يرزا في منطقة السفوح الشرقية حاولت الجهات المعنية تنفيذه اول مشروع تنموي مستدام ينفذ للسكان ويمكنهم من مد خطوط المياه ولكنه فشل بعد ان اوقفت السلطات الاسرائيلية تنفيذه قبل اعوام.
ويقول تقرير رسمي فلسطيني ان اسرائيل حفرت (27 بئرا)، ذات طاقة انتاجية عالية في مناطق الأغوار،والتي تتغذى من الطبقات الجوفية الجبلية العميقة والتي تؤثر سلباً على التغذية الجانبية للآبار الفلسطينية والذي بدوره يضعف الآبار الفلسطينية الضحلة أساسا، حيث يقدر معدل الاستخراج السنوي للآبار الاسرائيلية بحوالي 35 م م3.
التهجير والاحلال مصطلحان يهدد الاول حياة سكان الاغوار ويفرغها من أهلها الاصلين أما الثاني فيتعلق بالمستوطنين الذين جاءت بهم اغراءات الحركة الصهيونية الى فلسطين قبل 70 عاما ليستوطنوا في ارض قدمت لهم مالم يعيشوه يوما في اي مكان.